القائمة الرئيسية

الصفحات

اسم الله الطبيب الشافي الجزء الثالث -2-

 


·      ولذلك كلمة أنا لست مقتنعة هذه مفروض الأخوات يلغوها، عندما يأتيك أمر من عند ربنا قولي: أنا لست قادرة على نفسي، قولي اشفيني واهديني، ضع يدك على صدرك وقل اهديني وأعني سيعينك والله سيعينك، عندما تصدقي في الطلب.

·      والله لو أنتِ حتى ترتدين بنطلون وكنزة، ووضعت يدك وقلتي: أعني يا رب، أعني على نفسي واشفيني، والكريم لا يرد سائله.

·      والله كان هناك أخوات وأنا كنت أحبهم جدًا وكانوا يرتدون ثياب ليست بحجاب، قالت لي واحدة: أريد أن أقول لك شيء أقول لها: قولي أنا لست قادرة على نفسي لكن لا تردي الحق، عندما تقولي أنا مقتنعة لكن لا أقدر على نفسي، أعني يا رب على نفسي ربنا سيعينك

·      لكن تقول لا لربنا! هذا لا يكون. الذي قال لا لمخالفة الحق لهواه؛ يعاقب بتقلب الأفئدة والأبصار.

·      الأمر الثاني: حذاري من التهاون بالأمر إذا حضر وقته -هذا كلام الإمام ابن القيم -حذاري من التهاون بالأمر إذا حضر وقته.

·       فإنك إذا تهاونت به ثبطك الله وأقعدك على مراضيه وأوامره عقوبة لك. هذا كلام كبير جدًا، موضوع خطير جدًا.

·      إنك عندما يأتيك أمر شرعي المفروض أنك تعمله وعرفت أنَّ هذا حرام ثم أتهاون وأقع في الحرام مرة أخرى إذًا ماذا يحدث؟ يثبطك الله، ويقعدك عن مراضيه وأوامره؛ عقوبة لك، قال تعالى: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ٨٣ [التوبة: 83]

·      ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ٧ [الفاتحة: 7]

·      الضالين: هم النصارى؛ لأنهم يعبدون الله كثيرًا ولكن بدون علم، يعني نظام جدتي وخالتي وعمتي وجارتي تعمل كذا بدون ما يتعلموا قال الله قال رسول الله قال الصحابة أولوا العرفان.

·      عندما تقرأين الفاتحة وتقولي: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤ [الفاتحة: 4] هذا إثبات لنفسكِ، قلبكِ يقول: إني أعلم يقينًا يا رب إني سألقاك، فأعد العدة لهذا اللقاء. حسنًا.

·      ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤ [الفاتحة: 4]. تثبتي له المُلك، مُلك يوم الدين، وتثبتي المُلك لله وحده، وأنَّ هؤلاء الخلق لا يملكون شيئًا؛ لأنَّ المَلِك الحقيقي هو الذي يملك شيء لا يفقده.

·      انتبهوا لهذا الكلام الملك الحقيقي هو الذي يملك شيء لا يفقده، والخلق عندما يملكون فهم يملكون أشياءً يقينًا سيفقدونها؛ لأنهم أصلًا سوف يفقدون حياتهم فكيف لا يفقدون أشياءهم!

·      فأنتِ تعلقي قلبك بواحد وهو مالك الملك، وتحمديه لأنك تري جميل إنعامه، وتتوسلي إليه بجميل إنعامه أن يسخر لك كل شيء؛ لأنه هو الذي يملك كل شيء.

·      فكأن قلبك يقول: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يا رب أنت تملك كل شيء، وتملك يوم الدين، وكذلك تملك الأشياء التي تنفعني بها، تملك الأسباب التي تشفيني بها؛ لأنك المالك.

·      نكمل في خمس دقائق، هذا واعتقاد العبد وإيمانه بأنَّ الشافي هو الله وحده، وأنَّ الشفاء بيده ليس مانعًا من بذل الأسباب النافعة بالتداوي وطلب العلاج وتناول الأدوية المفيدة.

·      فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة في الأمر بالتداوي وذكر أنواع من الأدوية النافعة المفيدة، وأنَّ ذلك لا ينافي التوكل على الله واعتقاد أنَّ الشفاء بيده سبحانه وتعالى.

·      فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ لكلِّ داءٍ دواءً فإذا أُصِيب دواءٌ الدَّاءَ برَأ بإذنِ اللهِ)) صحيح ابن حبان

·      يعني هذا عملية التوفيق؛ أنَّ ربنا ينفعك بالدواء فيصيب الداء، كما قلنا الدواء يوقف تكاثر الخلايا السرطانية، يوقف آلام العصب، يوقف المرض، هكذا هو "أصيب دواء الداء".

·      وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أنْزَلَ اللَّهُ من داءً إلَّا أنْزَلَ له شِفاءً)). صحيح البخاري

·      وفي المسند وغيره عن اسامة ابن شريك رضي الله عنه قال: ((كنتُ عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وجاءتِ الأعرابُ فقالوا: يا رسولَ اللهِ أنتداوى؟ قال: نعم، يا عبادَ اللهِ تداوو فإنَّ اللهَ عز وجل لم يُنْزِلْ، أو لم يضعْ داءً إلا أَنْزَلَ لهُ شفاءً، غيرَ داءٍ واحدٍ قالوا وما هو قال: الهِرَمُ)) أسامة بن شريك | المحدث: البغوي | المصدر: شرح السنة | وفي لفظ:- ((إنَّ اللهَ لم يُنزلْ داءً إلَّا أنزل معه دواءً جهِلَهُ من جهِلهُ وعلِمَهُ من علِمَهُ)) الراوي: عبدالله بن مسعود | المحدث: ابن الملقن | المصدر: تحفة المحتاج

·      فتضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات. ونحن أخذنا في بداية الحلقات علاقة الأسباب والمسببات والأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل على الله عز وجل؛ لأنَّ حقيقة التوكل على الله: اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ورفع ما يضره في دينه ودنياه، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب النافعة.

·      ونحن قلنا أنَّ الداء ينقسم إلى أنواع، كذلك الأسباب: هناك سبب كوني وسبب شرعي. فكما أنَّ دفع الجوع والعطش بالأكل والشراب لا ينافي الإيمان لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ٧٩ [الشعراء: 79]

·      وطبعًا نحن قلنا آيات سورة الشعراء رائعة جدًا، خمس آيات تشمل خمس محاور، هناك خمس محاور للحياة:

·      ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ٧٨ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ٧٩ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ٨٠ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ٨١ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ٨٢ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ٨٣ [الشعراء: 78-83]

·      ماذا تريد أكثر من هذا من ربك؟ أنه يهديك، وعندما تجوع يطعمك، وعندما تعطش يسقيك، وعندما تمرض يشفيك، ثم عندما يحيك؛ يغفر لك خطيئتك يوم الدين، وأن يهب لك حكمًا ويلحقك بالصالحين. ماذا تريد أكثر من هذا! وعندما تكمل بقية الآيات وجمالها ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ٨٤ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ٨٥ [الشعراء: 84-85] يعني كلها محاور رائعة لأن تكون محورًا لحياتك.

·      نعود لكلام الشيخ: فكذلك دفع المرض للعلاج النافع والدواء المفيد لا ينافي الإيمان بل لا تتم حقيقة التوكل إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعًا، والتي تعطي قدحًا في التوكل نفسه.

·      وفي قوله صلى الله عليه وسلم لكل داء دواء؛ تقوية لنفس المريض والطبيب لماذا تقوية لنفس الطبيب والمريض؟ لأنها وعود من الله عز وجل أنَّ هناك أدوية، وأنَّ تعلقك بالله يفرج كربك، وحث على طلب ذلك الدواء، والتفتيش عليه، والبحث عنه.

·      وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم فعل التداوي في نفسه والأمر به لمن أصابه مرض من أهله وأصحابه، ويُنظر هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك مبسوطًا في فصل بعنوان: الطب النبوي من كتاب زاد الميعاد في هدي خير العباد للعلامة ابن القيم. ثم إنَّ الواجب على العبد أن يعرف فيما يتعلق بالأسباب ثلاثة أمور:

1)  ألا يجعل منها سببًا إلا ما ثبت أنه سبب شرعًا أو قدرًا. عندما قلت أنَّ السبب الكوني بالتجربة وأن يكون أخذك بالاستشفاء بالقرآن بيقين.

2)  لا يعتمد العبد عليهما؛ بل يعتمد على مسببها ومقدرها مع قيامه بالمشروع منها وحرصه على النافع منها.

3)  أن يعلم أنَّ الأسباب مهما عظمت وقويت؛ فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره، لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء، إن شاء أبقى سببيتها وإن شاء غيرها كيف يشاء.

·      لألا يعتمد العباد عليها، وليعلموا كمال قدرته، وأنَّ التصرف المطلق والإرادة المطلقة لله وحده، كما تقدم في قول النبي صلى الله عليه وسلم ((أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك)).

·      هذا الكلام كله شرحناه إن قد توجِد الأسباب كلها ولا ينزل الشفاء. الطب متقدم جدًا وتحدث الأخطاء البسيطة جدًا لماذا؟ ليعلم العباد أنَّ السبب لا يتصرف بنفسه وإنما الذي ينفع به هو الله، الذي يوقف المرض هو الله، الذي يكشف الضر هو الله، ثم أنَّ هذا الشفاء يسوقه الرب الذي يسوق المقادير بمواقيت لحكمة.

·      فأنت إن أحسنت الظن بالله فيما ابتلاك بالمرض يريك خيرية هذا البلاء، انتبهي جيدًا عندما يحسن الإنسان الظن؛ ربنا يريه كم من خير في هذا البلاء، ويريك ما وراء القدر، يريك ما وراء الأحداث.

·      لو شيء معين تضايقك لكن راضية في فعل الله تقولي ربي له حكمة؛ سيرزقك لأنك عاملتيه بالرضا أن يريك خيرية هذا البلاء.

·      أسأل الله العظيم رب الناس أن يذهب البأس الشافي الذي لا شفاء إلا شفاءه، وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين، وأن يشفينا من كل الأمراض القلبية والروحية والبدنية، وأن يرزقنا سلامة البدن وسلامة القلب التي هي أهم من سلامة البدن ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ٨٨ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ٨٩ [الشعراء: 88-89]

·      نص الحديث بالضبط عن ابن عباس قال: ((بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم عنده جبريلُ إذ سمِع نَقيضًا من فوقهِ، فرفعَ جبريلُ بصرَه إلى السماءِ فقال: هذا بابٌ فُتِح من السماءِ ما فُتِح قطُّ قال: فنزل منه ملَكٌ فأتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقال: أبشِرْ بنورَينِ أوتيتُهما لم يؤتَهُما نبيٌّ قبلكَ فاتحةِ الكتابِ وخواتيمِ سورةِ البقرةِ لن تَقرأَ حرفًا منهما إلَّا أُعطيتَهُ)) الراوي: عبدالله بن عباس | المحدث: البغوي | المصدر: تفسير البغوي

·      جزاكم الله خيرا، نفعكم الله بالاستشفاء بالقرآن، أورثكم الله عز وجل اليقين الذي يجعل القرآن ربيع قلوبكم.

·      والله يا جماعة من أروع الكلمات التي سمعتها من علمائنا: إنَّ الإنسان الذي يتعلق بالقرآن ويستشفي به ويطلب الشفاء ممن بيده الشفاء؛ يكون القرآن له ربيع كيف يكون له ربيع؟ ربيع لقلبه وهذه معروفة: أن يكون سعيد بالله وبكلام الله، متدبر له، متفكر فيه، يغوص في أعماقه لكن الجديد والذي لم نكن نتخيله

·      إنَّ ربنا سبحانه وتعالى يجعل القرآن ربيع له أنه لا يشعر بما يشعر به الناس من البرد ولا يشعر بما يشعر به الناس من الحر، الله أكبر! يعني ... نفسك بالقرآن، يعني روحي عن نفسك بالقرآن يعني أبردي على نفسك بالقرآن.

·      اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما أُنسينا، واجعلنا نتلوه على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


تعليقات