أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
·
أنا الآن الذي يعينني على ضبط انفعالاتي
هو طول مُكثي على كلام الله عز وجل، طول المُكث؛ لأن الطاقة الانفعالية كلها ستكون انفعال فرح مع
كلام الله جل وعلا، فأنتِ عندما تكونين ممتلئة فرح صعب أن يُحزنك الحزين، صدقًا
واللهِ، ومن درسوا معي هم خير شاهد.
·
أنا الان أجلس ثلاث أو أربع ساعات أقرأ
في التفسير وقبلها ساعتين أو ثلاثة في الأسماء والصفات، فيأتي من يُعصِّبني
ليُعصبني فلن أقدر أنفعل وأتعصب معه.
·
فأنتِ تسأليني هل سأكون هكذا طول الوقت؟
الله عز وجل يقول: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ [الأحزاب:35] نحن
نتكلم في علاج ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾
[الذاريات:50].
·
إحدى الحاضرات تسأل:
·
س: عندما أعود للبيت من
مجلس العلم مدته ثلاث ساعات، ثم أجد أبنائي يتشجارون وصوتهم عالي فكيف سيكون ردة
فعلي؟
·
ج: هل أنت عندما تكونين بدون ثلاث ساعات
مجلس العلم هل ستكون ردة فعلك أمام شجار الأبناء أو الزوج بنفس ردة الفعل عندما
تحضري مجلس العلم؟
·
أنت لو هكذا يوميًا فالله عز وجل وصف
المؤمنين أن هذه حالتهم الدائمة ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ
كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾
[الأحزاب:35]،
أنا لن أقول لك ِ احضري الدروس يوميًا ثلاث أو أربع ساعات معي، لكن أنتِ لو لم
تحضري درس علم في الخارج فأنتِ تسمعيه في البيت، لا تجلسي جلسات بمفردك مع
الشيطان.
·
عندما تكوني عائدة من الدرس لأولادك
وأنتِ فرحة حتى وإن حدث بين أبنائك شيء سيكون ردة فعلك [لا تغضب]، أنتِ ستكونين هادئة فتُهَدئي من معك. [لا تغضب، هدِئ نفسك،
الأمر لا يستحق، المسلم ليس بفاحش ولا بذيء]
ثم تدخلي بينهم أو تقرأي لهم قصة، أو اسمعوا معي الدرس..
·
هناك أخوات اللهم بارك -وهذا فرض عليكِ
كأم- تأخذ الدرس ساعتين أو ثلاث وتجلس تتكلم مع أولادها حتى وإن كان عمرهم 6 أو 7
سنوات، هذا هو المطلوب منك.
·
فهناك فرق شاسع في إن امرأة فارغة وتتعرض
لانفعالات خارجية وأخرى ممتلئة وتتعرض لانفعالات خارجية.
·
ومن تسمع شرح الأسماء والصفات -وهناك
آلاف الرسائل- تقول بعد سماع شرح أسماء الله الحسنى حياتي تمامًا تغيرت، هدأت.
·
هو الذي ينزل السكينة سبحانه وتعالى على
عباده، ما يتركك أبدًا وأنت صادقة في لُجئك إليه تعالى الله، تعالى الله.
· فالانفعال
هو الذي يميز الإنسان، وانفعالاته تبين من هو، ويشارك في ذلك حتى البدن.
·
عندما يكون العبد بلا كلام الله تزيد
اضطرابات القلب وربما ارتفع السكر وغير هذه من التغيرات لأجل أن تحفز الإنسان
ليتعامل مع المثير الخارجي.
· وفي
علم النفس يُعَرِّفون الانفعال على أنه حالة من الاضطراب والاستثارة تسبقها حالة
سكون وانتظام وأنه تغير فجائي يصيب الكائن الحي وتظهر آثاره في السلوك الخارجي،
ويحدث عادة عندما يتهدد التوافق القائم بين ميول الفرد ودوافعه وبين ظروف البيئة
التي يعيش بها الفرد.
· أي
أنت الآن تريدي فعل شيء، والخارج عنك في البيئة الخارجية يُجبرك على فعل شيء آخر
فيحدث الانفعال.
· فيحصل
انفعال عندما يصبح الذي تريده أنت غير الحاصل حولك، بهذا التعريف عندهم يصبح
الانفعال حالة ما تحصل في الشيء غير المرضي، على ذلك لا يكون انفعال الفرح عند
علماء النفس انفعال. (علماء النفس الغربي)
· الانفعال
في حقيقته حالة تميز الإنسان، وهذا الانفعال كما اتفقنا يُخْرِج من الانسان
حقيقته، فربما انفعل ففرِح ووقع منه مالا يليق.
· يحدث
هذا من المسلمين أم لا؟ عندما يفرحوا يحدث منهم مالا يليق، واحدة رأت البحر فتخلع
ملابسها وتنزل، واحدة أرادت أن تعمل لبنتها زفاف فأحضرت راقصة، وهذا غير واحدة
أرادت أن تفرح فاستمعت إلى القصيدة اللامية للإمام ابن تيمية، أو شغلت أناشيد
أفراح وورود وهي أناشيد إسلامية، أو عملت قاعة للرجال وقاعة للنساء، هذا انفعال
ويظهر هذا الانفعال للخارج.
· واحدة
انفعلت بمعنى أنه حدث في قلبها تغير بحب شخص معين وهو ليس زوجها، فواحدة تنفعل
فتخرج معه وتكلمه وتصاحبه نسأل
الله السلامة والعافية؛ خطوات للفاحشة.
· وغيرها
تنفعل فتستغيث بالله [يا رب إن كان فيه
خير إئتني به وأنت على ذلك قدير، ولو ما فيه خير اصرفه عني واصرفني عنه وعِفْ
قلبي] فتكون داخليًا فيها خشية، فهذا انفعال. حذرة.
· هناك
واحدة تنفعل إن كان هناك ناس يقولون لها [برافو أحسنتِ] فتقول [أنا طول الليل أعمل،
ما تتصوروا ماذا عملت، أنتم لا تعرفوا كذا] انفعلت، وأخرى تقول [أسأل الله أن يرفع
العمل].
· فعند
الانفعال يُخرج الإنسان أشياء، أسأل
الله ألا يُخرج مني ومنكم إلا ما يحب ويرضى، لذلك نريد أن نتكلم
عن الانفعال وخطورته، الانفعال يمكن أن يؤدي بكِ إلى كبيرة نسأل الله السلامة والعافية.
· كيف
يحدث الزنى؟ نظرة.
· هذه
النظرة في علم النفس -مع اعتراضي على علم نفس الكفرة كُلًّا وجزءًّا، أنا أتكلم عن
الأمور الصائبة والتي تناسب شريعتنا وذُكِرت في كلام الله- الانفعال أول درجاته
إدراك ثم وجدان ثم نزوع.
·
نظرة: هذه إدراك [نظرت للوردة]
· الوردة
جميلة أعجبتني، حدث باخلي حب لها، عندما أحببتها أريد أن أقطفها.
· لذلك
من تتهاون في النظر هي في بلاء عظيم، النظرة سهم مسموم من سهام إبليس. سهم في
القلب، ((من تركها مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه)) رواه الحاكم، والطبراني. اكشفوا عن صحة الحديث
لكن لها أصل في كتاب الله: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ٣٠
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: 30، 31]
· لذلك
أنا أرفض أي نوع من أنواع الفذلكة، يقولون النظرة بشهوة أم من دون شهوة؟! من أين
أتيتم بهذا التقسيم، وأرفض رفضا باتًا أن أخوات في الله يجلسن مع الشيخ وجهًا
لوجه، مرفوض.
· أفتت
اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز أنه لا يجوز للشيخ أن يُعلم
الطالبات إلا من وراء حجاب. لابد من حاجز، نحن جلسنا عشرين سنة نتعلم من الشيخ فتح
الباب ولا أعلم شكله.
· أنا
الآن أريد أن أُفهمك أن كل شيء يرجع إلى الانفعالات، لا تُعرضي نفسك للانفعالات، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
· سنتكلم
عن إذا فُرِضَ عليكِ الانفعال، يعني أنتِ رغمًا عنكِ ستكونين في موقف فيه انفعال
وكيف سنُسيطر على الانفعال.
