اسم الله الطبيب الشافي الجزء الثاني
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه
ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله
فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم، طبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً.
·
يبصر
به من العمى، ورحمة دون الكافرين؛ لأن المؤمنين يعلمون بما فيه من فرائض الله،
ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه، فيدخلهم بذلك الجنة، وينجيهم من عذابه. فهو لهم رحمة
ونعمة من الله أنعم بها عليهم.
· انظري عندما ربي سبحانه وتعالى
يعلمك في سورة الأعراف: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا
عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ
ذَٰلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف:26]، إذاً يوجد لباس
للبدن وزينة – الذي هو الريش- ويوجد لباس يستر القلب. ما لباس القلب؟ التقوى؛ أن أخاف! أخاف أن أغضبه! أخاف أن أقع في القذارة، أن يحرقني في ناره! أن
أكون من أهل الكبائر! أخاف! يوجد خوف! أخاف ممن يسخط على الله في أفعاله! أخاف
عندما أقف بين يديه يقول لي: فعلتي كذا وكذا، يوم كذا وكذا. هناك فرائض هي التي
تعلمك بالنصوص، هي التي تحذرك.
· يقول الإمام الطبري: ((ولا
يزيد هذا الذي ننزل عليك من القرآن الكافرين به إلا خسارة، وهو عليهم)) ماذا؟
عمى! وهو عليهم عمى. يقول: إهلاكاً؛ لأنهم كلما نزل فيهم أمر من الله بشيء، أو نهي
عن شيء كفروا به، فلم يأتمروا لأمره، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه، فزادهم ذلك خساراً
إلى ما كانوا فيه من الخسار، ورجساً إلى رجسهم؛ مثلما قال الله جل وعلا في
المنافقين: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ
فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة124:-125]
· وكما أن القرآن فيه شفاء لأمراض القلوب من الشبهات والشهوات، وكذلك فيه
شفاء لأمراض الأبدان والأجساد. يعني واحد عنده سرطان، واحد مصاب في الكبد، واحد
مصاب في الغدة، واحد لديه نوبات هلع، كل هؤلاء بجميع أمراضهم ينزل القرآن على
الجسد فيشفيه- إن أراد الله – من لم يشفيه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفيه
القرآن – كما قال ابن القيم – فلا كفاه الله.
· ما الدليل على أن القرآن يشفي البدن؟ كما شُفي الملدوغ بقراءة الفاتحة؛
هناك حديث صحيح: عندما صحابة النبي صلى الله عليه وسلم مروا على بعض العرب، وطلبوا
منهم أن يضيفوهم، فأبوا –بخلاء، لا يريدون – فلُدغ سيدهم – هذا في الحديث الذي ورد
في الصحيح – لُدغ سيدهم، فأتوا إلى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل
منكم راقٍ؟ قالوا لهم: ولكنكم كرهتم أن تضيفونا! فقالوا لهم: لو شفي سيدنا – معنى
الحديث، أو كما قال صلى الله عليه وسلم – لأعطيناكم هذا السهم من الأغنام؛ لأن
السم كان يسري في جسد الملدوغ، فوقع. فرقاه أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
بماذا؟ بالفاتحة. فلما ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن أخذوا الغنائم،
ذكروا ذلك للنبي؛ لكي يعلموا هل فعلهم صحيح، أم غير صحيح؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا قرأ؟
قال: بأم الكتاب. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: وما أدراك أنها رقية؟ يعني أقره
النبي صلى الله عليه وسلم. إذاً هناك مرض بدني، جسم متسمم –عافانا الله وإياكم-
وشفي بالفاتحة.
· يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: –انظري للدرر التي سيقولها ابن تيمية– ((وحاجة العبد إلى الرسالة، أعظم بكثير
من حاجة المريض إلى الطب، فإن آخر ما يقدر بعدم الطبيب موت الأبدان)): يعني
لو لم نجد طبيب يعالج البدن من السرطان، أو الكبد أو، أو، أو، لكن هذا سيؤدي إلى
موت البدن فقط، وأما إذا لم يحدث أو يحصل للعبد نور الرسالة وحياتها، مات قلبه
موتاً لا ترجى الحياة معه أبداً، أو شقي شقاوة لا سعادة فيها أبداً. انظري عندما
يموت القلب، يقول الإمام ابن تيمية: ((مات قلبه موتة
لا ترجى معه الحياة أبداً، أو شقي شقاوة لا سعادة معها أبداً)).
