القائمة الرئيسية

الصفحات

الأصول الثلاثة الجزء الخامس والعشرين

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلِّي وأسلِّم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً.  

·      علم من ذلك أنه لا أنا ولا كل من هو علامة على الله، يصلح أن يصرف له الحمد والثناء المطلق, لا أحد, لا أحد يصرف له المشاعر والتحرك إلا الله فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ -هذا السؤال الثاني: أي بما استدللت على معرفتك به؟- فقل بآيته ومخلوقاته عرفنا الله، هذا الدليل على أنه هو الذي خلقني ورزقني وهو معبودي ليس لي معبود سواه.

·      والآية في اللغة لها معاني كثيرة منها: البرهان والدليل.

·      فالآيات نوعان:

1.  النوع الأول آيات شرعية: ويراد بها الوحي الذي أنزل على الرسل، التي نزل بها سيدنا جبريل على الرسل ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ  وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ٩ [الحديد:9].

·      المنزل الآيات فيمكن يكون بعض الناس عرفوا ربهم بآياته الشرعية، فكيف يكون الوحي دليلاً وبرهاناً على الله؟ قد تسمعين المادة هذه فتقولين أنا أعلم هذا الكلام كله وهو يقر في قلبي، أقول لكِ أن ما يرزقكِ الله U به من علم لابد أن يأتي وقت وتحتاجينه.

·      قد تقابلين واحدة كافرة من اليابان أو الاتحاد السوفيتي ليس لديها أصلاً إله أعطوا ذكاء ولم يعطوا عقلاً، أعطوا ذكاء ولم يرزقوا عقلاً ﴿أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ٤٦[الحج:46].

·      يوجد ناس تنكر وجود الله ومنهم اليابانيين والصينين، الصين دول شرق آسيا وأوروبا يعملون كثير جداً, آلات, ولا علاقة لهم بالواحد الأحد, ثم يأتي المسلمون ويأخذون قوانين الطاقة والقوة من الفلسفات الطاوية الإلحادية الصينية وهم عندهم أجمل ما يكون.. التوحيد!!

·      فأنتِ لا تحسبين أن المادة التي نأخذها مسلمة عند كله وأن نحن لا نحتاجها, لا نحن محتاجين أن نتكلم عن كيفية تعلق القلب بالواحد الأحد.

·      الوجه الأول آية على وجود الله، الوجه الأول أن هذا الوحي الذي جاء به الرسل, جاء وحياً متكاملاً منتظماً لا تناقض فيه ولا اضطراب ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا٨٢[النساء:82], القرآن الكريم لمن صدق في إرادة الحق دليل على وجود الله, والذي يتدبر آيات القران يجد أن فيها انتظام وتناسق عجيب.

·      للأسف كثير من شباب المسلمين يدخلون مواقع فيها إثارة الشبهات حول الإسلام وهم ليسوا على علم فتزل أقدامهم ويلحدون، أين أنتِ كأم؟! أنكِ تدرسين ابنكِ التوحيد, لابد تعليم التوحيد لا تقولي هذه أشياء مسلم بها، هذه مسلم بها عندكِ أنتِ لكن هناك أولادنا لا يعلمون هذه الأشياء، في جيراننا في أخواتنا, في مسلمين كثير لا يعلمون ما هو توحيد.

·      الوجه الثاني أن هذه الآيات الشرعية قامت بمصالح العباد وهي كفيلة بسعادتهم, وأنتِ تجدين في الواقع أن العالم يدور حول نفسه لحل مشاكله, ثم يعود فلا يجد حلاً إلا قال الله، قال رسول الله, الناس تظل تحل في مشاكل وبعد هذا يلفون ويدورن حول أنفسهم ثم لا يجدوا حلاً إلا فيما قال الله وقال رسول الله r.

·      انتبهي المشكلة الاقتصادية العالمية التي يعاني منها العالم، ما هي؟ الفقر, مشكلة الفقر أصبحت ماذا؟ حتى الدول العظمى مثل أمريكا وأروبا يشحذون، وهم عندما دخلوا على الخليج واستعمروه, لماذا؟ ليسرقوه، لما بحثوا وبحثوا ما هو سبب الفقر وجدوا أن السبب الأساسي للفقر هو التعامل بالربا, هو الذي عمل أزمة اقتصادية, فيعود فلا يجد حلاً إلا:

ü  قال الله ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ٢٧٦ [البقرة:276].

ü  الرسول rيقول ((الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل)) صحيح.

·      هذا من وجه، الدليل على أن الوحي دليل وبرهان على الله.

2.  النوع الثاني من الآيات التي تثبت لكِ وجود الله الآيات الكونية: مثل السموات والأرض, والإنسان والحيوان، والشيخ رحمه الله قال: ((يعرف بآياته ومخلوقاته)) فلو فسرتِ الآيات بالآيات الكونية لابد من فارق بينها وبين المخلوقات.

·      ما معنى هذا الكلام؟

ذكر الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرح الأصول الثلاثة فارق لطيف قال: ((الآيات هي ما يبدل -الآيات تتبدل- والمخلوقات هو الثابت مما خلق الله)).

·      ما معنى هذا الكلام؟

من آياته الليل والنهار والشمس والقمر, فيه تبدل صحيح؟ يذهب الليل, يأتي النهار, أو تذهب الشمس, يأتي القمر، ثم يختفي القمر.. هناك تبدل في الآيات, الليل والنهار والشمس والقمر فيها دلالة لطيفة, وهي التغيير والتبديل، تدل على وجود الرب I وعلى تفرده بالربوبية والألوهية بسبب التغيير الحاصل في تعاقبهما, نظام عجيب وبديع لا يمكن يسيره إلا إله.

·      الذين ينكرون الإله كيف ينكرونه؟ من الذي يسير الشمس والقمر في فلك يسبحون؟ اختلافهم في الطول والقصر, هذه كلها أدلة على أن هناك حركة, فليس الليل سرمداً يعني مستمر، وليس النهار سرمداً, ولا الصيف ولا الشتاء, وهذا يدخل فيه الشمس والقمر، فـأنتِ ترين جريانيهما باستمرار، وترين فيهما الانتظام البديع، الشمس تسير في فلكها لمدة سنة وهي في كل يوم تطلع, من يوجد هذا؟! من يوجده؟!

·      لما تجدين أخت ناقشيها, من يوجده؟ من يحركه؟ لماذا النهار ليس نهار دائم؟ لماذا الليل ليس ليل دائم؟ الشمس تسير في فلكها لمدة سنة، وهي كل يوم تطلع وتغرب، والقمر يبديه الله  Uكالخيط ثم يكمله ويكلمه إلى أن ينتهي إلى إبداره وكماله, ثم يأخذ في النقصان حتى يعود إلى حالته الأولى, فكل هذا التحرك والتبديل يدل على أن هناك محرك ومبدل.

·      فهذا يكون معنى الآيات استدلت على كمال ربوبيته ومن استحقاقه للألوهية مما ترين من تغيير في مثل هذه الأشياء, فحق الله أن يعبد، التغيير يدل على أن هناك إله يستحق أن يعبد.

·      والمخلوقات، الآيات غير المخلوقات, ذكر الشيخ من المخلوقات الثابتة السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن, وهذا كل أمر تستطيعين إدراكه بحواسكِ, وهو الذي يقصد به الآيات الكونية، مخلوقات ثابتة هي السموات والأرض وما بينهما.

·      إذن هناك آيات أمامكِ تدلكِ على وجود الله, ومخلوقات تدلكِ على وجود الله, وأنه هو الذي يصرفها, وأنه هو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له.

·      ثم ذكر الأدلة على هذه الاستدلالات, ومن الأدلة قوله تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ  لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ٣٧ [فصلت: 37]

·      الناس الذين يذهبون إلى مراكز الطاقة عند الأهرامات في مصر، أقول لهم لا تسجدوا للشمس ولا للقمر, ولا تسجدوا للهرم, واسجدوا لله الذي خلقهن، الطاقة والقوة والإمداد منه وحده أخذها, هذه الآيات بالذات فيها نهي عن السجود لهذه المخلوقات, والآيات ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ, وأمر بالسجود لله ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ, لماذا؟ ظهر التعليل؛ لأنه هو ﴿الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ٣٧فخصوه بالعبادة وإخلاص الدين له.

·      هذا كله في سياق الكلام حول الآيات والمخلوقات التي بها نعرف الله الذي أعطاكِ كل شيء من الآيات والمخلوقات, وأعدكِ, وأمدكِ, وأوجدكِ هو وحده الذي تصرفين له العبادة، والعبادة ليست في الصلاة والسجود فقط, ولكن العبادة تشمل الصلاة, والصوم, والطواف, والنذر, والذبح, والطلب، طلب القوة, وطلب السعادة, وطلب التوفيق كله من من؟

·      قال الشيخ: ((والرب هو المعبود والدليل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ٢١ [البقرة:21])).

·      معنى المعبود الذي يستحق أن يعبد وحده دون سواه، خرج الشيخ من هذا كله إلى أن الله هو مربي العباد, هو الذي يربيهم, إذاً الرب هو الذي يستحق أن يعبد.

·      ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب للناس كلهم, لم يقل يا أيها المسلمين, أو يأيها النصارى, أو يأيها اليهود, أو يأيها الصوفية, أو يأيها السلفية, أو يا أيها الشيعة, لا هذا خطاب للكل, ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لجميع الخلق, مؤمنهم وكافرهم أمرهم بالعبادة ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ هذا كلام الله, أي اعبدوه, وأطيعوه, تذللوا له, تقربوا إليه.

·      اذكري لي آية واحدة تقول تقربي للولي، اذكري لي آية واحدة تقول اطلبي المدد من الزهراء, اذكري لي آية واحدة تقول أطيعي علي, أطيعي البدوي, آية واحدة تقول أطيعي الأولياء الموتى، آية واحدة تقول اذهبي للموتى، آية واحدة تقول لفي على الأضرحة!

·      تريدين زيارة والديكِ المتوفين زوريهم, مري على قبور المسلمين وقولي السلام عليكم دار قوم مسلمين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، لا يوجد أي مشكلة, لكن تشدين الرحال وتسافرين, وتذبحين, وتطوفين حول القبر وتتمسحين به؟! اذكري آية.

·      كلام ربي كله واضح وصريح ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ٢١ [البقرة:21] يعني اعبدوه؛ لأنه هو وحده خلقكم والذين من قبلكم, وهذه علة الأمر في العبادة, الرب هو المعبود والدليل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ٢١ [البقرة:21] الرب الذين خلقكم والذين من قبلكم وهو الذي يستحق أن تعبدوه وتدعوا إلى عبادته.

·      ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ٢٢ [البقرة:22] منن الله ونعم الله, من الذي سخر لكِ الأرض التي تمشين عليها؟ تمشين على الأرض وقلبكِ معلق بمن؟ بالذي سخرها لكِ, أم بغيره؟ ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ٦٣وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ٦٤وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ  إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ٦٥إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا٦٦ [الفرقان:63-66] انتبهي! كله ربنا، ربنا.

·      اطلبوا من واحد أحد ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ٢٢[البقرة: 22], فلا تجعلي لله شبيه أو نظير تصرفين له العبادة أو شيئاً منها ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ٢٢انتبهي ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ٢٢وأنتم تعلمون أنه لا يماثل الله في فعله, ولا في خلقه, ولا في عطاءه, ولا في رزقه, ولا في رحمته, ولا في عفوه, ولا في منته.

·      فكيف تشبهون الناقص من كل وجه بالكامل من كل وجه؟! كيف يقع في نفوسكم أن تسمحوا لها أن تكون دنية تتعلق بالناقصين وتترك العلي العظيم؟! ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ١٥ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ١٦ [فاطر:15-16] يعني كيف تسمحين لقلبكِ أن يلتفت ولو للحظة عن الله U؟! التفات القلب لغير الله وتعلقه بغير الله، هذا دحض في التوحيد.

فجمعت هذه الآية بين الأمر بعبادة الله وحده والنهي عن عبادة ما سواه, وهذه الآية أحد البراهين العقلية التي أبطل الله اتخاذ المشركين للآلهة, فالقرآن ذكر براهين، برهانيين عقليين على إبطال الشرك

تعليقات