القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح الاصول الثلاثة الجزء الثالث عشر

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده, ونستعينه, ونستهديه, ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

·        ﴿الْإِنْسَانَ  هو جنس الإنسان.

·        ﴿خُسْرٍ ضد الرِبح, أي لفي خسار كخسار التجار في أربائهم.

·        وقال I لفي خُسر ولم يقل خاسر؛ ليُبين إحاطة الخُسر به من كل مكان، فالخُسر مُحيط بالإنسان من كل جوانبه.

·        يعني ربنا I يُقرر لكِ حقيقة، أنَّ كل إنسان خاسر إلا مَنْ سيستثنيهم، مَنْ هم الذين سيستثنيهم؟ الذين آمنوا, وعملوا الصالحات, وتواصوا بالحق, وتواصوا بالصبر.

·        هذا به دلالة على عِظَم الأمر، على ماذا؟ عِظَم الأمر، يعني الخُسر محيط بالإنسان من كل جوانبِهِ دلالة واضحة على عِظَم الأمر وأنَّ الله أراد من هذا القول شحذ الهِمم للانفكاك من أسباب الخطايا، يعني ربنا ينبهِك ويوقِظك أن أنتِ تنفكين من الخَسارة، ربي ما يُريدكِ خاسِرة، ربي يُريد الخير لكِ، خلقكِ وهو يُريد الخير لكِ.

·        فهُنا ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ٢ [العصر: 2] شحذ للهِمم من الانفكاك من أسباب الخَسَار والأخذ بأسباب النجاة, انتبهي لكلمة بأسباب النجاة، فإنَّ الله I بعد أن أقسَمَ على هذا الأمر وهو خَسَار جِنس الإنسان بَيَّنَ السبيل والطريق، انتبهي معي! نرى تعليق الأُستاذة على هذا الكلام، هذا المتن، الذي قرأناه الآن هو المَتن، هذه الجُزئية فقط، نرى ماذا عَلَّقَ العُلماء على هذه الجُزئية.

·        عَلَّقَ العُلماء بقولهم أنتِ لابد أن تَعرِضي نفسكِ دائمًا على هذه السورة - يعنى سورة العصر-  يجب أن تعرِضي نفسكِ دائمًا على هذه السورة وتَري هل أتيتِ بأسباب النجاة أم لا؛ ولذلك من المحبوب للدعاء أن تجعلوا لكم بين فترة وأُخرى في خِطاب العامة في شرح هذه السورة ليستطيع الناس أن يُكَرِروا قياس أنفُسهم.

·        يعني أنتِ تَقِيسين نفسكِ.. هل أنا أسير صح أم أنا أسير خطأ؟ بمدى تَعلُّمِكِ عن الله, وعَملِك بالعلم, ودعوتكِ إليه, وصبركِ على مشاق الدعوة، قِيسي نفسكِ، دائمًا اعملي عملية قِياس لنفسكِ.

·        ولذلك من المحبوب للدعاء أن تجعلوا لكم بين فترة وأُخرى في خِطاب العامة في شرح هذه السورة؛ ليستطيع الناس أن يُكَرِروا قياس أنفُسهم بالدليل، فيرى كل شخص هل هو سالم من الخسارة أو لا.

·        يجب أن يكون كل تفكيرنا: ما هو هدفي في الحياة؟ ما هو هدفي الذي أقرَّه ربنا I لي في سورة العصر؟

طلب العِلم, والعمل به, والدعوة إليه, والصبر على مشاق الدعوة، هذا ما يُريده الله لي, وحذرني, ونبهني, وأقسم بزمني, وأقسم بعُمري, وأقسم بالليل والنهار أنَّ كل إنسان في خُسر إلا مَنْ يسلك هذا الطريق، حسنًا؟ فكل شخص يَرى هل هو سالم من الخُسارة أم لا، هل هو مؤمن بالله؟ طلب العلم عن الله وملائكتِهِ وكُتِبِهِ ورُسِلِهِ، هل يعرف الله حقيقة ًأم أن عِلمَه عن الله مقابِل علمه بأمور الدنيا لا شيء؟

·        نحن نُثابِر ونُجَاهد حتى نأخذ الشهادات والكُلية والبريستيج والدرجات والثانوية العامة, والثانوية العامة هي سنة عَصِيبَة على صاحبها وعلى أهله وممكن على العائلة، وكل العائلة تتكلم عن الثانوية العامة كأننا نتكلم عن مناقشة يوم القِيامة أو اليوم الآخِر، هل عِلمكِ عن الله مُقابِل عِلمكِ بِأُمور الدنيا كبير؟ وأيضًا هل عَملِكِ صالِحًا؟

·        والمقصود بالعمل الصالح: أفعال الخير كلها سواء كانت الظاهرة أو الباطنة، سواء كانت مُتعلقة بحقوق الله أو مُتعلقة بِحقوق العِباد، هذا كله من العمل الصالح.

·        كيف أُعامل ربي؟ كيف أتعلم عن ربي بأسمائه وصفاته؟ كيف أُوَحِدَهُ وَحده؟ كيف أَرجُوه وحده؟ كيف أتعلق به وحده؟ كيف ينشغل ذهني به وحده؟ كيف أتكلم له وحده لا أبتغي سُمعةً ولا رياءًا ولا غُرورًا؟

·        العمل الصالح مُتعلِق بحقوق العِباد.. كيف أتعامل مع أُمي وأَبي أياً كانوا؟ كيف أتعامل مع جارتي؟ كيف أتعامل مع زوجي؟ كيف أتعامل مع أولادي؟ كيف أُربيهم؟ هناك كثير من الأمهات لا يعلمون أنَّ التربية فرض, وأنها ستُسأل أمام الله عن عقيدة أبنائها، فكل اهتمامها بالساينس والماث والكمبيوتر و..و... إلى آخِره، وهي لا تتخيل أنها ستقف بين يدي الله وتُسأل عن ابنها هل هو موحد أم لا؟

·        إذًا العمل الصالح سواء كان متعلق بحقوق الله أو حقوق العِباد, وسواء كان واجب أو مُستحب طالما أنه خالص وفيه متابعة للنبي ، كلما زِدتِ من الأعمال الصالحة ازدَادَ لكِ وصف الفلاح، يعني كلما ازدَدتِ في طلب للعِلم وسعي للعِلم والعمل به والدعوة إليه، إذًا أنتِ على طريق الفلاح، وكلما نَقُصَت خَفت موازينكِ واقتربتِ من الخَسار.

·        فأنتِ الآن أمامكِ سورة العصر عبارة عن تُرمومتر..تُرمومتر، أنا أسير صح أم لا، اليوم الذي يمر عَليَّ دون أن أتعلم عن الله, ولم أذكره, ولم أعمل, ولم أدعو, ولم أصبر فيجب أن تُحاسبي نفسكِ فيه مُحاسبة شديدة.

·        ولذلك نحن دائمًا نُنَبِّه المسلمين أن الدين منهج حياة وليس رفاهية، هناك نساء لو عندها وقت فراغ تحضر المُحاضرة وتطلب العلم، وإذا لم يكن عندها وقت فراغ فلا تطلب العلم، لو عندها وقت فراغ تستمع إلى المُحاضرة وإذا لم يكن عندها وقت فراغ لا تستمع إلى المُحاضرة، ليس الأمر هكذا ..ليس هكذا، طلب العِلم فريضة، طلب العلم فريضة من حديث ((طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ)) صححه الألباني وأخرجه ابن ماجه والبزار.

·        كلما كان أمامكِ سورة العصر كلما ثَقُلتِ واقتربتِ من الفلاح، ثَقُلت أعمالكِ، وكلما تَركتِ وأهملتِ وأهملتِ النظر فيها اقتربتِ من الخَسار.

·        أيضًا معنى السورة -هذا شرح الأستاذة أناهيد السِميِري- لابد أن يعرض الإنسان نفسه على التَواصِي بالحق, والمقصود به: دعوة الناس إلى دين الله .. أنتِ مَنْ تدعو؟ مَنْ مجموعتكِ؟ أولادكِ فرض.. هذا فرض.. هذا فرض، بالنسبة لأٌمكِ, وأَبوكِ, وأُختكِ, وأَخوكِ, وصديقتكِ, وأي أحد يختَبِرِكِ الله ويَضَعَهُ في طَرِيقِكِ, حسنًا؟ عندما يَمُن عليكِ ربي ويُوَسَّع الدائرة التي تخُصِكِ.

·        نحن أخذنا في الحلقة السابِقة أنَّ الدعوة إلى الله فرض! كُلٌ بِحسب استطاعتِهِ..أَتت ابنتي بالأمس -ربنا يكرمها يارب!- هي تدرس أنَّ الدعوة, والأمر بالمعروف, والنهي عن المُنكر مكتوب لها في الكتاب فرض كفاية.. فقالت لي كيف؟

·        قلت لها نعم، يعني الآن أنا واحدة فقط أشرح أُصول الإيمان, فرض كفاية عَلىَّ إني أشرح الفقه طالما هناك ناس تشرح الفقه.. تشرح المواريث.. تشرح علم الحديث، فلذلك ليس فرض عليَّ أن أشرح هذا كله؛ لأنه ليس باستطاعتي، فرض الكفاية عندما يقوم به مجموعة من العُلماء يسقط عن البقية.

·        لكن الأصل في العبادة التي هي عبادة الدعوة إلى الله فرض على كل أحد أم لا؟ فرض.. يعني نفهم صح.. نفهم صح.. فرض على كل أحد بحسب استطاعته.

·      الآن هناك علماء يعَلِّمون التوحيد.. أنا كأم أقول ليس فرض عليَّ أن أُعَلِّم أولادي التوحيد؟ لا.. هو فرض, فكل واحد يجب عليه التَوَاصِي بِالحق ودعوة الناس إلى دين الله, كُلٌ بِحَسب استِطَاعِتِهِ.

·      ممكن واحدة تقول لي: أنا لا أعرف أن أشرح أسماء الله الحسنى كما تشرحِينها أنتِ أو كما تشرحها الأستاذة أو كما يشرحها الشيخ، ألا تعرفين أن تنقِلِي المحاضرة، ألا تعرفين عندما يحدث أي موقف تقولين لهم أنا سَمِعت في المحاضرة كذا..كذا..كذا.. فاسمعوها، لا ينفع أن أنتِ تَبذُلين جهد في بيان حق الله على العِباد.

·        فلنسمع كلام الأُستاذة تقول: لابد أن يَعرِض الإنسان نفسه على التَواصي بِالحق والتواصِي بِالصَبر، المقصود بالتواصِي بِالحق: هو دعوة الناس إلى دين الله U وبَذل الجُهد, يوجد جُهد, يوجد جُهد, وتأكدي أنَّ جُهدِكِ يَرفَعِكِ الله به، والله هناك وعد من الله U:

  ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].

  ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]

فعندما يرفعكِ ربي هل يُذلِّكِ أحد أو يَخفِضكِ أحد؟

·        فإنَّ بذل الجُهد لبيان حق الله وما له I من كمال الصفات, وبذل الجُهد في بيان حق كِتابِهِ, وفي بيان حق الأنبياء, وفي بيان حق الملائكة, وفي بيان حق الله U علينا في الأعمال, وفى بيان حق الناس علينا في الأعمال.

  لماذا أنا دائمًا في معظم المُحاضرات أتَكلم على حق الزوج؟ لأن أعظم حق على المرأة حق الزوج.

  لماذا أتكلم عن حق الأبناء؟ لأنَّ التربية فرض.

  لماذا أتكلم عن حق الوالدين؟ لأنَّ الوالد أوسط أبواب الجنة كما ورد في الأدب المفرد للإمام البخاري: ((جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ)) راوه أبو هريرة في صحيح البخاري.

   لماذا نتكلم عن هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

·      فلابد من بيان هذه الأمور كلها، فلا تَملِّى أن تُكرِّري أن َتصِفي الله U بالكمال كما وصف نفسه, وأن تُنزِّهِيهِ عن النقص خصوصًا عندما تأتي الاضطرابات والبلاءات, خصوصًا كما نحن الآن في ظروف الأُمة.

·      الأُمة الآن للأسف -نسأل الله العفو والعافية!- في سُوء ظن بالرب يشتد على الأُمة, مشاعر سوء الظن بالله، في ذلك الوقت, اجمَعِي كل ما تملِكِينه مِن قوة واستعيني بالله واطلُبي منه السداد وكلِّمِي الناس عن ربكِ، كلميهم عن كمال صفاته, حَسِّني ظنهم بالله, هذا حق لابد من بيانه؛ أنكِ تُعلِّمِينهم أنَّ الرب حكيم, أنَّ الرب رؤوف, أنَّ الرب لا يظلم الناس شيئاً ولكنَّ الناس أنفُسهم يَظلِمون، علِّميهم أنَّ التمكين لا يكون إلا للمؤمنين، فهل نحن مؤمنون؟ هناك وعود من الله U بالنصر والتمكين كما شرحنا في اسم الله المؤمن، مهم جدًا اسم الله المؤمن أن تسمعوه, لابد أن تأتي بالشرط حتى تأخذي الوعد، فهل نحن نأتي بالشرط حتى نأخذ الوعد؟

·        ثم إذا وجدتِ مُعارضًا لهذا الحق أَوصِي نفسِكِ قبل أن تُوصي أي أحد بالصبر, وأنتِ مطلوب مِنكِ أن تُوصي نفسكِ وغيركِ بالصبر, وهذا المقصود.. التَوَاصِي بجميع أنواع الصبر؛ الصبر على طاعة الله وأداء الفرائض، والقيام بالحقوق حقوق الله وحقوق العِباد، حقوق العباد تحتاج إلى صبر, تحتاج إلى صبر.

·        أن تجلسي مع ابنكِ تُعلِّمينه عن ربه هذا يحتاج إلى صبر، وتجدينه يقفز ويذهب ويأتي يقول لكِ لا لا تتكلمي, وشعرتِ بالملل, إِيَّاكِ إِيَّاكِ تَشعُرين بالملل من التربية, إِيَّاكِ تَشعُرين بالملل من تربية أبنائكِ، إيَّاكِ أن تَشعُري بالملل من الدعوة إلى الله, إيَّاكِ أن تَشعُري بالملل من تكرار الحق, إذًا هنا في صبر, في صبر.

·        أنا حَكيتُ لكم عن صَدِيقَتي التي جلست تُحَفِّظ ابنها القرآن -كانت في سورة الحديد- من آذان العِشاء حتى صلاة الفجر, ِتُعَانِده لأنه لا يريد أن يحفظ, وصممت ستحفظ يعنى ستحفظ, وهى متعبة جدًا لأنها تشتغل طول النهار، معها ستة أطفال, ما شاء الله اللهم بارك!

·        لذلك الآن عندما أولادي يُرهِقونني جدًا جدًا, أجلس مثلاً بالأربع والخمس ساعات معهم، وأقول لصديقتي ابني لا يريد أن يحفظ, لا تعلموا ما تفعله معي، وأِتحمِّلها, أتحمِّلها لأني على يقين أنها صادِقة، وعلى يقين أنها تُوصِيني بالصبر على تحفيظ الأبناء القُرآن وعلى تعليمهم التوحيد؛ لأنكِ عندما تُعلِّمينه التوحيد وتُحفِّظينه القُرآن، القُرآن والتوحيد سيُعلِّمونه كل شيء، التوحيد سيُعلِّمه كل شيء.

·        ونجد مثالاً: شيخنا -ربنا يمُن عليه بالصحة والعافية!- عندما جلست مع ابني في صف أول كي أٌدرِّسه هذه المادة -مادة الأصول الثلاثة- وجدته يقفز, ويجري, ويركب الدراجة, ويقول لي: قولي قولي أنا أسمعكِ، يا بني, اجلس فقط خمس دقائق, فما هو الحل؟

ربي I عندما يَنْوِي الواحد -ربي كريم- لأنَّ ربي يعلم بما نُعاني وبما نُعانِيه من الضيق وثِقل النفس, وجدنا الشيخ فتح الباب يطرح دورة التوحيد للأولاد وهم صِغار جدًا، كل من مع الشيخ حبايبي يجرون ويلعبون، الشيخ يبلغ من العمر أكثر من سبعين سنة اللهم بارك! ربنا يارب, يرفع عمله عنده في السماء! وتجدي أن الشيخ يتكلم معهم كأنهم رِجال وطَلَبِة عِلم وربانيين, والأولاد تجدينهم يفهموا! والله تجدين فعلاً أنَّ الصدق يُبَلِغ أهله.

·        فأنتِ اجمعي كل ما تملُكين من قوة أنكِ تتعلمين عن الله, وتَعمَلين بالعِلم, وتَدعِين إلى الله U, واصبري وصابرِي, وربي لن يُخلِّيكِ, ربي كريم ورؤوف وشكور ومُحسِن, لكن لابد أن نُرِي الله U من أنفسنا صِدقًا وصَبرًا.. صَبرًا، حبس النفس، وسنأخذ هذا في المَتن بالتفصيل.

·        إذًا الصبر على طاعة الله وأداء الفرائض والقيام بالحِقوق؛ حِقوق الله وحِقوق العِباد، حقوق العِباد تحتاج إلى صَبر, أسأل الله U أن يُبارِك في أهلِنا جميعًا!

·        عندما يَكبر الأب والأم, أو الحَمَا والحَمَاة يكبرون يُريدون أبنائهم بجانِبِهم دائمًا, ويُريدُونهم عندهم نشاط وهِمة, ويُريدونهم أن يُنفذوا طلباتهم بِسُرعة، يعنى حينما يتحدث إلَيَّ والدي في الهاتف ولم أجب عليه سرِيعًا؛ ممكن أكون خارج البيت ولم أشعُر بالهاتف وهو يرن, يقول لي لماذا لم تُجيِبي على الهاتف؟ أنا آسفة يا أبي لأنه لا يوجد بالخارج كذا, حسنًا ماذا فعلتِ اليوم؟ فأبدأ أَقُص عليه ما فعلته كله بأدق التفاصيل, الكِبار يحتاجون لصَبر.

·        مثلاً أبي يريد أن يقرأ القرآن معي على النِت أو يريد مثلاً يتكلم معي ثلاث ساعات, هو يَشعُر بالوِحدة وأنا معي ما شاء الله اللهم بارك! خمسة أطفال, فأحيانًا كثيرة أقوم بتأجيل هؤلاء الخمسة أو أكتب لهم وظائف لحين أعطي لأبي حقه أولًا, وأحيانًا أكون معه على النت وفي نفس الوقت مع الأولاد, فأقول يارب, وربي يُكرِم من يَقُوم بالحق، تصرفات أبي أشعر أن ربي يحفظها لي.

·        أُخت من الأخوات الحاضرات تسأل الأستاذة: في هذه الحالة من أَولَى يا أُمنية أبي ولا أولادي؟

·        الأستاذة تٌجيب: الأَوْلَى أَبي, أنا بالنسبة لأولاي أعطيهم حقي وفي نفس الوقت أعطي أبي حقه, فالأمر أثناء الصِراع يحتاج إلى الاستعانة بالله.

  لكن هو الأب أو الأم عندما يَتِّصلون أقول لهم لو أنا في صلاة نافلة سأخرج منها وأُجيبَهم؟

  لا أُريد أحد مِنكم -الأستاذة تقصد أولادها- يُلاحِقني عندما أُحدِّث أبي أو أمي! هذا بالنسبة للأولاد.

  عندما نأتي للزوج, طلب الزوج سيكون مُقَدم, طلب الزوج سيكون مُقدم؛ لأنَّ أعظم حق على المرأة حق زوجها, انتبهوا الأمر يحتاج إلى عِلم, أداء الحُقوق يحتاج إلى عِلم الإيمان نفسه.

·        نجد الشيخ محمد عبد الوهاب في تفسير ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ٣ [العصر: 3] قال:

﴿آمَنُوا أي العلم، قال كلمة ﴿آمَنُوا في سورة العصر يساوي العِلم، فأنتِ كي تؤدي الحقوق وتُرتِبي الحقوق لابد أن يكون لديكِ عِلم.

·      إذًا أنتِ الآن كيف عرفتِ أنكِ يجب أن تترُكي أبيكِ وتُلبِي حق الزوج؟ وهل الأمر بالنسبة للزوج كذلك؟ لا.. لا, حق أمه أولًا ((يا رسولَ اللهِ، أيُّ الناسِ أعظمُ حقًّا على المرأةِ؟ قال: زوجُها, قالتْ: فأيُّ الناسِ أعظمُ حقًّا على الرجلِ؟ قال: أمُّه)) أخرجه النسائي وابن أبي الدنيا والحاكم واللفظ له.

فعندما يجلس زوجي معي وأطلُب منه طَلَب, وأُمُّه تطلُب منه طلب آخر، أُمُّه أحق بِهِ –زوجي- هذا كلام الرسول ، فانظري أنَّ كل شيء يحتاج إلى عِلم، لذلك من البداية أنتِ تصبِرين على العِلم.

·      فقد قال الشيخ محمد عبد الوهاب أنَّ أهل النجاة من اتَصَفوا بأربع, أولهم آمنوا, أي العلم.

فكيف أتيت بها يا شيخي؟ قال لم يُبين في الآية ما الذي يجب الإيمان به ليعُم جميع ما يجب الإيمان به, فالمعنى ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا-رَكِّزِي- بكل ما يجب الإيمان به؛ مما يتعلق بالله, ومما يتعلق بملائكته, وكُتُبِهِ, ورُسِلِهِ, واليوم الآخر, والقَدَر, وهل يُمكن أن يتحقق الإيمان بِلا عِلم؟!

تعليقات