· انتشار حالة الضيق بين الناس، إلى أي مدى؟ كل من ترين إلا من رحم الله
متمللة، متضايقة، مكتئبة، كم هائل في عيادات الطب النفسي. وأنا أقول كما قال كثير
من العلماء: أن تسعون بالمائة من الذي يتعالجون بالعقاقير، لو تداووا بالعلم عن
الله، وتدبر كلامه، ورضاهم عن ربه، لشفيت قلوبهم وأبدانهم. لا ننكر أن هناك نوبات
هلع تؤدي إلى مرض خلل في كيمياء الدماغ، أو، أو، أو تؤدي إلى ضرورة العلاج بالإبر
أو الحبوب، لا ننكر! لكني أتكلم عن الحالة النفسية، الضيق!
· كما قال عبد الله ابن عباس: الشيطان جاثم على صدر ابن آدم. انظري عندما
تقول لك: الجاثوم! مخنوقة، متضايقة، كذا، كذا، كذا... متوترة دائماً، عصبية
دائماً. هذا نتيجة البعد! البعد! أنا لا أقول البعد بالكلية، ولكن إقبالنا على
كلام الله جل وعلا ليس كما ينبغي.
· انظري في سورة السجدة، من عظيم ما قرأنا في التفسير، الآية التي تقول: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ
الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة:21]؛ ذكر صاحب تفسير ابن
كثير المباركفوري – المصباح المنير تفسير ابن كثير، مختصر تفسير ابن كثير
للمباركفوري – يقول: ((لنذيقنهم
من العذاب الأدنى من الهموم والآلام)). انظري! هموم وآلام! والأكدار التي
تصيبهم في الدنيا حتى يرجعوا إلى الله. هذا فقط عذاب أدنى، خلاف عذاب القبر وعذاب
الآخرة. لعلهم ماذا؟ يرجعون، ربما يرجعون إلى الله فيحمل عنهم الآزار، ويضع عنهم
الأثقال، إن رجعوا إليه قبل وفاتهم.
· فانظري الإمام ابن تيمية ماذا يقول لكِ؟ ((أو شقي شقاوة لا سعادة معها أبداً)). ويقول الإمام
ابن القيم رحمة الله عند آية يونس السابقة: – انظري لجمال كلام ابن القيم – ((ولا شيء أحق أن يفرح العبد به من فضله
ورحمته، التي تتضمن الموعظة وشفاء الصدور من أدوائها، بالهدى والرحمة؛ فأخبر
سبحانه أن ما أتى عباده من الموعظة، التي هي الأمر والنهي المرغوب، المقرون
بالترغيب والترهيب؛ الأمر والنهي)). انظري! سيقول لكِ كيف أن الأمر والنهي
أصلاً هو هذا الشفاء؛ لأنكِ عندما تسيرين بالشكل الصحيح، نفسك ستستوي وتستقيم. لكن
عندما تخالفين، سيصيبك كل أمراض النفس من الهموم والأكدار والوساوس والخواطر
الرديئة التي تستقبلها النفوس، نتيجة للبعد عن هذه الأوامر.
· يقول: ((المقرون بالترغيب
والترهيب، وشفاء الصدور المتضمن لعافيتها من داء الجهل والظلمة والغي والسفه؛ وهو
أشد لها ألماً من أدواء البدن؛ ولكنها لما ألفت هذه الأدواء لم تحس بألمها)):
ما معنى هذا الكلام؟ يعني داء، داء الجهل أصعب بكثير، ظلمة الجهل أصعب كثيراً من
مرض البدن. تجدين أن المرأة –حبيبتي- التي تعاني من الوسواس، تقول لكِ: لو أن هناك
ألم في بدني أو كسر، أفضل بمراحل من الألم النفسي الذي أشعر به من الضيق. أهذا
صحيح أم غير صحيح؟ يعني ألم النفس أضعاف أضعاف ألم البدن في الأذى.
·
الإمام ابن تيمية يقول: ((لكنها لما ألفت هذه الأدواء لم تحس بألمها؛ الناس التي ليس
لديها خوف من الله أو علم أن هذا حرام، لا تحس! لا تحس بألمها، وإنما يقوى إحساسها
بها عند المفارقة للدنيا، عند المفارقة، عند الاحتضار يأتيه كل شيء كان يعمله من سوء،
شريط يعرض عليه. فهنالك يحضرها كل مؤلم محزن، وما آتاها من ربها الهدى)) انظري
العبارات وقوتها! ((وما آتاها من ربها الهدى)): يعني عندما تأخذ الهدى ((الذي
يتضمن ثلج الصدور باليقين)).
