القائمة الرئيسية

الصفحات

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان

الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

   إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

·      نقول إن المعنى الثاني لاسم الله الجبار الذي هو من معاني القهر، كل شيء دان له وكل شيء خضع له، لا أحد يغلب الله أبداً، لأنه سبحانه وتعالى هو الجبار هذه المعاني يجب أن تكون دائماً في قلبك حتى لا تخافي من أي أحد لأن لك جباراً في السماء، على سبيل المثال (ولأن الأمثال هي التي توضح المعنى المقصود) عندما يكون الزوج قرينه متسلط عليك كثيرا ما تأتيني الزوجة تشتكي وتقول: أنا أشعر بالضيق جدا ولا أعرف أين اذهب أو ما العمل؟، فعندما تجدين أنه ليس بيدك حيلة ولا يوجد منفذ لك ويتملكك طوال الوقت الخوف من أفعاله وتشعرين بسيطرته وكأنه مالك لأمرك -لا مالك إلا الله-، كيف تتعبدين الله في هذه الحالة؟ بدفع هذا الخوف، كيف؟ بعلمك أن هذا العظيم في نظرك الذي ترينه وتخافينه كثيراً وتعتقدين أن له جبروت، الله تعالى أعظم وأجل منه وهنا يمكنك توظيف اسم الله الجبار في أن يصلح الله لك كل أمرك وهذا ما سيتم توضيحه لاحقا.

·      على أية حال، لابد أن يكون في قلبي عقيدة مستقرة غير قابلة للشك أن هذا الشخص المخيف الذي أخشاه تحت تدبير الله سواء كان إنسا أو جنا، أليس الإنسان يتعرض أحيانا للبلاء كالعين مثلا؟ فتقول المصابة لك "أحس أني معيونة"، هذه العين يصيب بها الشيطان او الإنسان الذي لا يذكر اسم الله عند التحدث عن شخص آخر، أنتن لم تحضرن محاضرة كيف تعالجي نفسك بالرقية الشرعية؟ أرجو سماعها من الواتساب نحن سنجبركن على سماع المحاضرات من الواتساب في آخر المحاضرة سأقول لكن.

·      الآن أنا أعلم أنه عند الإصابة مثلا بعين أو سحر أو حسد أن المسلط علي شيطان جن يريد أن يؤذيني، يقوم باختلاق مشاكل بيني وبين زوجي، الشيطان يوسوس للزوج، يوسوس للزوجة ويوسوس للأطفال، أحيانا تجدين ابنك المراهق أو ابنتك الصغيرة تقول أشياء تعرفين أنها من الشيطان -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم-، مثلا عندما تقولين للمراهق صل يقول: "أنا لا أحب أن أصلي"، من الذي يقول له ذلك؟ الشيطان.

·      العبد بفطرته يحب أن يلجأ إلى الله عز وجل ويشعر بالنقص وأن كماله وراحته في قوة علاقته بالله عز وجل وأن الرب هو الذي سيحميه ويدفع عنه فعندما تجدين الطفل يقول: "أنا لا أحب أن أصلي" اعلمي أن هذا ما يمليه عليه الشيطان أيضا عندما تأتي أنت لتصلي تجدين زوجك يغضب لصلاتك، ما الذي يغضبه؟ الشيطان؛ على سبيل المثال: ذات مرة وقفت أصلي، فقال بني بغضب شديد: لااااا ليس بهذه الطريقة تصلين؟ هل أنت تصلين صلاة التراويح؟ مع أنني كنت أصلي الفريضة أربع ركعات، فقلت: ما بك يا بني؟ من الذي قال لك هذا؟ أليس من المفترض أن تتحكم في نفسك ولا تخبرني بما يوسوس لك به اضبط نفسك.

·      أحيانا الشيطان يجعل الأبناء يتشاجرون مع بعض وخاصة عند صلاتك ما الذي يجعلهم يفعلون ذلك؟ اعلمي أن الشياطين تؤزهم أزا.

·      كل ما يلزمك معرفته هو أن الشيطان سواء كان مسلطا أو غير مسلط (الشيطان لا يحتاج الى أسباب ليتسلط بها عليك، هو يفعل ذلك بك حتى لو لم يسلطه أحد عن طريق عين أو حسد أو سحر) أو المخيف الذي تخافينه إنما هو تحت تدبير الله عز وجل في حركاته وسكناته لا يستطيع القيام بشيء إلا بأمر الله، فاطلبي من الله عز وجل مالك الأمر كله أن يدفع عنك شره، ومن هنا نعود إلى مفهوم التوحيد، (توحيد الألوهية) الذي هو الاتجاه إلى الله.

·      إذا خفتِ لا تظني أن أمنك في الهرب إلى أحد سوى الله، إياك وهذه الظنون والأفكار الخاطئة، لا تظني أن أمنك مع أحد من البشر، إنما أمنك في الحقيقة في الهرب إلى الله الجبار القهار، هو الذي يقهر عدوي ويجبر نقصي، هو الذي يدفع عني، لذلك لن يدرك هذا الكلام جيدا إلا الذي يعيش أحداثا يرى فيها شخصا متسلطا على حياته أو حياة أهله ثم فجأة ماذا يحدث؟ هذا العظيم وهو في أوجّ عظمته أو هذا الخائف وهو في أوجّ خوفه يسقط ميتا، كم من الحالات المشابهة سمعنا عنها؟! ينتاب الخائفة نوعان من المشاعر عند تلقيها خبر وفاة من تخاف، مشاعر فرح للتخلص منه ومشاعر اهتزاز لما كانت تعتقده من دوام الحال ولما كان يعنيه المتوفي في حياتها فيجدر بك كلما رأيت عظيما أن تتيقني أن الله تعالى أعلى وأعظم منه وأجل.

·      نقطة أخرى، اعلمي أن هذا العظيم أو المخيف الذي تخافينه وتجعلين له شأنا عظيما "مثلا: هناك من لا تنام خوفا من المديرة أو الموجهة أو رئيسها في العمل أو الذين يكيدون لها أو يسيئون إليها" تحت قهر الله وسلطانه وتدبيره -سبحانه وتعالى- فدفع الخوف عنك من كل أحد بالخوف من الله وتعظيم الله والاعتقاد أن كل شيء يخيفك في الدنيا إنما هو تحت قهر الله وسلطانه، فلا تظني أن أحدا في الدنيا لا ملجأ ولا منجى منه، لا، لكِ ملجأ منه ولك منجى منه، وهو الجبار الذي يقهره سبحانه وتعالى.

·      ما مشكلة الخوف الآن؟ متى يكون الخوف من غير الله تعالى مشكلة؟ عندما تظنين أنه لا ملجأ لكِ، وهذه الحالة كثيرا ما تعاني منها المرأة حال شعورها بالقهر من شيء "مثلا: امرأة مضطرة للعيش في بيت وهي مضطهدة وكل من فيه يسيء معاملتها" متى يكون هذا الشعور مشكلة؟ إذا اعتقدت أنه لا ملجأ لها.

·      أنتِ مثلاً تقولين أحيانا لا أب يدفع عني ولا أم، عندما تخافين ماذا تفعلين؟ تيقني أن كل المخوفات في الدنيا أيًا كانت لك ملجأ منها عند الله سبحانه، لكن الخوف من الله عز وجل هو العبادة العظيمة لأنه سبحانه لا ملجأ منه إلا إليه، أي أحد تخافين منه تفرّين منه، إلا الله تخافين منه وتفرّين إليه، اغفر لي يا رب وتب علي وتولاني ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ[الذاريات:50] كل المخوفات التي حولك فري منها، إلى من؟ إلى القهار الذي يقهرها، لأنها كلها من مخلوقاته، كلها تدين له.

·      سبق وقلت لك في العامية عندما يخاف أحد من أحد يقول له: إن كنت كبيرا فالله أكبر.

·      في سورة النساء بعدما ذكر الله عز وجل كيفية تأديب المرأة الناشز التي لا تطيع زوجها ﴿فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ[النساء:34] قال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا[النساء:34]، فينبغي للرجل أن يدرك أن لهذه المرأة (علي كبير) سيحاسبه.

·      إذا الله تعالى هو ملجأك من كل مخوف. ما علاقة هذا باسم الجبار؟ لأن اسم الجبار من معانيه القهار، فهذا العظيم الذي تخافين منه؛ اعلمي أن الله تعالى قادر على قهره وقادر على دفعه، فإذا خفت من مخوف لا تطرقي أبواب الناس لأن صفة القهر هذه غير موجودة فيهم بالكفاءة التي تريحك لكنها مطلقة له تعالى، الكمال في وصفه بأنه جبار قهار كل شيء تحت عظمته وسلطانه سبحانه وتعالى.

·      كيف نتعبد لله تعالى بهذا الاسم (الجبار) تعبد عبادة، متى تحتاجينه كدعاء عبادة؟

·      انتبهي لكلامي؛ صرف توحيد الله تعالى بالخوف؛ يعني أن لا تخافي من أي أحد أبداً إلا الله، لا تظني أن أحد يضرك إلا بإذن الله، لا أحد يملك أن يقهرك (الشعور بالقهر مرض وشعور لديك أنت)؛ مثلا الزوج لا يحسن معاملتي، أشغل نفسي بالله وأستعين بالله عليه، (صرف توحيد الله تعالى بالخوف) يعني لا أخاف ولا أخشى إلا الله، كلما داهمك خوف من أحد اعلمي أن الله سلطانه فوق سلطانه وقهر الله تعالى فوق قهره، أيا كان حتى ولو كان المتسلط عليك جبارا عاتية ادفعيه عنك بالتوسل إلى الله عز وجل، فإن سلطان هذا المتسلط تحت سلطان من؟ تحت سلطان الله وخاضع لله [وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ].

·      من دعاء النبي ﷺ: ((اللهم أنت عضدي ونصيري بك أصول وبك أجول وبك أقاتل)) إسناده صحيح.

·      أبدا لا تخافي لو اجتمع مردة من الانس والجن عليك، اعلمي أنه لا أحد يملك أن يضرك أو ينفعك إلا بإذن الله.

·      أتممنا هذا المعنى.

·      نأتي الآن إلى معنى آخر لاسم الجبار؛ الذي يشمل اللطف والرحمة والرأفة، فالجبار هو الذي يجبر الكسير، أخت مكسورة الخاطر تقول: تبين لي أن كل الذين أحبهم ليسوا جيدين، من الذي يجبر خاطري؟ الله عز وجل، يجبر الكسير ويغني الفقير وييسر العسير، وهذا المعنى يتضح من الاسم جبار، يجبر، فعل من أفعال الله تعالى ما معنى يجبر؟ يصلح الشيء، جبره يعني اصلاحه، لذلك الجبر هنا يكون من نفس الشيء مثلا أنت في حالة فقر يجبرك الله بأن يغنيكِ -هذه الجزئية جميلة جدا سنتوسع فيها-، في حالة عسر يجبرك الله بأن ييسر لك، اللهم يسر لنا ختم القرآن حفظا وعملا وتدبرا وايمانا والتزاما وشرحا يا رب، في حالة شعور بنقص في الأمن، الله تعالى يكمل لك ما تشعرين بنقصه. إذا، الشيء الذي عندك فيه نقص اسألي الله باسمه الجبار أن يكمله لك ما الذي يمكن أن يترتب عن الشعور بالنقص؟

·      كلما نقص عليك شيء بحثتِ عمَن تظنين أنه يكمله فطلبت منه هنا، يأتي زيغ قلبك عن باب الله. الجزئية القادمة مفيدة للعاطفيات سواء الصغيرات أو الكبيرات ومعظم النساء عاطفيات.

·      عندما تحسين بنقص ما ولا يوجد عندك توحيد لله بأنه هو وحده الذي يجبر هذا النقص، ما الذي يحدث؟ يزيغ قلبك عن باب الله وتتوهمي أن الذي يملك أمر هذا النقص شخص ما، بمعنى آخر، أنت لم تقدمي على الطلب من أحد غير الله إلا وأنت معتقدة تماما أنه يملك ما تحتاجينه. سيكون من الصعب جدا عليك تصور هذه الحقيقة بسبب الحواجز التي نعيشها.

·      انظري في حديث لمسلم كلنا نعرفه، الحديث: ((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم)) صحيح، هل أنت عندك عبادة الإستطعام؟ لا. لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى مغرقك في نعمه، هل عندك عبادة الإستكساء؟

·      هي عبادات تدلك على أن كل شيء أنت فقيرة فيه إلى الله، وعليه، هل نحن نشعر بأننا جميعاً جائعين ولا يطعمنا إلا الله ونستطعمه؟ ما الذي يفهم من الحديث القدسي؟ اطلبوا مني أن أجبر شعوركم بالجوع ونقص الطعام.

·      الجوعانة تقول اللهم أطعمني، التي تتمنى لبس الجميل من الثياب تقول اللهم اكسني ولا تقول أنا أعلم المحل الذي أجد فيه طلبي أو أذهب الى السوق وأحضر ما ينقصني مقللة بذلك من شأن عبادة الإستكساء والله هذا الباب -عبادة الاستكساء- أوسع الأبواب.

·      كم من مرة توفرت النقود لديك وبحثت ولم تجدي ما تحتاجينه أو لم توفقي في إحضار أشياء تعجبك.

·      هذا الذي يجبره من؟ الله عز وجل ((يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم)) هل شعرت أنك عارية؟ لا طبعا لأن ربي أغرقنا في النعم سبحانه وتعالى، الآن دعوني أسألكن: متى طلبنا من الله أن يكسينا؟ في الطعام ممكن أن يحصل ونستطعم الله -تشتهين طعاما معينا وتكونين غير قادرة على تحضيره فتسألي الله أن يطعمك وتقولي يا رب ارزقنيه- لابد أن تستطعموا الله عز وجل..

·      لماذا لا نستكسي الله؟ لأنه يخيَل لنا أن هذه الكسوة جهد بشري، نملك ذوقا معينا نحتاج الى مصانع منتجة لهذا الذوق، إذا لم أجده في هذه البلدة، أجده في بلدة أخرى أو مكان آخر... الخ هل تتصورن هذه السلوكيات؟

·      للأسف هذه السلوكيات تعبر عن مشاعر الاستغناء عن الله، -أستغفر الله العظيم- هذه القاصمة هي أكثر شيء يبعدك عن الله تعالى وهي شعورك أنك مستغنية عن الله؛ شعورك بأنك مستغنية عن الله ولست فقيرة إلى ربك في أن يطعمك ويكسيك ويفهمك ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ[الأنبياء:79]، مشكلة البشر الآن سوء الفهم، الله أكبر، الله أكبر اسأليه أن يفهمك الفهم الصحيح، مشكلة الناس أنك تتحدثين معهم في شيء يظنون شيئا آخر وتحدث مشاجرات، لا يفهموا مراد الله منهم أساسا، معظم الناس الآن يجهلون أنهم خلقوا ليتعلموا عن الله تعالى، ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الـطلاق:12] خلقت السموات والأرض وأنزل الأمر لتتعلمي عن الله عز وجل وتعبديه، وأنت مشغولة عن هذا تماماً! نتيجة ماذا؟ عدم الفهم.

·      معظم المشاكل تكون نتيجة عدم الفهم، يقول الإمام ابن القيم: "من أعظم ما يعطاه العبد صحة الفهم". يا رب ارزقنا الفهم اللهم إنا نسألك الفهم الذي يرضيك، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

·      يوجد كتاب رائع للمتخصصين للشيخ محمد حسان عنوانه "الفهم" ان شاء الله نتطرق إلى موضوع الفهم مستقبلا.

·      شعورك أنك مستغنية عن الله يجعلك تفقدين الكثير من العبادات وعند فقدها تعتمدين على نفسك فلا توفقي.

·      مثال بسيط: عبادة نفض الفراش قبل النوم. هل تقمن بها باستمرار؟ عندما تقومين بنفض الفراش قبل النوم ربما تفعلين هذا الأمر وأنت تشعرين أنه أمر عادي هل أنت مدركة قيمة هذه السنة النبوية؟ صحيح كلامكن بهذه السنة ندفع كل المؤذيات من الفراش سواء الشيطان -وهذا مهم جداً- أو الميكروبات وما يذكر من الناحية العلمية، لكن كثيرا من الناس يعتبرونها عادة أو ينسونها ويشعرون أنهم في غنى عنها خصوصا إذا كان البيت نظيفا، لنفترض أنك تسكنين في بيت مليء بالحشرات أو تقطنين في قرية، كيف سيكون نفض الفراش بالنسبة لك؟  شيء ضروري جدا.

·      هل نريد ألا نجد طعاماً حتى نستطعم الله؟ هل نريد ألا نجد كساءً حتى نستكسيه سبحانه وتعالى؟! إذاً أعظم العبادات لا نقوم بها، انظري إلى الطريقة التي نعامل بها ربنا سبحانه وتعالى، الشيء الذي يظهر لنا الحاجة إليه نقوم به والشيء الذي لا يظهر الحاجة إليه نستغني عنه، -نسأل الله العفو والعافية- وهذا ما يحصل في علاقتك بالله، على سبيل المثال: لك أم حانية وليس من الصعب أن تبريها، فلا تشعري أنك بحاجة الى التوسل إلى الله ليلا ونهارا ليعينك على برها. تشعرين أنك ابنة بارة وتقولين لن أعقها أو أتخلى عنها يوما، لست بحاجة أن أتوسل إلى الله.

·      والواقع هو عكس ذلك تماما، أنت في أشد الحاجة الى طلب التوفيق من الله. تحسبين أن الأمور تحدث بشكل تلقائي مع أنك دائما ترددين قول لا حول ولا قوة إلا بالله، لا بد ان أتبرأ من الحول والقوة وأنزلهما بالملك سبحانه وتعالى لكي يعينني.

·      سنضرب أمثلة حتى تعلمي أن كل شيء يحدث بحول الله وقوته، لا بد أن تتبرئي من حولك وقوتك وتلجئي إلى الله عز وجل حتى يعينك على فعل أي شيء تريدينه، أنا بارة بأمي، لماذا أتوسل أن يرزقني الله برها؟ أو أنا صالحة مع زوجي، لماذا أتوسل أن يجبرني ربي مع زوجي؟ إلى أن تأتيك كسرة.

·      هناك نفسيات لا يصلحها إلا المشرط، هل تذكرن المشرط في درس اسم الله الوكيل؟

·      إذا بماذا نتوسل الى الله؟ بالاستغاثة بأن تتعبديه على الوجه الذي يرضيه وبالحمد بأن تشكريه على أنه أعانك سبحانه وتعالى.

·      من المهم جدا أن لا تمر علينا أوقات في حياتنا نشعر أننا نستغني فيها عن الله. (الجزئية التي أردت قولها للبنات والعاطفيات) وخلاصة كل ما سبق أن أتعلم سؤال الله تعالى باسمه الجبار أن يعطيني كذا وكذا.

·      هناك من تقول لي أنا أسأل الله أن يعطيني ولا يعطيني، كيف نرد عليها؟ نقول لها أولا عطاء الله تعالى وجبره لكسرك يكون موافقا لحكمته، فهو يجبر كسرك بحكمته سبحانه وتعالى فيعطيك ما يناسبك في الوقت الذي يناسبك ويناسب حالتك.

·      والأمر الثاني ربما كان هذا الذي ينقصك نقصه كمال لك، هذه النقطة جميلة جدا جدا، أحيانا كثيرة ينقصك شيء، وهذا الشيء هو الذي سيكون سببا في تربية الله لك وكمالك، وفي الحديث القدسي الذي يقول الله عز وجل فيه: ((إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر)) ما معنى هذا الحديث؟

·      هذا الذي لا يصلحه إلا الفقر، ماذا يفعل الله به؟ يفقره، لماذا؟ لأن هذا لا يصلحه إلا أن يكون فقيرا، الذي لا يصلحه إلا الغنى يغنيه الله، الذي لا يصلحه إلا الصحة يرزقه الله الصحة، الذي لا يصلحه إلا المرض يبتليه الله بالمرض. فأنت اسأليه باسمه الجبار أن يجبر ما نقصك، وعندها لا تحسين بماذا؟  بالنقص. واعلمي أن التوحيد يظهر في هذه المواطن، إذا أردت أن يجبرك الله تعالى في مصابك وفي نقصك فلا تسألي غيره واسأليه وحده، لا بد أن يُبنى في قلبك قناعة أن الذي تحتاجينه ليس ملك لأحد إلا الله تعالى. ويتبين لك هذا الأمر خصوصا في جانب المشاعر والأحاسيس الناقصة.

·      مهما أتى القوم من أجل أن يعطوكِ فالله تعالى هو الذي ينفعك، لا يسد حاجتك إلا الجبّار،

·      من الممكن ان يقوم الذي امامك بفعل كل ما بوسعه (مثلما نقول بالعامية يقيد (يشعل) أصابعه العشرة شمع) وتكوني غير راضية، عندك حالة اكتئاب، لم تنتفعي بما فعله من أجلك.

·      حالات تأتي لي أقول لها ما شاء الله تقول: زوجي يفعل كذا وكذا... فأقول لها: ما شاء الله يساعدك كثيرا، فتقول: أنا من أساعده، هو الذي يقوم بكل شيء ومع ذلك هي حزينة جداً وتعاني من حالة اكتئاب، سبحان الله.

·      اعلمي أنه لا يسد الحاجة إلا الله سبحانه وتعالى، فلا تدخلي في علاقات مع أشخاص ولا تقبلي على حياة أو أي شيء إلا وأنت متعلقة بالله أن يرزقك ما يجبر به كسرك. كسرك يعني حاجتك أو نقصك، لأن كثير من الشابات يقبلوا على الحياة الزوجية بصورة غير واقعية، صورة من الأحلام -من الممكن أن تجدي سيدة متزوجة منذ عشرين سنة وتحلم بهذه الصورة أيضا- تقريبا ٩٩% من النساء، تبدأ حياتها الزوجية وهي متأثرة بالتلفاز والمسلسلات التي أفسدت عقول النساء حسبي الله ونعم الوكيل فتصطدم بالواقع وتكتشف أن فيه الحلو وفيه المر.

·      نقول إن العلم بالله نور في علاقتنا مع الله ونور في علاقتنا مع الناس، ﴿أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ[الأنعام:122] علمك بالله نور مع الله ونور مع الناس. عندما تقبل المرأة على شخص وكل تفكيرها أن هذا الشخص سيغير حياتها ماذا سيحصل؟ سيورثها تعلقها بهذا الشخص نقصا لا يسد، ثغرة لا يمكن سدها، لكن تعلقها بالله سيجعل هذا الزوج نوعا من أنواع الجبر لعاطفتها ولحاجاتها.

·      فالتعلق بالله هو الذي يجعل الزوج ينفع الزوجة، بكلمات أخرى: أنا مقبلة على الزواج أستغيث بالله وأقول يا رب وفقنا معا، يا رب أصلحه لي، اللهم أنت مالك قلبه والقادر عليه، اللهم فسخره لي.

·      لا بد لكل امرأة أن تستغيث بالله أن يرزقها من يسد حاجتها العاطفية لأن كل امرأة ـإلا من رحم الله ـ عندها احتياج شديد للحب والحنان وسماع الكلام الجميل وهذا ليس عيبا أو حراما، -وأنا لم أقل أنه أمر تافه ولا أحقر من هذه المشاعر ولكن أسال الله العفو والعافية- على المرأة أن تكون متعلقة بالواحد الأحد ومنشغلة به وأن يمتلىء قلبها بحبه وتعظيمه؛ فعلى قدر تعلق قلبها بالله يكون صلاح الناس الذين تحبهم، هي تحبهم جداً ولكن لا تفتقر إليهم الافتقار الشديد غير السوي بل الافتقار الفطري.

·      مثلا كل زوجة تحب أن تشعر بحب زوجها أو أن يحن عليها ويحتضنها عندما تكون متضايقة ويحتويها وهذا أمر فطري، فجملة "عمرك ما ريحتني" (لم أشعر بالراحة معك قط) متى تأتي؟ عند تعلقك بالشخص بدلا من الله عز وجل، فأنت لم تسأليه سبحانه أن يريحك ويجبرك بهذا الشخص. هل تفهمن ما أقول؟ يمكن أن يكون هدفي في الحياة زوجي فيكون كل تركيزي عليه (شخص واحد)، أين ذهبت؟ ولماذا تأخرت؟ تأخرت ربع ساعة، مع من كنت؟ يرد عليها قائلا: كنت مع أمي أو أختي. فتقول له: عما تحدثتم؟ كل تفكيرها منصب حول هذا الزوج.

·      كثير من النساء تتصل بأحد العلماء وتقول أنا في بلاء شديد مع زوجي، بلاء لا أصفه يا شيخ يقول لها: لا يحترمك؟ تقول: بالعكس هو يحترمني جدا، يعاملك جيداً؟ نعم، يعاملني جيداً، هل يحترم أهلك؟ نعم يحترم أهلي جدا، إذاً ما همك؟ لا يحبني. هل الحب مجرد كلمات؟ أو الحياة كلها عباره عن كلمات؟ أنا لا أنكر عليك إذا كان هذا شيء أساسي بالنسبة لك هذه مشاعر وهذه طبيعة المرأة.

·      فالنبي ﷺ لم ينكر على سيدنا مغيث أن يبكي على جريرة، كان يعشقها، لم ينكر عليه لأن عشق الزوجة مباح، لكن كان قلبه معلقا بالله فلم يؤثر عشقها فيه.

·      أحب من أمامي وأسأل الله أن يجبرني به، ولا أتعلق به ولا أصرف كل تفكيري وأتصور أنه هو من يملك أمر راحتي وسعادتي، فلا يشعر بي (وتقال هذه الجملة بكل اللغات).

·      يا حبيبتي لا يشعر بالعبيد إلا الذي خلقهم، كيف تكلفين عبدا ما لا يستطيعه، ستقولين: يا أمنية مثل المسلمون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، نعم أنت كوني كذلك، اشعري بأختك، اشعري بزوجك واحتويه، لكن يوجد فرق شاسع بين أن أبدأ حياتي متعلقة برجل ومتعلقة بالله الجبار الذي أسأله أن يجبر ما عندي من نقائص بهذا الرجل. يا حبيباتي الشابات والزوجات العاطفيات، لو تعلقت بالشخص جعلني الله رهينة له، لكن تعلقي بالله يجعل الله تعالى يخرّج من هذا الشخص ما يجبر به نقصي، كل واحدة تتعلق بالله عز وجل وتستعين بالله عز وجل يصلح لها من حولها.

·      كنت قد ذكرت لكم أنني قدمت دورة مدتها ثلاثة أيام في شرح اسم الله مالك الملك، الأخوات قلن أن الأزواج تحسنت طباعهم كثيرا وتغيروا ١٨٠ درجة، فأنت عندما تصلحين ما بينك وبين الله، يصلح لك الله عز وجل زوجك ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ[سبإ:10] هناك من تتعلق بالزوج وهناك من تتعلق بالله فيخرج الله لها من هذا الزوج ما يجبر به نقصها. ولذلك يؤسفنا أن نقول أنه توجد حالات زواج كثيرة حتى الحاجة الأساسية فيها لا تسد (طبعا تعرفن ما أقصد) -نسأل الله العفو والعافية- يحول هذا الأمر المرأة إلى خائنة لزوجها في حاجتها الأساسية خارج بيتها وتقع في الزنا بالرغم من أنها متزوجة، فأسأل الله عز وجل أن يسترنا ويستر أعراضنا ويستر بناتنا وأن يغطينا ويحفظ أعيننا ويرزقنا غض البصر وغض الطرف..

·      هذا الكلام ليس من باب الإعذار لها ولكن نقول هذه المصيبة متى تحدث؟ تحدث عندما تعتقد هذه المرأة أن هذا الشخص بعينه هو الذي يسد حاجتها وليس الله الجبار هو الذي يجبر لها حاجتها به. فإذا أردت من أحد شيئا يملكه فاعلمي أنه يملكه ظاهريا فقط، يملك طعامك ويملك المنزل الذي تريدين أن تسكنيه ويملك السيارة التي تريدينها، فلا تدعي بصرك يخدعك وينقل إلى قلبك حالة من التعلق بالشخص. اجعلي قلبك دائما متعلقا بمالك الملك هو الله الذي يجبر نقائصك، فلا تنخدعي بما يظهر لك، لا تقولي فلان سعادتي معه ولن أتزوج غيره أو زوجي إذا لم ينصلح حاله لن أكون سعيدة، اجعلي دائما قلبك متعلقا بمالك الملك الجبار هو الذي يجبر نقائصك. إن العين تخدع، ألا ترى عينك السراب؟ ظاهرة السراب ما هي؟ العين ترسم في ذهنك أنه ماء وفعلا ترينه ماءً، ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ[النّور:39] يا ليته لم يجده شيئاً فقط ولكن وجد الحساب، مثل هذا السراب هي كل الأسباب التي من حولك، تتوهمين أنك إذا تقدمت إلى السبب جاءك مرادك، لا يأتيك مرادك الا إذا شاء الملك، مالك الملك الذي يجبر نقصك بما أعطاك من أسباب.

·      كونك أنك ترين أن السعادة مرتبطة بشخص أو بشيء ما، هذه عينك الخداعة. السعادة تكمن في أن يجبرك الله الجبار فيسد نقصك بإعطائك حاجاتك وجعل ذاك الشخص أو الشيء سببا أو يجعلك لا تشعرين بالنقص أصلا.


تعليقات