رحلة بعد الغروب الحلقة الثامنة -1-

 

·      ما سبب الأمراض؟

·      ظهور الفحشاء: ((يا مَعْشَرَ المهاجرينَ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم)) صحيح الجامع. نسأل الله السلامة والعافية.

·      بالنسبة لهذا الحديث، يوجد انتشار -نسأل الله السلامة والعافية- للرذيلة، ولما الرذيلة تكون مخفية يكون الأمر مختلف، عن أن تخرج أبواق قذرة، أبواق قذرة تقول للناس: أن هذا شيء عادي، وأن ممارسة الجنس قبل الزواج هذا شيء عادي، وأن الشذوذ هذا شيء عادي. هذا اسمه فشا، فشا فيهم، لما تظهر، تظهر هذه الرذائل! يعني انظري الرسول صلى الله عليه وسلم "لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم" لأنهم بدأوا يتكلمون، ويتبجحون، ويتجرأون على محارم الله! بدلاً من أن الذي يعمل هذه القذارة وهو في الخفاء، لا!

·      أصبح هناك مناداة الآن! أصبح هناك مناداة بالقذارة -نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله السلامة والعافية- انظري أصلاً الشباب لما يتكلمون عن ظاهرة الزواج العرفي التي هي تساوي زنا، الزواج العرفي بين الشاب والفتاة هذا عبارة عن زنا، زنا! لكنهم يكذبون على أنفسهم. هذه طبعاً سبب من أسباب ظهور الأمراض.

·      كذلك من أعظم أسباب الأمراض دعوة المظلوم: فمن أعظم الأسباب التي تصيب بالمرض أن يدعو المظلوم على من ظلمه بأن يبتلى، يعني عندما يكون واحد ظالم والثاني-المظلوم- يقول: ربنا يمرضك! ربنا ينتقم منك! ربنا يسلط عليك الهم والغم -نسأل الله السلامة والعافية- حسنٌ؟

·      ((وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ان رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعَثَ معاذَ بنَ جَبلٍ إلى اليمَنِ، فقالَ اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ؛ فإنَّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللَّهِ حجابٌ)) صحيح الترمذي.

·      ومن ذلك -يعني الشيخ أورد السبب وأورد ما سبب قوله هذا- ومن ذلك أن امرأة ادعت على سعيد ابن زيد ابن عمرو ابن نفيل أنه أخذ شيئاً من أرضها، فقال سعيد -انظري لمن يأخذ حق ليس حقه، البخس في الحقوق، وسرقة حق الغير. أنظري ماذا قال سعيد ابن زيد؟ - فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعمي بصرها، وأقتلها في أرضها. قال عروة ابن الزبير: ما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت. وفي رواية لمسلم: أنها رؤيت عمياء تلتمس الجدر، تقول: أصابتني دعوة زيد، وأنها مرت على بئر في الدار التي خاصمته فيها فوقعت فيها، وكان قبرها، نسأل الله السلامة والعافية.

·      أبو لهب –مثال آخر- وهو الذي نزلت فيه سورة المسد، أخذ الله أبا لهب بمكة، إذ أصابه بمرض خبيث يقال له: العدسة، يقال له العدسة، وكان ذلك يوم هزيمة المشركين ببدر، فما أن بلغه هزيمة قومه، حتى أصيب بمرض العدسة، فمات شر ميتة، حتى أنهم لم يقدروا على تغسيله، فصبوا عليه الماء من بعيد، من شدة الرائحة الكريهة التي تفوح من جسمه الذي نضج وتهرى! بصورة -تآكل وعفن، نسأل الله السلامة والعافية- بصورة لم يعرف لها نظير، في طريقه إلى جهنم وبئس المصير، العدسة مرض جلدي؛ لأنه معدي لا أحد رضي أن يقترب منه! لغاية أن انتفخ وعفن، وهدموا عليه داره.

·      الأسود ابن عبد يغوث، كان من المستهزئين، وكان إذا رأى فقراء المسلمين قال لأصحابه: هؤلاء ملوك الأرض الذين يرثون ملك كسرى! طبعاً كان يسخر! لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان وعد الصحابة عند حفر الخندق، وفتحت، فكان يسخر منهم، فكان يقول على النبي صلى الله عليه وسلم -مستهزئاً به- أما كلمت من السماء اليوم يا محمد؟ خرج هذا العبد -عدو الله- من أهله يوماً، فأصابه السموم، فأصابه السموم، فاسود وجهه، وأصابته، وأصابته الأكلة -مرض- فامتلأ جسمه قيحاً، فمات شر ميتة، فلا رحمه الله، ولا خفف عنه. الأحاديث طبعاً واردة في صحيح البخاري ومسلم.

·      غلام أحمد القدياني – نسأل الله السلامة والعافية- وقد ادعى النبوة، وقذف الأنبياء، وسبهم، وتطاول عليهم، بل ورفع نفسه فوق منزلتهم، وكذب على الله ورسله، فكان جزاؤه من جنس عمله، وأصيب بالكوليرا، حتى ضعف جسمه، وكان يقضي حاجته في فراشه، حتى خرجت النجاسة من فمه -نسأل الله السلامة والعافية- فقد قال أبو زوجته: ولما اشتد مرضه، أيقظوني فذهبت إليه، ورأيت ما يعانيه من الألم. فخاطبني قائلاً: أصبت بالكوليرا. ثم لم ينطق بعد هذه الكلمة حتى مات -نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله السلامة والعافية- هذا وقد نشرت الجرائد الهندية آنذاك أن غلام أحمد المتنبي لما ابتلي بالكوليرا، كانت النجاسة تخرج من فمه قبل موته، ومات وكان جالساً في بيت الخلاء.

·      ومن أهل جهنم من، ومن أهل جهنم من يعذب بالمرض، فمن ذلك أنهم يحشرون وقد فقدوا أبصارهم، يحشرون وقد ماذا؟ وقد فقدوا أبصارهم -نسأل الله السلامة والعافية- فيأتون يوم القيامة وقد أصاب عيونهم العمى، وألسنتهم البكم، وآذانهم الصم، قال تعالى: ﴿وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِۖ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّاۖ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُۚ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ٩٧﴾ [الإسراء:97].

·      ومن ذلك أيضاً عقوبة النائحة بالجرب- نسأل الله السلامة والعافية- التي تقعد تلطم وتشق الثياب، وتصف الميت بأوصاف تجعل كل أهل الميت -تستثيرهم- فيصرخون ويشقون الجيوب! ويشتغلون كلهم أمام بعض-نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله السلامة والعافية- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفَخْرُ في الأحْسابِ، والطَّعْنُ في الأنْسابِ، والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ، والنِّياحَةُ. وقالَ: النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ)). صحيح مسلم.

·      "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب" السربال: وهو القميص، والدرع: هو ما يرتديه المقاتلون في الحرب، وهي من الحديد.

·      قلنا أهمية الدواء وأكدنا على "لا تداووا بمحرم" – نحن سنختم بهذه النقطة، والمرة القادمة إن شاء الله نتعلم كيف أعالج نفسي من ماذا؟ من الأمراض- نقطة " لا تداووا بمحرم" هذه في غاية الأهمية، لا تتداوي بأشياء محرمة! فقد روي عن أبي الدرداء مرفوعاً: "إن الله خلق الداء والدواء، فتداووا، ولا تتداووا بحرام" فتداووا ولا تتداووا بحرام.

·      ((إنَّ اللهَ لمْ يُنْزِلْ دَاءً أوْ لمْ يَخْلُقْ دَاءً إلَّا أنْزَلَ أوْ خلقَ لهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وجَهِلهُ مَنْ جَهِلهُ، إلَّا السَّامَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ وما السَّامُ؟ قال: المَوْتُ)) صحيح بمجموع طرقه

·      وعن أم سلمة أنها انتبذت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبيذ يهدر، فقال: ما هذا؟ انظري! انظري! فقال: ما هذا؟ قالت: فلانة اشتكت، فوصف لها! قالت: فدفعه برجله فكسره. قالوا لها ماذا؟ اشربي خمراً، كي تسكر ولا تحس بالمرض. فالرسول صلى الله عليه وسلم دفعه برجله فكسره، وقال: "إن الله لم يجعل في حرام شفاء" هذا في كل شيء.

·      ((إنَّ اللَّهَ لم يجعَلْ شفاءَكُم فيما حرَّمَ عليكُم)) صحيح

·      تريدين أن تطببي نفسك، تريدين أن تطوري ذاتك، تريدين توقظي قدراتك، تريدين كذا، كذا، كذا، تريدين أن تعالجي نفسك من مس، من سحر، من حسد، ما تتداوي إلا بحلال؛ لأن ما عند الله لا ينال بحرام، ما عند الله وهو الشفاء لا ينال بحرام أبداً، أبداً، من يعمل هذا يعاند ربه، ويحارب ربه، ومن يحارب ربه فإن الله يحاربه، ولذلك الذين يتعاملون بالربا، ربنا قال لهم ماذا؟ ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة:279]، لأنهم مصممين أن يأخذوا مزيداً على قسمتهم، حتى لو كان ماذا؟ حتى لو كان محرماً.

·      وأتى رجل، وعن ابن مسعود قال: إن الله لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم. وأتى رجل لابن مسعود، فقال: إن ابن أخي مريض، واشتكى بطنه، وأنه نعت له الخمر، أفأسقيه؟ قال عبد الله: سبحان الله! ما جعل الله شفاء في رجز، إنما الشفاء في شيئين – انظري للجمال- العسل شفاء للناس، والقرآن شفاء لما في الصدور، العسل شفاء للناس، والقرآن شفاء لما في الصدور.

·      لما يكون البدن مريض اعملي شربة عسل، شرطة محجم، لما يكون صدرك وقلبك ونفسك هي التي مريضة فيكون بماذا؟ بالقرآن، الاستشفاء بتعلم القرآن.

·      حسنٌ يا حبيباتي، نحن عندنا جلسة للتدبر يوم الثلاثاء القادم صباحاً، يوم الثلاثاء القادم، الثامنة صباحاً في قاعة أم مجاهد، حسنٌ؟ ندرس تفسير جزء تبارك، من كتاب: (التسهيل لتأويل التنزيل) للشيخ مصطفى العدوي، نستخرج قبل ما ندخل على السورة، نخرج منها أسماء الله الحسنى، أوصاف الله، أفعال الله، أوصاف المؤمنين، أوصاف الكافرين، أوصاف المنافقين، أهل الجنة، كيف يعامل الله أولياءه، وكيف يعامل الله أعداءه، أركان الإيمان الستة من الإيمان بالملائكة والرسل واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، فهذه تثمر أنك تتعلمين كيف تتدبرين القرآن، وأنتِ ماذا؟ تتليه.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.