· العلم عن الله ينزل على الصدر يسيطر على المشاعر، يطمئن القلب؛ عندما
تأتيني مخاوف، ويأتيني يقين أنه لن يصيبني إلا ما كتب الله لي، ماذا سيجري؟ ولذلك من الدعاء: اللهم ارزقني من اليقين
ما تهون به علينا مصائب الدنيا – أتعرفون الدعاء؟ - اللهم ارزقنا من اليقين ما
تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا،
واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا
مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يخشاك ولا يرحمنا؛ فهنا
اليقين أن ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله؛ عندما يأتيك خوف من المصائب، مخاوف،
تعلمي أن ما يصيبك إلا ما كتب الله. يقال لكِ: ((ما أصاب من
مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يؤمن أنها نزلت بإرادة الله، ووقعت من عند
الله، فيرضى ويسلم)) ما الذي يحصل؟ ((يهدأ قلبه، يهدأ قلبه، يهدي قلبه، يهدي قلبه،
يطمئنه، السكينة والطمأنينة في قلوب عباده الموحدين، فتصبح هذه اليقينات والأخبار
عن الله، مثل ماذا؟ الثلج على الصدر وطمأنينة القلب)) هذا كلام الإمام ابن القيم ((وسكون النفس
إليه، صمد، أعلم أن لي متكأ أوي إليه في قضاء الحوائج؛ وسكون النفس، وحياة الروح، حياة الروح: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا
فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ
مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام:122])).
· القرآن سمي روحاً، روح! من وصوفات القرآن؛ لأن به تحيا القلوب كما تحيا
الأجساد بالروح. قلب ليس فيه كلام الرب قلب ميت، كجسد ليس فيه روح، ما الدليل؟ آية
الشورى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ
وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى:52].
· نكمل كلام ابن القيم: ((حياة
الروح، والرحمة التي تجلب لها كل خير ولذة، وتدفع عنها كل شر ومؤلم فذلك)) الذي
هو الموعظة ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ﴾ [يونس:58] هو يشرح لك هذا كله...
ما فضل الله؟ القرآن... ما رحمته؟ هدي النبي صلى الله عليه وسلم ((فبذلك،
أي ذلك، الذي هو القرآن والنصوص، خير من كل ما يجمع الناس من أعراض الدنيا وزينتها)) أي هذا الذي ينبغي
أن يفرح به. بماذا تفرحين؟ بمثل هذه الجلسة، نفرح بها، أن قدرها الله جل وعلا من
قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛كل واحد فينا يأتي بما فيه من الهموم، من
الرغبة في العلم، من السكون إلى ذكر الله جل وعلا، فيسمع كلام الله، ويتدبره،
ويتوسل إليه به، هذه خير من الدنيا وما فيها؛ حسنٌ.
·
((خير
مما يجمع من أعراض الدنيا وزينها أي: هذا الذي ينبغي أن يفرح به؛ ومن فرح به))
انظري لكلام الإمام ابن القيم: ((ومن فرح به، فقد فرح بأجل مفروح به، قد فرح بأجل
مفروح به. شيء يستحق أن يفرح به. لا ما يجمع أهل الدنيا منها، فإنها ليس بموضع
للفرح) لماذا؟ لماذا أمور الدنيا ليست موضع للفرح؟
فالمال جميل جداً، ﴿وَإِنَّهُ
لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات:8]، الجاه، المكانة
الاجتماعية، الجمال، اللبس - يا أرض هدي ليس عليكِ مثلي- هل هذا يفرح به؟ لماذا؟
انظري! هذه حقيقة الحياة، ما يجعلك تزهدين فيها، أن تعلمي حقيقتها؛ لأنه عرضة
للآفات، ووشيك الزوال، ووخيم العاقبة، وهو طيف، خيال زار الصب في المنام، ثم انقضى
المنام. شيء هكذا أتاكِ في الحلم، نعم، هذا حقيقي، هذه هي الدنيا! ثم انقضى
المنام، وولى الطيف، وأعقب مزاره الهجران؛ هذا كلام من؟ كلام من الذي اقرأه؟ ابن
القيم. هي هذه، ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ [الكهف:45]، هذه، هذه هي
الحقيقة.
· الأبهة التي أنا فيها هذه كلها، قصص الحب، والجاه والمال، والمكانة، والبيت
والقصر، والسيارة، والخدم والحشم، والخروج والمجيء، عبارة عن القليل من الماء نزل
من السماء، فخرجت زهرة جميلة، أخذت وقتها ثم ذبلت، ذبلت واصفرت جداً، لدرجة أنها
من شدة الذبول أصبحت أخف ما يكون، فنزعتها الرياح. هذه الحياة! هذه الآية في أي
سورة؟ الكهف.
· انظرِ يونس: ﴿حَتَّىٰ
إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا
حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ [يونس:24]، وكأن لا شيء كان
موجوداً، هي هذه! هذه آية يونس.
· آية الحديد، آية الحديد، حقيقة الدنيا: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي
الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ
ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ﴾ هذه هي المشكلة ﴿عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ
مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ﴾ [الحديد:20]، ما متاع الغرور؟ ما
معنى متاع الغرور؟ ما معنى متاع الغرور؟ الذي يغتر بغير ما عند الله فقد أعوز أشد
العوز. ارجعي لتفسير سورة السجدة من كلام ابن كثير في المباركفوري. عبارات من أروع
ما يكون للأئمة: قتادة ومجاهد، ومن قبلهم الصحابة: عبد الله ابن عباس. عجيبة سورة
السجدة! عجيبة!؛هنا عندما يقول لكِ ﴿مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾، أتعرفين عندما تشترين هدية، ذهبتِ للسوق واشتريتي هدية، أو اشتريتي ملابس
أو بضاعة، وتحمليها سعيدة بها جداً، تفتحيها في البيت تجديها ماذا؟ تالفة! هي هذه،
هي هذه الدنيا! هل هي تستحق أن تحزني عليها، وتغتمي لها، أو الأشخاص الذين فيها
تتعلقين بهم، أو أي شيء فيها من شيء أو شخص تصرفي له طاقتك وانشغالك؟
· يفصل الإمام ابن القيم رحمه الله القول في أمراض القلوب وشفاؤها فيقول: ((فلما كان مرض البدن خلاف صحته، وهو خروجه عن اعتداله
الطبيعي))؛ ما مرض البدن يا
حبيباتي؟ هل أنتم مركزن معي أم تعبتم؟ حسنٌ. ما مرض البدن؟ خروجه عن اعتداله
الطبيعي لفساد يعرض له، يفسد به إدراكه – رقم واحد – وحركته.
· دعونا نمسك في الأول كلامه في الإدراك: ((فإما أن يذهب
إدراكه بالكلية، كالعمى والصمم والشلل، وإما أن ينقص إدراكه لضعف في آلات الإدراك،
مع استقامة إدراكه. ممكن الإدراك يضعف، إدراك الشخص لحقيقة ما حوله من الأشياء؛
عندما يضعف الإدراك هذا دليل أن البدن)) ماذا؟ والعقل ماذا؟ مريض. حسنٌ؟
· وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه، كما يدرك الحلو مراً. يدرك
الأشياء عكس ما هي عليه، فاللسان تكون ماتت فيه أي حاسة؟ الذوق. كما يدرك الحلو
مراً، والخبيث طيباً –انظري! الخبيث طيباً – والطيب خبيثاً. هذا أي مرض؟ مرض تام،
مرض تام. حسنٌ؟
· تأتيني حالات أسأل الله أن يسترنا ويستر أعراض المسلمات! يشبه عليها
الشيطان فيحل لها الحرام، ويحرم عليها الحلال. عندما تجدين حديث النبي صلى الله
عليه وسلم أن من علامات آخر الزمان: أن يكثر الحر والحرير والمعازف؛ ظاهرة الزنا....
·
((لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ
والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ، ولَيَنْزِلَنَّ أقْوامٌ إلى جَنْبِ عَلَمٍ،
يَرُوحُ عليهم بسارِحَةٍ لهمْ، يَأْتِيهِمْ -يَعْنِي الفقِيرَ- لِحاجَةٍ،
فيَقولونَ: ارْجِعْ إلَيْنا غَدًا، فيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، ويَضَعُ العَلَمَ،
ويَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وخَنازِيرَ إلى يَومِ القِيامَةِ.)) صحيح
البخاري.
· أسأل الله العافية، أسأل الله أن يقبضنا مستورين، ويجنبنا الفتن ما ظهر
منها وما بطن، الموت يكون أفضل! الموت يكون أفضل! تأتي حالات يلبس عليها الشيطان،
يلبس عليها الشيطان. تقول لي: أنا سرت مع هذا الرجل، كأنه زوجي. أوقعها في مرض
الشهوات، في الغي، لبس عليها، غير لها المفاهيم. مع أن حلالها ممكن أن يكون موجود
ويطلبها، لكن الشيطان أمات الخشية فيها، بتلسلطه عليها. إياك! إياكِ والاقتراب من
فتنة الشهوات! فإنها تؤدي إلى الوفاة، وفاة القلب.
·
يقول الإمام ابن القيم: ((وأما فساد حركته)) يتكلم على
ماذا؟ على مرض البدن ((فساد حركته))
هذا كله يلمح على أمراض القلوب، سيأتيك في آخر الكلام ((وأما فساد حركته
الطبيعية فمثل أن تضعف قوته الهاضمة، أو الماسكة، الماسكة ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ
إِلَيْكَ﴾ [الزخرف:43]، أو الدافعة، دفع الوساوس والخواطر الرديئة،
أو الجاذبة. حسنٌ؟ فيحصل له من الألم بحسب خروجه عن الاعتدال؛ ولكن مع ذلك لم يصل
إلى حد الموت والهلاك، بل فيه نوع قوة على الإدراك والحركة. ولما كان البدن المريض
يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح)) انظري للجمال يقول لكِ: ((أن البدن المريض، عندما
الواحد يكون بدنه مريض، انظري أنتِ عندما يكون لديكِ برد في عظمك، أي هواء قليل،
والهواء يكون جميل ومنعش))، تقولين: آه، كأن صواريخ تدخل في ظهري. أليس هذا
صحيحاً؟
·
يقول لكِ: ((ولما كان البدن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح من يسير الحر
والبرد والحركة ونحو ذلك، فكذلك القلب إذا كان فيه مرض آذاه أدنى شيء من الشبهة أو
الشهوة، حيث لا يقوى على دفعهما.)):
أفهمت الكلام الذي مضى؟ كلامه عن الأبدان، حبيباتي هل فهمتم تلميحات الإمام ابن
القيم أم لا؟ لو هناك شيء غير مفهوم أخبروني وسأعيدها، على مهلنا حتى لو أخذنا جزء
قليل من العلم، مع التطبيق، والتقوى تقر في قلوبنا، أفضل من الكثير لا نعلمه. هل
أنتم فهمتم تلميحات الإمام ابن القيم في مرض البدن، وكيف يقيسه مثل مرض القلب؟
حسنٌ.
·
((حيث
لا يقوى على دفعهما إذا وردا عليه)): ما معنى هذا؟ واحدة، واحدة ما عندها علم
بالقهار، القهار كيف تتعبد لله عز وجل باسمه القهار، أن محبة الله في قلبها تقهر
أي محبة، تكون تتعرض لفترة ضعف معينة، ضجرة، متمللة، تريد أن يحتويها أحد،
ومعها إنسان غليظ القلب، لا يعلم كيف يحسن إلى أهله، كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم: ((خيرُكم
خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي)) صحيح الترغيب... يأتي زميلها في العمل ويكلمها كلمة جميلة، ما الذي يحصل؟ أنا أسألكم.
نعم، يبدأ القلب يشتغل. ماذا تعملون؟ وما أخباركم؟ ما هذا اللبس الجميل؟ وزوجها لا
يقول لها شيء... ما هذا اللبس الجميل، من أين أتيتم به؟ ثم نقف نتكلم بشكل عادي
ونية طيبة، مع أن الغاية لا تبرر الوسيلة، أو ان الوسيلة أصلاً باطلة؛ فهنا يعرض،
القلب هنا غير مممتلئ، غير ممتلئ، فارغ، فارغ، فعندما يعرض عليه الشبهة – الشيطان،
من الذي سيورد الشبهة والشهوة؟ من؟ الشيطان –ويسلط عليه من الإنس؛ ولذلك ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
مَلِكِ النَّاسِ إِلَٰهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي
يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [الناس:1-6]؛ لأنه سيسلط عليكِ الناس، لابد أن يسلطهم.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق