اعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث
رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من
الجنة منزلا.
·
الشيخ السعدي رحمه الله العلَّامة، هو ليس عالمًا، هو
علَّامة, أسأل الله U أن يرفعه في عِلِّيين! الذي أفهمنا أمور، وضع في
قلوبنا أشياء لم نكن أصلاً نستطيع أن نلتفت لها، كان يصبر أن يجيء إليه طالب واحد،
من هذا الطالب؟ ابن عُثيمين.
·
وهناك من يحكي على الشيخ ويقول أنه بدأ بخمسة! والشيخ
ابن عُثيمين كان بدأ بخمسة! خمسة طلاب فقط! والآن ما نقرأ في تفسير إلا ونرجع إلى
تفسير الشيخ السعدي والشيخ ابن عُثيمين, أسأل الله U أن يرفعهم في عِلِّيين, وأن يتجاوز عنهم!
·
فأنتِ في حاجة إلى الصبر، والله ربي يُعطى بالصبر
الرِفْعَة في الدنيا والآخرة.
·
أيضاً يحتاج على العمل بهذا العلم فهو كما تَعَلَّم
كان مطلوبا ًأن يمتثل منه ما تعلَّمه, فيحتاج إلى شِدة استعانة.
·
ماذا تعنى الاستعانة؟ تعني أن تخبري ربكِ بعجزكِ،
وتطلبي منه العون، وتُصممي, وتتوسلي, وتسأليه التوفيق.
·
واحدة تقول لابنها على الحلال حلالًا، أو الحرام حراماً،
فلا يستجيب، فتقول في نفسها: ﴿إِنَّكَ
لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء﴾ [القصص:56] ، لا ليس هكذا، لابد أن تُكرري عليه الصواب.
·
ولقد ضربت لكم مثلًا بالأمس -اللهم بارك!- لأم بسيطة
جداً، ظاهرها أنها بسيطة لكنها تُجاهد في تحفيظ أبنائها القرآن، تُقسم لي بالله
العظيم أن الولد يعاندها، ولا يركز، قالت لي جلست من أذان العِشاء حتى أذان الفجر
في سورة الحديد! وهو يقول لها لا أريد أن أحفظ، فتقول له سوف تحفظ، والله لن تنام,
كان في إجازة نصف العام, وهو من الذين يُعاندون، تقول له ستحفظها ولن تنام، وسوف
تصحو للذهاب إلى المدرسة، وهي نفسها متعبة جداً ومجهدة لكنها صابرة، إنه صبر
النفس، وصبر النفس: أن تحبسي نفسكِ وتطلُبي من الله العون, مثل هذه، من الَّذي
أعانها؟ هي عندها ستة أولاد تجلس مع كل واحد بمفرده تعلمه، من الَّذي أعانها؟
تستغيث بالله.
·
بالأمس صاحبتي، هي ما شاء الله أكبر مني سِنَّاً،
وعندها اللهم بارك! ثمانية أولاد أو تسعة، وجدتني أصطحب الأولاد، أربع أولاد حتى يحضر
ابني درس التوحيد، أقول لها الله المُستعان، قالت لي فجأة سوف تجدين ثمرة لا
يعلمها إلا الله، ففي مُثَبِّتات، كانت تعاني مع أولادها واللهم بارك! الآن هم
قُرَّة عين لها، هو الصبر، ليس بمجرد ما أجد أن الولد ليس راضيًا أن يحفظ أكتئب
وأتضايق.
·
والأم التي تكون متضايقة وفي ملل، وتترك الأولاد،
وتقول أنا مُكتئبة! حسناً والأولاد؟! أو مشغولة هي وزوجها بالخِلافات، هي وزوجها
مشغولان منذ خمس، ست سنين بالخِلافات، أنت لا تحبني، يقول لها والله أحبكِ، أنت لا
تهتم بي، يقول لها ماذا أصنع؟ يا سيدتي، الأولاد سوف يضيعون منكم، استيقظي،
استيقظي.
·
نحتاج أيضًا إلى صبر في مواجهة المجتمع, المجتمع لا
يوافق على كثير من مظاهر الاستقامة؛ لأنها ربما تُضيِّع مصالح لهم يجدونها معكِ،
أو ربما تُسبب استقامتكِ لهم إزعاج، الشيطان يُحركهم.
·
مطلوب منكِ أن تعرفي أن الله تعالى لطيف في باب الإيذاء،
ماذا يعني لطيف؟ يلطُف بعباده، يعني ما يترك أحد يُريد أن يَضُرِّكِ وأنتِ على
بابه أبداً، ربى حفيظ لكن I أرِيهِ من قلبكِ صدقًا.
·
بعض الأخوات بمجرد ما لبسنَ الغطاء أهل الزوج وأهلهن أوقدوا
لهن حرباً، في واحدة كانت تأخذ الحجاب، وتخرج أمام أبيها وأمها من غير حجاب،
وتلبسه على السلم!
·
ربي لطيف، يعنى يلطف بعباده، كلما تعلم العبد عن ربه
واشتد صلابة وقوة في إيمانه؛ ابتلاه الله ليرفعه، ربي يختبركِ، هل ستُصمدين أن
تكونين على الطلب؟ هل ستُصمدين على الدعوة؟ ابتلاه ليصطفيه، وليرفع درجته، لذلك
أعظم الناس بلاءً كما هو معلوم الأنبياء,
ثم الأمثل فالأمثل كما ورد في الحديث، عن الرسول r: ((حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ،
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ:
"الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى
حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ في بلاءِه، وَإِنْ كَانَ
فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَما يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى
يَمْشِيَ عَلَى ظهر الأَرْضِ ليس عليه خَطِيئَةٌ)) صحيح ابن حبان.
·
هنيئًا لمن تُجاهد لتقيم شرع الله U في أبنائها، لذلك هذه الدرجة درجة عليا؛ أن يُعلِّمكِ
ويرُبِيكِ ثم يبتليكِ، فاصبري على ما أصابكِ، حين يُعلِّمكِ ربكِ، وتريدين أن تعملي
بما تعلمت، سوف يأتي إليكِ من؟ شياطين الإنس والجن, فاصبري واحتسبي، اصبري نفسكِ،
قولي أهم شيء رضاك أنت يا رب.
·
هم يُولُّون ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا
أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ ]آل عمران:١١١[, الذي يحاربكِ من أجل دينكِ لن يُنصر، ربكِ هو الذي
ينصُركِ I, الرب مؤمن يصدُق عباده ما وعدهم، فقط أنتِ
لا تكوني ضعيفة، فما يبرح, فاصبر على ما أصابك وأنت صادق في إرادة الأجر من الله,
فما يبرح البلاء بِكَ حتى يترُكك تمشي على الأرض ما عليك خطيئة.
·
وإذا نظرتِ إلى من قبلنا من الدُعاة المُصلِّحين
بدءًا بالأنبياء وانتهاءً بالعلماء المعاصرين, تجدين كيف أن الله U ابتلاهم في إيمانهم، وابتلاهم في قوة صبرهم،
واحتمالِهم للناس، تجدين أن هؤلاء العلماء يَجِدُون أذى وحسد وسوء خُلق من الناس،
لا يعلمه إلا الله، وتجدين عَالِم علَّامة وبعض السفهاء يشتمون فيه، ويَتَهِمونه
في عِرضِه، الرسول r أعز الخلق وأحب الخلق إلى الله، الذى وصل إلى درجة
الخُلة، تحدَّثوا في عِرض امرأتِهِ! أسأل الله أن يُعافينا من هذا البلاء, وأن
يُصبِّرنا إن ابتلانا, وأن يصرِف عنا بما شاء وكيف شاء!
·
العبد يُبتلى بقدر أنفاسه، يُختبر في توحيده، فمن
اشتد إيمانه وقَوِّي, مُحِّصَ توحيده، لكن مهم أن ينتبه العبد أنه في حالة اختبار,
لابد أن تنتبهي، استيقظي، لابد من يقظة القلب، انتبهي أنكِ من لحظة استيقاظكِ صباحاً،
إلى أن تضعي رأسكِ ليلاً أنتِ في اختبارات، ما الدليل يا أُمنية ؟ ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ
وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْغَفُورُ﴾ ]الملك:2[ من الذي يُحسن عملًا؟
·
أنا الآن أتكلم، هل سوف أستمر في الكلام بما يُرضي
الله أم لا؟ مثلاً وجدت زوجى يقول لي أنتِ أصبحتِ لا تصلحين لي، سأتزوج غيركِ، مع
السلامة حبيبي، لكن بِما يُرضي الله.
·
لابد أن يكون عندكِ ثقة بالله ولا تكوني ضعيفة، لا
تجعلي الخلق هم الذين يُحرِّكونكِ، اجعلى الخالق هو الذى يُحرِّك قلبكِ وحده
لاشريك له.
·
نَبتدئ بالكلام حول الدليل، بمعنى عندما أقول لكِ أن
حياتكِ يجب أن تكون على هذه الأربعة، تقولين لي من أين أتيتِ بهذا الكلام يا
أُمنية؟ من أين كلمة ((يجب))؟
· ﴿وَٱلۡعَصۡرِ 1 إِنَّ
ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ 2 إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ
ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ3﴾ [العصر: 1-3], والمقصود الدليل على
هذه المسائل الأربعة؛ لأنه جعل لها مرتبة الوجوب، قال: ((يجب علينا))؛ أي على جميع
المسلمين، فلا تأتي من تقول لي: أنتِ تقولين هذا لأنكِ داعية، لا.. لا والله أبدًا،
لكن هكذا يجب أن تكون حياتكِ.
·
حسناً، لننوي كلنا مع بعض، طلب العلم لله، والعمل به
لله، الدعوة إليه لله، الصبر على مشقة الدعوة.
·
أسأل الله U لكل من كانت صادقة في نيتها أن يهديها الله، وأن يهدي
قلبها, وأن يوفقها، وأن يُسددها، وأن يجمعنا زُمرًا مع النبى r! ندخل هكذا: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ
أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا
خَالِدِينَ 73 وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ
وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ
أَجْرُ الْعَامِلِينَ- 74 وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ
يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 75﴾] الزمر: 73-75[ وفتحت أبوابها: واو الثمانية أبواب, أسأل الله U أن نكون هكذا مع الملائكة!
·
أَخواتي، الصالحين تتلقَّاهُم الملائكة، حين تحبين
أحداً وتجدينه يِمسِككِ ويضُمكِ، ما شعوركِ؟ الحُضن الجميل هذا هو الذي تتلقَّاكِ
به الملائكة، أسأل الله U أن ينفعنا!
·
يوم الأحد شرح الحلقة الثالثة من الأصول الثلاثة
مجملًا من هذه المذكرة، وستوزع الكتب عليكم إن شاء الله, ويوم الاثنين بعد القادم
الشرح التفصيلي.
· رددي دائماً يا رب, انفعني بما علمتني، وعلِّمني ما
ينفعني، وزدني علمًا!
سبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق