القائمة الرئيسية

الصفحات

 


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

· طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلًا، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء لقاءً مباركًا تجدوا آثاره في صدوركم وفي قلوبكم وفي دُوركم ومع ذراريكم بإذن الله العظيم.

· تكلمنا في اللقاء السابق أمس عن خطورة الاسترسال في الحزن، وكيف أن الله عز وجل نهى عن الاسترسال في الحزن، و إن كانت الأحزان الطبيعية ستأتي ستأتي نتيجة للبلاءات التي يُبتلى بها العباد في هذه الدار دار الدنيا، إلا أنه نُهي الإنسان عن الاسترسال في الحزن، وأُمِر بمدافعته بالأسباب الشرعية وتكلمنا عن مسألة الممانعة الطبيعية، وكيف أن نصوص القرءان كلام الله، ونصوص السنة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تستقر في القلوب وتأتي القلوبَ البلايا والأحزان فإن هذا الكلام كلام الله عز وجل يُثَبِّت العبد، وهذه العقيدة هي التي تسيطر على المشاعر، واليقين الذي يسيطر على المشاعر و يُثَبِّت العبد عند البلاء وهذا يسمى الممانعة الطبيعية وهو إيمان المؤمن.

· ثم تكلمنا بعد ذلك عن الممانعة المكتسبة؛ عندما تأتيكِ الأحزان تتذكري كم نجاكِ الله عز وجل من قبل في أحزان كنتِ وقعتي فيها مرارًا وتكرارًا والله عز وجل ينجيكِ في كل مرة، فمن المفروض من الأدب من الله أن تتعاملي مع الله عز وجل بذاكرة قوية.

· كم نجاكِ الله، فلماذا أيأس من رحمة الله وأستسلم للحزن؟

· ثم تكلمنا في آخر الأمر في الممانعة الصناعية، وهذا عندما تكوني شخص منَّ الله عليكِ بحالة نفسية سوية. أسأل الله عز وجل أن يمنَّ عليَّ وعليكم.

· اسألوا الله عز وجل العافية؛ أن تكوني إنسانة سوية نفسيًا وفَرِحة بنعمة الله شاكرة لأنعمه حتى يجتبيكِ الله عز وجل، والمرأة والأم والصديقة عندما تكون نفسيتها سوية تكون مباركة على كل من حولها.

· ولذلك قلت لكم بالأمس أن أعظم جرم تجرمه الأم في حق أبنائها أن تكون حزينة دومًا أو متعصبة أو مكتئبة أو تشكي، لأن الطفل ستطبع عليه طبيعة أمه شئتِ أم أبيتي، أنت عندما تكوني حزينة أو نكدية أولادك يكونوا حزانى فيصبحوا بعد ذلك سَوط عذابٍ لكِ، لكن عندما تكوني دائما سعيدة وهادئة حتى وإن كنتِ تتعرضي لأمور معينة ومع ذلك تستعيني بالله وتبثي حزنك إلى الله فيصبح الأولاد شخصيتهم سوية، والتنشئة شيء في غاية الأهمية، لدرجة أنه عندما تكون الأم سوية تجدي الأبناء لا يتضايقون من أي شيء، حتى يظن من معهم أن لديهم برود، ليس برود؛ الاستواء ليس برود، هذه الكلمات تذكريها دائمًا مني، إن الله عز وجل حليم يحب من عباده الحلماء، إن الله عز وجل كريم يحب من عباده الكرماء، إن الله سبحانه وتعالى محسن يحب من عباده الإحسان.

· عندما يتشبع الطفل إن أمه دائمًا سعيدة، وإن أي مشكلة تحدث تقول [عادي الحمد لله، الله سبحانه وتعالى سيؤجرنا، الله سبحانه وتعالى سينجينا، أسأل الله..] وتُهدِئ الطفل، فيصبح طفلًا مباركًا، وأعظم ما تقدميه لله عز وجل إنسان مبارك سواء كنتي متزوجة أم غير متزوجة أن تصنعي ناس مباركين ينفعوا من حولهم، أعظم عمل.. أعظم عمل، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣﴾ [فصّلت:33].