· الانفعال
يكون ناتج عن مؤثر خارجي كان هذا المؤثر الخارجي يُخْرج مكنونات النفس ويُظْهِر ما
فيها، ولهذا الانفعال الكثير من الأعراض البدنية كما اتفقنا، هناك سرعة في ضربات
القلب وارتفاع في ضغط الدم، سرعة في التنفس، جفاف في الفم، اضطراب حتى في عمل
الجهاز الهضمي -أكرمكم الله- إسهال شديد أو إمساك شديد، وأيضًا هناك أعراض أو آثار
خارجية مثلًا: يأتيها أرق أو اضطراب في النوم أو رغبة في البكاء، رعدة، هذا كله من
أثر الانفعال الداخلي.
· أحيانًا
كثيرة نظرًا لقوة الانفعال وغفلة القلب يحدث مس خارجي من عمل الشيطان، من أرادت أن
تعرف أصل هذا الموضوع ترجع إلى كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية، لن أطرحه الآن.
· فتكون
مشاعره سبب في اضطرابه، يعني الآن متوقع أن الانفعال يسبب سلوك انفعالي، يأتي
للشخص شيء يخوفه فيخاف، لكن عندنا شيء اسمه اضطراب انفعالي فيكون ردود فعله غير
مناسبة للمثيرات، إما بالزيادة وإما بالنقص.
· يعني
ممكن حتى بالنقص نقول إن هناك بعض الاضطرابات النفسية على صاحبها عليه أن ينفعل مع
الحدث وأن يتحرك معه لكن هو لا يتفاعل، ما معنى هذا الكلام؟
· يمكن
الانفعال يحدث بالعكس يبين لكِ أن من أمامك مضطربة نفسيًا، مثل أُم يكون ابنها
صاعد على سور البلكونة وهي جالسة مكانها تصرخ، غير قادرة أنها تقف وتنقذ ابنها! هي
جالسة! هذا انفعال بالنقص، المفروض أن تتحرك، تنفعل فتتحرك لكنها جالسة غير قادرة
على الحركة.
·
فليس شرطًا أن تكون كل
الانفعالات هيجان وثوران بل من الممكن أن تكون الاضطرابات الانفعالية عدم تفاعل
أبدًا، على كل حال ما يحصل في القلب وما يجري في البدن الله به عليم، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ
وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٤﴾ [الـملك:14] هذه هي حالة معقدة
حقيقة يحصل في هذه الحالة المعقدة أعراض داخلية وخارجية ويتبعها السلوك ويؤثر على
العمليات العقلية.
· ولذلك
من تعاني من الاضطرابات النفسية تقول لي: [لا
أستطيع الحفظ أبدًا، أنا أنسى، أنا مشتتة] أفيقي نفسك ولا تكوني
متضايقة، لا تضايقي نفسك على كل شيء، الله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ٧٠﴾ [النمل: 70].
· فيتبين
لك أن أثر الانفعالات النفسية التي لا نريدك أن تسترسلي معها يؤثر على العمليات
العقلية من التذكر والإدراك والتفكير، يقول
الشيخ ابن تيمية رحمه الله: أن النفس تنفعل حتى مع الصورة المحبوبة.
· يعني
ليس شرطًا أن يكون شيء أمامي آثاره، حتى لو كان في العقل صورة لمحبوب أو مبغوض
تؤثر في انفعالاتك النفسية.
· وقلنا
بالأمس أن القرين دائمًا يُذكرك بالذكرى المؤلمة ويأتي لكِ بصور أنتِ تكرهينها حتى
يؤدي إلى تحزينك، وحتى وإن كان هذا لا يحصل الآن.
· هذا
من عمل الشيطان ووساوسه، أوقفي هذا؛ لا تسترسلي، اتركي، فِرِّي إلى الله، اقطعي.
· لاحظي
أني أستشهد بالجرجاني وابن القيم وابن تيمية في علم النفس، وليس بـ فرويد الشاذ
ولا الفلاسفة الضائعين الذين يثبتون الشيء وضده في آن واحد.