· فانظري إلى مدى تأثير الأم على أبنائها، تأثير الصديقة على صديقاتها، تأثير الإنسان السعيد على من حوله، ولذلك لو أنتِ من الشخصيات الحساسة التي يحزنها أي شيء فابتعدي عن الحزانى لأن من جاور الحزين يحزن ومن جاور السعيد يسعد ومن جاور الصالحين يصلح بإذن الله.

· كل شيء له أسباب، فلو أنت أصلا عندك استعداد داخلي للغم فلا تجالسي ناس مغمومة، لأن ضعيف مع ضعيف سيُغرِقون بعضهم، وهذا سبب من أسباب الصحة النفسية: الصحبة، من الذين تصحبيهم؟ هل هم ناس نكدية وكل ما تتقابلوا تبكون على حظكم وتندبوا؟ لا. هذا سبب من أسباب الاعتلال النفسي، ورد لفظ الصحبة في القرآن الكريم أكثر من 125 مرة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)) صاحبي الصالحين السعداء، لو لم تستطيعي أن تُسْعدي من حولك وانت فاقدة لهذا -ونحن سوف نتكلم كيف تستطيعي أن تكوني من السعداء نسأل الله عز وجل أن يرزقنا السعادة فإن الإسعاد والاشقاء بيد الله- فلا تصاحبي الحزانى، لأن من أسباب الحزن وتمكنه مصاحبة الحزانى.

· نبدأ باسم الله نتكلم عن شرف الدعوة إلى الله عز وجل، والدعوة سبب رئيسي من أسباب ذهاب الحزن.

· ثم نتكلم بعد ذلك عن معنى الانفعال عمومًا.

· نحن درسنا انفعال الحزن، سنتكلم عن الانفعال عموما وخطورة أن تسترسلي في انفعال ثم انفعال ثم انفعال هذا يساوي مريضة نفسيًا.

· أنا أتكلم معكم في العلاج الوقائي حتى لا نضطر إلى العقاقير، وإن كانت العقاقير إن حدث ابتلاء بقدر الله فحدث تغير في كيمياء الدماغ فنستسلم لأمر الله عز وجل ونبدأ نتعالج، فأنا لا أنقد هذا أبدًا، لكن أنا لا أريدك أن تصلي لمرحلة أخذ العقاقير لأنها تكون من البداية مجرد انفعالات ويسترسل الإنسان معها حتى تؤثر على الغدد وعلى كيمياء الجسم فتؤدي به إلى مريض نفسيًا.

· بسم الله الرحمن الرحيم

· طبعا نحن ذكرنا أن هذا البرنامج "برنامج الاضطرابات النفسية وكيفية التعامل معها من منظور شرعي"، وذكرنا أن هذه الدورة من الدورات الهامة جدًا خصوصًا في الزمان الذي كثر فيه الابتلاء بهذه الاضطرابات النفسية، وقصدنا في هذه الدورات خاصة الداعيات اللاتي فرغن أنفسهن كليًا أو جزئيًا لإرشاد المسلمين.

· وأنا أعتبر كل من في القاعة سواء من المعلمات في الدار أو من خارج الدار داعيات، لأن الدعوة فرض عين على كل مسلم كلٌ على قدر استطاعته، فوظيفة الدعوة وإرشاد المسلمين وظيفة عظيمة أعظم وظيفة وأعظم ما أُنعم به على العبد أن يكون ممن يدعو إلى الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣﴾ [فصّلت:33]

· فكم لله علينا من منَّة في فتح هذا الباب، وكم يحتاج منا إلى علم بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

· كثيرا ممن ندعوهم إلى الله ونتشرف بهذا الأمر يمرون باضطرابات وأحوال لا نتصورها، ولا نعرف نتعامل معها والله غفور رحيم في حق هؤلاء.

· ما نريد أن نكون متخبطين ولا نريد الرؤية الضبابية ولذلك أنا طلبت منكم جميعا عندما بدأنا أمس في دراسة انفعال الحزن إن نخرج مفردات الحزن من المعجم المفهرس وألفاظ القرآن الكريم ونأتي بها من تفسير السعدي.

· مهم جدا أنه عندما تتعبدي لله بشيء أن تكوني على علم بهذا الشيء.

· أنا أريد أن أدفع عن نفسي الحزن، فأبدأ أتدبر كيف تكلم الله عز وجل مع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل المواقف التي حزن فيها النبي صلى الله عليه وسلم وحزن فيها الصحابة بالنهي عن الحزن.

· وأنت كذلك عندما تكوني داعية إلى الله لابد أن تتقني المادة التي ستناقشينها مع طالباتك، حتى تقومي معهم بعملية ممانعة عندما يكونوا متعبين نفسيًا، أنت لابد أن تكوني فاهمة للموضوع حتى تستطيعي أن تزيلي عنهم بكلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ما هم فيه.

· أنا أتكلم معك على أساس أني أأمل من الله عز وجل أن أنت أولًا تنقذي نفسك من الاضطرابات النفسية ثم تنقذي غيرك. فأول شيء تنقذي نفسك، وهذا لن يتأتى أبدا إلا بطول المكث على كتاب الله عز وجل ومعرفة الانفعالات التي يمر بها المسلم، انفعال حزن، ندم، خوف، فرح...، ما الاضطراب الذي يعاني منه ثم تبدأي بدراسته، وتدرسي كيف أطبب نفسي.

· يقول ابن تيمية رحمه الله: والدعوة إلى الله واجبة على كل من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أمته، وقد وصفهم الله بذلك كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٥٧ [الأعراف:157]

· هذا هو ما أقوله دائما للطالبات إننا نتَّبع النور الذي أنزل مع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تستنير قلوبنا. أسأل الله عز وجل النور.

· فهذه الآية قال عنها ابن تيمية في حقه صلى الله عليه وسلم وفي حقهم -الدعاة إلى الله- ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ[آل عمران:110] وقوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ[التوبة:71].

· أنا عندما أسمع كلام يُذهب عني الحزَن فما حقكم عليَّ؟ كما أنا انتفعت أن أنفع غيري، ولذلك نفسيتك الودودة شيء في غاية الأهمية، لأن هذا هو الصدق، ما كان من القلب فإنه سيصل إلى القلب بإذن الله، فأنت عندما تستمتعي بكلام الله جل وعلا ويُذهب ما بكِ من أذى فالمفروض أنك تنقليه لغيرك ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ [التوبة:71].

· يقول رحمه الله: وهذا الواجب واجب مجموع على الأمة وهو فرض كفاية يسقط عن البعض بالبعض كقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ[آل عمران:104]، فجميع الأمة تقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم فبهذا إجماعهم حُجة.

· إجماع الأمة، هذا دليل على أن الأمة لا تجتمع أبدًا على باطل، فبهذا إجماعهم حُجَّة وإن تنازعوا في شيء ردوه إلى الله والرسول.

· وملخصه أن الدعوة إلى الله فرض كفاية، فلابد أن تكون عنايتنا بها عظيمة وأنتِ إذا كُلِّفْتِ بهذا الشرف ومنَّ الله عليكِ بهذا الواجب فمن المفروض أيضًا أن تقومي به، هذا دليل على أهمية الدعوة لأن الدعوة إلى الله عز وجل وإحساسك بأهميتها هو الذي سيجعلك في ممانعة صناعية، لأنك عندما تجدي واحدة حزينة تبدأي تنتشليها، وسبحان الله الدعوة سبب من أسباب السعادة النفسية لأن أقرب أذن لكِ هي أذنك، وأقرب قلب لكِ إن كنتِ صادقة.. إن كنتِ صادقة.. إن كنتِ صادقة لا تبتغي شهرة أسأل الله أن يعافينا من أمراض الشهرة لأن الشهرة بلاء ومن اشتهر في شيء يعرف هذا الكلام الذي أقوله.. بلاء.

· أول ما تشتهري لا يرحمك الأعداء والحاقدين فما أجمل أن تكون الداعية نقية وتقية لا يعرفها أحد لكنها تعمل عند الله ومع الله في الخفاء، هذا من أفضل ما يكون، لسلامة قلبها ونفسها من الألسن، فإن منَّ الله عز وجل عليكِ بأن وضعكِ مع مجموعة تحتاجك فابذلي أقصى ما تستطيعي بحيث أن نشد بعض لأعلى، هناك نساء تشد بعض لأسفل.

· هذا الكلام الذي تقدم دليل على حتمية الدعوة، أما في مسألة الدعوة من ندعو وكيف ندعو وإلى أي درجة ندعو فهذا يكون على حسب الطاقة والقدرة، وكما ذكرت أن لابد أن نتفق أن الدعوة ليست فقط أن يعتلي الإنسان المنابر، ويلقي الدروس والمحاضرات، ولو فكرنا في سلفنا الصالح سنجد مثلا أبا بكر الصديق؛ صديق الأمة لم يكن خطيبًا مفوهًا ومع هذا كان إمام الدعاة ولا شك.

·      هل سيدنا أبو بكر الصديق كان يلقي دروسًا كثيرة مثل سيدنا معاذ وعبد الله بن مسعود وبقية الصحابة؟ كان رقيقًا وكلامه رقيق وصوته منخفض، ورقيق القلب لدرجة أنه عندما يصلي بالناس من شدة بكائه ما يميزوا الآيات من شدة بكائه، ومع ذلك لصدقه في خدمة الإسلام والمسلمين هو الرجل الأول بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في القدر والمكانة.

·      لتعرفي أنك عندما تكوني صادقة في النفع وإرادة الإحسان ليس شرطًا أن تعتلي المنابر.

·      ولا ننسى أن هناك من يثبط أحد فيقول لكِ: أنتِ تحرثي في ماء بسبب أوضاع الأمة والفساد.

·      فعندما تريدي أن تأمري بالمعروف وتنهي عن المنكر يُقال لكِ: [لن يسمعك أحد، أنت تحرثي في ماء، أنت تنفخين في قربة مقطوعة] لكننا نسمع كلام الله عز وجل: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًاۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٦٤ [الأعراف:164]، نحن ما لنا دخل بالنتيجة نحن نعمل عند الله بأقصى ما نملك.

·      ونركز دائما على أن الله عز وجل لا يكلف الإنسان المُحال ولا يكلفه مالا يُطاق، فلما أوجب علينا الدعوة أوجب علينا ما في طاقتنا واستطاعتنا.

·      ولذلك عندما كُلفنا بالدعوة واشتغلنا بها هذا نوع من أنواع الاعتذار إلى رب العالمين وهذا من قوله تعالى: ﴿مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، فنعتذر إلى الله عز وجل أن يُعصى فلا يُطاع، وأن يُكفر فلا يُشكر وهذا وحده يكفي للغيرة لله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

· وتكون كل نيتك كما قال شعيب: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ [هود:88]

· تم طرح هذا الموضوع ودراسته بشكل واسع على زمن أشهر طويلة لأن الداعية لابد أن تكون مُلِمَّة بالواقع الذي حولها وحالة المدعوين.

· ما الواقع الذي نعيشه؟

· أسأل الله عز وجل أن نكون سبب رئيسي في تغييره.

· ما تمر به الأمة من انهزامات نفسية تجعلنا فريسة لأعداء الإسلام، فلما نجد هذا الوضع لابد أن تكون دعوتنا مبنية على علم، ولابد أن تكون دعوتنا مبنية على علم في الشريعة وعلى علم بطبيعة الناس المدعوين، والدعوة كما هو معلوم تحتاج إلى الإخلاص.

· نسأل الله عز وجل الإخلاص إسألوا الله الإخلاص، إسألي الله الإخلاص، لو أُعْطِيتِي الإخلاص ستعيشين سعادة لا تتصوريها ليس بعدها شقاء حقيقةً لأن عندما يكون مرادك هو الله وحده لن يهمك أي شيء يحدث في الدنيا، وطبعًا سنُتبع هذه الدورة بدورة الرقاق التي ستشعرين بعدها أن الدنيا لا تساوي شيء وهذا سبب أيضا من أسباب مدافعة الأحزان.

· الناس الحزينة على دنياها تحتاج إلى دراسة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي أوردها البخاري في باب الرقاق.

· فأنا الآن أول شيء أدفع به عني الأحزان هو الإخلاص، أول شيء أسير به إلى الله هو الإخلاص، أول شيء أدعو به إلى الله هو الإخلاص، أول شيء أتعبد به إلى الله عز وجل هو الإخلاص.

· ما الفرق بين الإخلاص والصدق؟

· الإخلاص: أنك تريدي الله وحده في كل حياتك. فأي شيء سيحدث ستُسَلِّمي أمرك لله.

· الصدق: هو بذل الجهد من أجل أن يصدق عملي قلبي وما أسعى إليه في رضوان رب العالمين.

· الصدق يأتي بعده قول الحق مطابقة قولي لعملي لكن أولا تعرفي هل أنت صادقة أم لا، هل أنتِ تبذلي أم لا.

· فنحن اتفقنا إن الدعوة إلى الله عز وجل تحتاج إلى الصدق وإلى وضوح الهدف وتحتاج إلى شيء مهم وهو أن نعرف من ندعو ونحن نكرر هذه المسألة لأن هي مقصود الدورة وهي التعريف بفئة ممن ندعوهم.

· الناس أصناف كما ذكرنا بالأمس، منهم المريض الذي يحتاج إلى الدواء، ومنهم الجاهل الأُمّي الذي يحتاج إلى علم، ومنهم المُكابر المغرور المُجادل، وكل صنف من هؤلاء الأصناف يحتاج إلى طريقة، ومنهم المضطرب نفسيًا انفعالاته غير طبيعية، فهذا لابد أن نتعرف عليه.

· أنت يمكن أن تتعاملي مع واحدة فظة وطريقة معاملتها سيئة جدًا ثم لا تعرفي هل هي قليلة أدب؟ ثم تتهميها أنها غير متربية، ثم بعد فترة تكتشفي إنها مضطربة نفسيًا بعد أن تكوني أجرمتِ في حقها.

·  هذا هو الذي ستبذلي فيه المجهود لكن بعد ما تكوني ممتلئة، لذلك كان عنوان الدورة التي كانت ستُطرح للمعلمات "العمل بالآيات" كنت سأؤكد على المعلمات في شتى بقاع أراضي المسلمين إن ما ينفع أن تكوني معلمة -وسامحوني في هذا الكلام- وأنت فاقدة للعلم العظيم الذي هو أصل الإيمان ألا وهو العلم بالله بأسمائه وصفاته، وسامحوني على هذا الكلام. كذلك كنا من قبل فمن الله علينا.

· أنت مهما كنتِ معلمة قديرة ومعلمة فقه رائعة ومعلمة سيرة رائعة ومعلمة تجويد على أعلى مستوى ومعكِ سندات وإجازات ودورات وقاعدات...، وما عندك علم بالرب بأسمائه وصفاته فأنتِ فاقدة للأصل، هذا العلم هو الأصل من فقد هذا العلم -والله عز وجل سيحاسبني على ما أقول- فهي فاقدة للأصل مهما بلغتِ من الدرجات العلمية، أدركي نفسك.. أدركي نفسك.

·  فهنا كل شيء يأتي بالتعلم وبذل الجهد والصدق، هنا نقول إن عندما تكوني تتعاملين مع فئة يمكن يكون شكلها متكبر ولكن يمكن أن لا تكون متكبرة، يمكن أن لا تكون مغرورة، يمكن أن لا تكون مجادلة، يمكن أن لا تكون حسودة ولكن يمكن أن تكون مضطربة نفسيًا لسبب ما، فوضع الندى موضع السيف مُضر، أن تكون الأمور معك كلها سهلة وكل الناس يُقال لها نفس الكلام.. لا؛ وضع الندى موضع السيف مُضِر كوضع السيف موضع الندى.

· لابد أن يكون عندنا فقه الحال والبصر بواقع الأمر، لابد أن يكون عندنا وعي ومعرفة حدودنا حتى في هذه الأمور، ونؤكد من أول الكلام أن معرفة حدودنا مع المدعوين شيء مهم، فنحن حتى لو تعرضنا للاضطرابات النفسية التي يمكن أن يكون المدعو مصابًا بها أو أواجهها هذا ليس معناه أن أكون طبيب نفسي، وهذا الأمر دائمًا أؤكد عليه، أقول أننا نعالج نفسيًا العلاج المعرفي السلوكي والذي لابد أن يكون في قلب كل مسلم، لكن أنا لن أصف دواء أو عقاقير لأن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.

· الأخوات التي يسمعوني خارج قطر يظنون أني طبيبة في علم النفس، لا أنا لست طبيبة في علم النفس، ولكني أسأل الله أن أكون متخصصة في شرح أسماء الله وصفاته ثم أعالج بها القلوب لكن أنا لست طبيبة نفسية.

· نحن ندرس القرآن كلام الله وندرس من كلام الله كيف نعالج أنفسنا نفسيا، ما لنا دخل بأحد عنده خلل في كيمياء الدماغ ويحتاج لشيء من العقاقير، لكن أنا معك في المرحلة التي لا تَصِلِي بها أنك تكوني مريضة نفسيًا.

· الوسواس القهري طرحت فيه دورة كبيرة جدًا وأنصح جميع الموجودات بسماعها لأنها سبب من أسباب دفع الحزن حقيقةً. الوسواس القهري وعلاجه بمعرفة الله بأسمائه وصفاته.

· هذه الدورة لها هدف واضح وهو مساعدة من هم في ميدان الدعوة ويتحملون هذا الهم العظيم مساعدتهم لمعرفة الانفعالات أو على الأصح قولًا الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تصيب المدعوين وكيفية التعامل معها أثناء الدعوة، وكيفية توجيه الكلام لهم بحيث تكون الدعوة إلى الله ودراسة كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لتأمين نفوسهم -اللهم يا مؤمن أمِّن نفوسنا- وتهدئتها وعلاجها هذا المقصود الأصلي أن نتعرف على الانفعالات النفسية والاضطرابات النفسية حتى ننتفع جميعا.

· أي لو واحدة عندنا ومنا أو فينا نحن اضطرابات نفسية نبدأ بعلاجها، مثلا واحدة كل ما حدث شيء تحزن وتحزن وتسترسل فعليها أن تفيق، أفيقي؛ لأن انفعال وتسترسلي فيه ثم انفعال وتسترسلي فيه وهكذا فتصبح الأخت دائما حزينة ومتضايقة فهذا يساوي مضطربة نفسيا.

· فإذا تعرفنا عليها انتفع منها المرضى حتى بدون أن نتعرف عليهم شخصيا.

· وهذا من بركة الدعوة إلى الله، أن تأتي الأخت بعد المحاضرة تقول لي كأن المحاضرة كلها عني، أنا ما أعرفها شخصيًا لكن أنا أعرف كلام الله الذي درسته وأدرسه، فيقع الكلام في القلوب لأن كلام الله عز وجل له تأثير في القلوب والأبدان ناهيكِ عمن الذي تعطيه.

· فإذا أتاكِ أحد يسألك عن بعض الأمور فلا تزيديه خلطًا أو خوفًا أو تزيديه وسوسةً بل بالعكس تكوني سبب لأمانه.

· فهذا هو مقصود الدورة وأسأل الله عز وجل أن يحقق لنا مقصدنا.

· أريد ان أتكلم معكِ الآن عن الانفعال، بدأت معكم بالأمس بأهم شيء في الموضوع أني أدفع انفعال الحزن وبإذن الله بعد الفترة الأولى نتتبع بعض الآيات، وبقية الآيات يجب أخذ شروحاتها من الدورة السابقة لأنها كانت ما شاء الله أكثر من لقاء، لكن أريد معكِ الآن أن نعرف ما المقصود بالانفعال النفسي.

·      استعينوا بالله؛ واطلبي العون من الله أن يفتح لكِ قلبك للانتفاع من هذا الكلام.

· المقصود بالانفعال النفسي: هو الهيئة الحاصلة للمتأثر عن غيره بسبب التأثير أولًا. هذا كلام الجرجاني في كتابه التعريفات.

· الانفعال هو: الهيئة الحاصلة للمتأثر عن غيره بسبب التأثير أولا.

· مثل واحدة حزينة كيف تكون هيئتها؟ وجهها فيه كمد، والحسرة وكآبة وغضب دومًا. فهنا الانفعال هو الهيئة الحاصلة للمتأثر عن غيره بسبب التأثير أولا.

·  فمعنى ذلك أن الانفعال في اللغة هو: إحداث شيء ما وتحريكه داخل الإنسان ليعمل وِفق المؤثر الخارجي سواء كان حسنًا او قبيحًا.

· نحن عندما درسنا الفرح، الفرح بكلام الله طالما أنت تقرأي القرآن وتقرأي كلام المفسرين تشعري أن في شيء داخلي يتحرك فيكِ، وطول ما أنتِ تسمعي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في شيء داخلي يحدث، أنت ِ الآن وأنت تسمعيني هناك شيء يتحرك بداخلك أم لا؟ فهذا هو الانفعال شيء داخلي يتحرك، ليعمل وِفق المؤثر الخارجي.

· إذن الانفعال يحدث في داخلنا ويتحرك متأثر بشيء من الخارج، الشيء الذي سنفعله قد يكون حسنًا او سيئًا، والانفعال هو التصرف الطبيعي للإنسان الذي لديه مشاعر والانفعال هو الذي يميز الإنسان ويظهر قيمته.

· فإذا حصل للإنسان تهيج أو استثارة في أي شيء فإن ردة فعله وانفعاله تُبَيِّن من هو.

· هذا كلام في غاية الأهمية، أنت عندما يستثيرك أحد ويُعصبك وتبدأي تنفعلي برد فعل معين، هذا الرد المعين يُبَيِّن من أنتِ.

· لذلك دائمًا نقول – كما قال ابن القيم - أن المؤمن عزيزٌ جانبه مؤيدٌ مكسيٌ عالم مدفوعٌ عنه بالذات.

· هادئ، ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ٦٣ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ٦٤ [الفرقان:63-64] أول شيء قال: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا متواضعين.

· هنا خاطبهم الجاهلون فقالوا سلامًا، هذه أول مميزاتهم أن لا أحد يُمرضهم لذلك دائمًا أقول لا تجعلي المريض يُمرضك، لا تجعلي المستفز يخرج أسوأ ما فيكِ لأنك انفعلتِ، ما الذي سيؤدي بكِ إلى هذا الهدوء ويمكن منكم من يقول أن هذا الكلام كلام في الخيال!

· الأخوات اللاتي يجلسن معي ثلاث ساعات في اليوم على قراءة التفسير هل تنفعلي في اليوم الذي تدرسي فيه التفسير؟ أنا أتكلم صدقًا، أنت لا تكوني قادرة على الانفعال. هذا هو.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك ونتوب إليك.


تعليقات