· وأنا
أقول هذا الكلام عن علم، ما في أحد يقول إني أهاجم الفلسفة أو أهاجم علم النفس
بدون علم، أنا درست فلسفة أربع سنوات ودرست الاتحاد والحلول والفلسفة السفسطائية
وكنت أحصل على جيد جدًا وامتياز والحمد لله أني لم أكفر؛ صدقًا.
· ودرست
علم النفس في الجامعة، أنا حاصلة على ليسانس آداب وتربية لغة عربية، فكنا مجبرين
على دراسة أربع سنوات علم نفس واجتماع تربوي والحمد لله الذي علمنا القرآن، الحمد
لله؛ كلام الله لا تستبدلوه يا أخوات بأي كلام، ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي
هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [البقرة: 61].
· يقول
ابن القيم: عندما نتكلم عن الحب أنه غليان القلب وثورانه عند الاحتياج للقاء
المحبوب، ويقول: إن القلوب تغلي بما فيها كالقِدْر إذا استُجمعت غليانها.
· يعني
معناه أن هذه أشياء فيها اضطرابات، ولابن القيم كلام كثير مثلًا عن الغضب أنه مثل النار في الاضطراب والاهتياج، عندما أقول لك إن
الانفعالات في غاية الأهمية وأنت ستقابلينها باليقين، ما هو اليقين؟ مشاعر مسيطرة، تجدي العلَّامة عبد الرحمن السعدي يقول: إن
قلوب الأبرار تغلي بأعمال البر.
· في
القلب غليان يريد، يتحرك وينفعل، الربانيون الأبرار قلوبهم برَّت بمعرفة الله
بأسمائه وصفاته. برَّت. اللهم اجعلنا من
الأبرار.
· يقول
ابن القيم: القلوب تغلي بما فيها، هذا يعلمك أن قلبك سيغلي بما فيه، فلو أنت الآن
تعرضتي لانفعال وقلبك فيه ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا
خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ٦٣﴾ [الفرقان:
63]
· لو
هذا بداخلك وقابلتِ إنسانة في غاية الاستفزاز تقول لكِ كلمات جارحة، ستنظرين إليها
وتقولي يا ترى هل هي طبيعية أم مريضة وبهدوء ستقولين لها: لا، الأمر هكذا خطأ.
· يعلم
الله أني لا أقول شيء إلا إذا وجدته، كنت أرى هذا الأمر في والدتي -أسأل الله عز وجل أن يرزقها الشهادة-
هي كانت تعاني من اللوكيميا، وكانت دائما مبسوطة وسعيدة، وعندما يكلمها أحد ترد
بهدوء وتقول الأمر هكذا وليس هكذا بهدوء، ومن يراها لا يقول أن عندها تسمم دموي
بخلايا السرطان، كان عندها 97% خلايا سرطانية، سرطان النخاع، يعني مصنع الدم في
جسمها كان به المرض. سبحان الله العظيم.
· فكانت
تقول لي يمكن الإنسان الذي أمامنا نحن لا نعرف ما به.
· وأتذكر
أن مرة كنا طالبين من أحد شيء ليقضيه لنا وهي تتكلم معه في الهاتف وأنا سمعته
خذلنا خذلان شديد، وأراها مبتسمة جدًا، بل كانت تضحك فنظرتُ لها بعد ما أنهت
المكالمة وقالت لي: [الحمد لله أنهم خذلونا]
· هؤلاء
الأشخاص الذين طلبنا منهم شيء وهم يستطيعونه، نحن نطلب من غيرنا أشياء هم يقدروا
عليها هذا جائز شرعًا كأخذ بالأسباب، فعندما لم يهتموا فصارت سعيدة جدًا، فنظرتُ
إليها وأنا أتسائل ما سبب هذا الانفعال؟ قالت لي: [أنا مبسوطة جدًا أنهم خذلونا
حتى لا نتعشم غير في وجه الله]
· فهي
فرحت بتربية الله، التفكير وفق ما بداخلك، هناك من ينفعل فيقول هؤلاء أندال، هم
كذا وكذا، كم عملت لهم، كم سويت لهم، لماذا قلة الأصل وكذا وكذا!
· واللهِ
لا أنسى سعادة وجهها، هذه القصة حدثت وأنا في المرحلة الإعدادية تقريبا أسأل الله عز وجل أن يُحسن ختامي وختامكم. فأنا
أقول لكِ افهمي أن لن تصل إلى هذه المرحلة غير إذا امتلأتِ علمًا ونورًا فأقبلي
بكُلِّيتك على الله.
· "القلوب
تغلي بما فيها" هي علمتني شيء اسمه توحيد الرجاء، لماذا أنفعل طالما أني لا
أنتظر مِنْ مَنْ أمامي شيء، لن أتعاطى أسباب الحزن.
· تكلمنا
بالأمس عن أسباب الحزن، فهذه الانفعالات تكون وِفق ما في داخلك.
· المقصود
إن مسألة الانفعالات النفسية مسألة واضحة موجودة ومقررة في السابق، وهناك كتاب
اسمه "الانفعالات النفسية في القرآن" للدكتورة سناء السعداوي وهذا
الكتاب إن شاء الله سنستفيد منه جدا إذا قدَّر الله عز وجل أن تكملوا معي في دورات
الانفعلات وعلاجها.
· الآن
ندرس شيء من الأخبار الموجودة في القرآن عن الانفعالات النفسية حتى تتعلمي عظمة
كلام الله عز وجل وأن كل داء في قلبك موجود علاجه في كلام الله وفي كلام الرسول ﷺ،
﴿مَا فَرَّطْنَا فِي
الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام:
38].
· ورد
في بعض الآيات أن الفعل الذي يقوم به الإنسان أثر من آثار الانفعال، فمثلًا انفعال
الغيظ، انفعال الغضب، انفعال الخضوع، انفعال الخشوع، انفعال الحب كل هذا يؤثر
ويسبب فعل، فمثلًا في قوله تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ
لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ
٥٧﴾ [الأنبياء: 57].
· هذا
انفعال ماذا؟ غضب لله، سيدنا إبراهيم يغضب أن يُعبد من دون الله أحد، والغضب الذي
في الداعية لله هو الذي سيحركها لتغيير أي شيء حرام أو خطأ في نفسها أو ذويها
وتقول: لا.
·
كان هذا من إبراهيم عليه السلام
غضبًا لتوحيد الله ولذلك في الآية الثانية ﴿وَفَعَلْتَ
فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ١٩ قَالَ فَعَلْتُهَا
إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ٢٠﴾ [الشعراء: 19-20]،
في
حق موسى عليه السلام عندما غضب وقع منه هذا الفعل، فالنفس تنفعل فتفعل.
· اكتبي
هذا الكلام: النفس تنفعل فتفعل
· هي
لو من البداية ساكنة فماذا ستفعل؟ ولو من البداية فارغة جائعة ماذا ستفعل؟
·
النفس
تنفعل فتفعل فلما غضب -إبراهيم عليه السلام- كاد للأصنام ﴿لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم﴾ [الأنبياء:57]، كادها
كيدًا: أي كسرها، أو بسبب الغضب أراد تكسيرها، وفي مقابل ذلك أيضًا الخبر عن موسى
عليه الصلاة والسلام لما اغتاظ من الظلم فعل فعلته، فالمقصود أن النفس الإنسانية
يحصل منها انفعال فتنفعل، وهذا من الأدلة على ذلك.
·
إذن
الانفعال حالة نفسية طارئة تؤثر على الإنسان وعلى قراراته وعلى أفعاله وكما مر
معنا أيضًا تؤثر على صحته الجسدية، وفي القرآن ما يدل على أن الإنسان ربما بسبب
انفعاله يشعر بتوتر في صدره وهذا التوتر يؤلمه وهذا مثل ما قال الله سبحانه وتعالى
في حق الثلاثة الذين خُلِّفوا بما وصفهم من الحالة الشعورية فقال في سورة التوبة: ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ [التوبة: 118].
· الإنسانة
التي عندها ضيق في صدرها بماذا تشعر؟ كأن الدنيا كلها ضيقة، نسأل الله السلامة والعافية.
· وهذا
لا يذهبه إلا الله، رب الناس أذهب
البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاءك، لذلك الناس الذين
يتكلمون في الطاقة يقولون عن الزرع والورد يعطي طاقة إيجابية.
· اذهبي
للمرضى النفسيين.. مستشفى الأمراض النفسية في العباسية حولها حديقة رائعة، أو
اذهبي لإنسان مشلول تمامًا وخذي معك ألف وردة، هل عندما تعطيه الألف وردة هل سيقف؟
لماذا؟ أين الطاقة الإيجابية؟!
· من
أربع أو خمس سنوات كنت أتكلم مع الأخوات عن شيء قرأته عند أصحاب الطاقة وهي عصا
موسى، يقولون أحضري عصا ثم تمغنطيها ثم تنظري لها كل يوم بِحُب، تعطيها طاقة
إيجابية، ثم تضعيها على المريض حتى تشفيه!
· هذا
الشرك في ثوبه الجديد، من لديها أي شك ترجع لأصل أصحاب الطاقة، أنا درسته من
جذوره، من هم الجماعة الطاويين [الطاوية: مجموعة مبادئ، تنقسم لفلسفة وعقيدة دينية، مشتقة من المعتقدات
الصينية الراسخة القدم. من بين كل المدارس العقلية التي عرفتها بلاد الصين،
تعتبر الطاوية الثانية من حيث تأثيرها على المجتمع الصيني بعد الكونفشيوسية]؟
يعتقدون أن هناك إلهين في الكون، إله الخير يُمثل الطاقة الإيجابية، وإله الشر
يُمثل الطاقة السلبية. وعيشي كل الأوهام التي أتت من بعد هذا.
· من
أرادت تفاصيل الموضوع ترجع إلى تسجيل 9 حلقات في خطر الفكر الوافد. وسامحوني لأني
كنت أصيح من هذا الفكر، لأن المسلمين ما عندهم شيء اسمه استعانة بالله وطلب القوة
من الله والانفعال بكلام الله فأي أحد يُلقي لهم أي طعام حتى وإن كان الطعام نجس
يتناولونه!
· حقيقةً
طول دراستي لهذه الدورة وأنا في حالة نفسية من الانفعال لا يعلمها إلا الله. حزينة
لله.
· فلماذا
تستبدلوا كلام الكفار بكلام الله، ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ
وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ﴾ [التوبة:
118]. هذا هو الطريق، لماذا تذهبي
للكفار؟ لماذا؟ الناس كانت تعبانة نفسيًا والدعاة لم يكونوا بهذا العلم الذي منَّ
الله به علينا الآن وقتما أراد، وأسأل
الله عز وجل أن يبارك لنا في العلم بالقرآن وبكلام الله وأن ندرسه على الوجه الذي
يرضيه وحده سبحانه وتعالى وأن نوصله للمسلمين والمسلمات،
القلب وعاء فبما تملأي الوعاء؟ من كان وعاءً للخير ملأ الله وعاءه.
· إذن
النفس تضيق بسبب الانفعال النفسي، وربما تتسع عندما يكون الإنسان في حالة من
السعادة، من ذلك ما حصل للنبي ﷺ
من ضيق في صدره بعدم استجابة المدعوين له - وهذا أيضا نُهي عنه النبي ﷺ – قال الله عز وجل: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا
يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٣﴾
[الشعراء: 3].
· أنتِ
منهية عن أنك تضايقي إن من أمامك لا يستجيب لكِ، لا؛ أنتِ حولي هذا الضيق لتعبد
لله ببذل الجهد، الآن ابنك لا يريد أن يحفظ قرآن فتحزني حزن لله، ولكن لا تستلمي
لهذا الحزن بل كرري عليه، أحضري له غيرك ليحفظه القرآن، أرسليه إلى دار، ستجدي
الدار يشتكون من ابنك، ويُطرد من الدار والمُحفظ يقول لك أنه سيء...، جاهدي هذا
تعبد، ابنك كلما وعظتيه ذهب للاتجاه المعاكس! هذا تعبد، استمتعي بالتعبد.
· عندما
يقول لكِ أحد سيئًا خاطئًا استمتعي بأن الله رزقكِ رزقًا حسنًا أن تقولي لهم الخطأ
والصواب.
· طريقة
التفكير نفسها غيريها ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٣﴾.
· نختم
بهذه الجزئية في الانفعالات حتى أُبين لكِ أن كل شيء ذُكِر في كلام الله جل وعلا.
· وفي
حق لوط قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ
ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ٧٧﴾ [هود: 77] انظري
للتعبير القرآني العظيم، تخيلي أن أتاكِ ضيوف ومن معك في البيت يعاملوا الضيوف
معاملة في غاية السوء فما الحل؟
· أنت
جاءك ضيوف والمؤمن كريم، والضيوف سبب في زيادة الكرم، ((من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) فهذه
نظرتك للضيوف أن هم سبب في زيادة إيمانك، فيأتي من معك في البيت ليسيئوا إساءة
بالغة للضيوف فما الحل؟
· ما
الذي حصل مع سيدنا لوط؟ ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ
ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ٧٧﴾ انظري لكلمة "ضاق"،
هذا كله يكون في القلب في صدر الإنسان، تحصل انفعالات واضطرابات، ما الذي حدث من
سيدنا لوط؟ ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ
شَدِيدٍ ٨٠﴾ [هود: 80].
· يقول
النبي ﷺ: ((رحم الله لوطا فقد
آوى إلى ركن شديد)) هذا هو الذي نجاه من
الضيق، سيدنا لوط مر بانفعال شديد جدًا والشواذ من قومه يريدون أن يعتدوا على
هؤلاء الضيوف، فما المخرج لسيدنا لوط بعد انفعاله؟ آوى إلى الله فأواه الله وأخرجه
وأهله من القرية إلا امرأته، لأنه آوى إلى ركن شديد.
· وهذا هو علاجك، أن تأوي إلى ركن شديد.
· إذن
في قلوبنا وفي صدورنا انفعالات مما ورد في كتاب الله يدل على أن الصدور مكان خطير
تتجمع فيه الانفعالات النفسية، فهذا انشراح الصدر وانبساطه وتوسعته فيقول الله عز
وجل: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ
صَدْرَكَ ١﴾ [الشرح: 1] ويقول
الله عزوجل: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ
رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي
ضَلَالٍ مُبِينٍ٢٢﴾ [الزمر: 22].
· نسأل الله عز وجل بعد دراستنا للانفعالات النفسية وكيفية علاجها
بالقرآن أن يحدث لنا انشراح الصدر بكلام الله.
· انشراح الصدر بمعنى التوسعة والانبساط ليقبل الصدر ما يرد عليه من
كلام الله وكلام الرسول ﷺ فيغير
حاله إلى أحسن حال.
· ويقابل
انشراح الصدر ضيقه وهو الغم، إن ضيق الصدر أمر صعب على النفوس من الانفعالات
المتعبة ولا يملك الإنسان تجاه ضيق صدره حلًا إلا أن يُفرج الله عليه.
· لا
حل إلا أن يفرج الله عليه، ربي سبحانه وتعالى سيُفرج عليكِ بكلامه لأن كلام الله
له تأثير وله تغيير.
· يُفرج
الله عز وجل عليه فيشعر الإنسان بامتلاء قلبه بالهم والغم والحَزَن كأن النفس وعاء
تضيق، فحتى الأنفاس يشعر الإنسان فيها بالضيق، ولذلك قال الله عز وجل لرسوله ﷺ: ﴿وَلَقَدْ
نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ٩٧ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ٩٨﴾ [الحجر: 97-98].
· التسبيح
علاج للضيق، ما هو التسبيح؟ هو تنزيه الله عما لا يليق، ولا يكون تنزيه الله عما
لا يليق إلا عندما أعرفه سبحانه بأسمائه وصفاته، حتى تعرفي ما هو علاج الضيق. علاج
الضيق التسبيح.
· التسبيح
هو تنزيه الله عما لا يليق من الوساوس والظنون.
· فهذا
انشراح الصدر وهذا ضيق الصدر ذكرنا منها في كتاب الله.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ
أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق