القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح الاصول الثلاثة الجزء الحادي عشر

 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان

الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا.

·      الدعوة دعوتان:

1.   دعوة تأسيس: وهي التي توجه إلى غير المسلمين فتعُلِّمِينهم العقيدة الصحيحة وتُعلِّمِينهم العمل الصحيح فتُنزٍهين ربكِ عن الصاحبة، والولد، وتُنزهينه عن الأنداد والشركاء، هذا كله تأسيس في قلب المَدعُوْ.

·      بمعنى لابد عندما تلتقين بكافرة, وتستطيعين أن تحدثيها بأي لغة, تقولين لها ما اتخذ الله من ولد، وما كان له من صاحبة، لابد أن تقولي لها كيف يكون لله U ولد؟! هل ربي يتزوج؟! ﴿كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبٗا[الكهف: 5] وهذه الدعوة تقولها أي واحدة.

·      من قصص الهداية العجيبة: أن امرأة فرنسية كانت مُغنِّيَة وكانت مشهورة جداً، حفلاتها بالملايين، أُخرى تقريبًا جزائرية، والجزائرية صاحبة المُغنِّيَة، الجزائرية مسلمة، فرأت المُغنيِة تعاني من حالة اكتئاب شديدة بالرغم من الملايين التي عندها والغناء والفُسح وكل ما لديها, فقالت الجزائرية للمُغنية: اقرئي القرآن، هي إنسانة بسيطة جدًا، أعطتها قرآن مترجم.

·      تقول: دخلت المصحة النفسية وخرجت, أخذت طبعاً المصحف من صديقتها ووضعته في الشنطة، وعندها حالة اكتئاب, ذهبت إلى المصحة، قالوا لها في المصحة: اذهبي إلى مكان هاديء لايوجد به أي صخب، لا أغاني، ولا موسيقى, ولا تلك الأشياء العجيبة التي هي مجال عمل الشياطين، ومعروف أنّ الشياطين ترقص ساعة الأغاني، هم يتنططون وهي تتنطط معهم، أو ربما والأصح أن هم الذين ينططونهم لا يوجد مشكلة، ربنا يهدي شبابنا!

·      يعني سبحان الله, الذي يذهب ليحضر حفلة أغاني, هل من الممكن وهو مسافر مثلاً إلى المدينة التي يسافر إليها لهذا الغرض أن يقول دعاء السفر؟ ((اللهم إنا نسألُكَ في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى)) صحيح مسلم, لن ينفع!! أمامه واحد من خيارين: إما أن يقول والله لن أقول هذا الدعاء، أو يرجع.

·      وهذا بمناسبة الدعاء, أذكر إحدى الأمهات رائعة وبسيطة جدًا، تقول لابنها: إلى أين يا ابنى؟ فيرد: سأخرج قليلاً يا أمي، فقالت له: حسناً يا بنى، ربنا يوفقك ويكفيك شر رفقاء السوء، فإذا به يقول لها: الله يسامحكِ أفسدتِ المشوار! يعني أن العبد يكون على علم بما يفعله.

·      المهم هذه المغنية ذهبت إلى مكان هاديء، وجلست وحدها في ملل وضيق، فنظرت في شنطتها وجدت القرآن, من التي أعطته لها؟ مسلمة, ولكن على نفس حالها، تقول المغنية جلست أقرأ أربع عشرة ساعة متواصلة! وتبكي، تبكي، تبكي، وأسلمت وحَسُنَ إسلامها. في ميزان مَن؟ الجزائرية.

·      فأنتِ لابد أن تدعي إلى الله U حتى لو رأيتِ في نفسكِ التقصير، إذًا الدعوة الأولى: دعوة تأسيس.

2.  الدعوة الثانية: تصحيح وهي الدعوة التى تُوجه إلى المسلمين الَّذين انحرفوا عن دينهم، أو جَهِلوا العبادة الصحيحة، المسلمين الَّذين دخل عليهم الشِرك في عبادتهم بأن يعبدوا غير الله، أو الشِرك من جهة متابعتهم لهواهم، تُعلمين المسلمين الَّذين جَهِلوا معنى ((لا إله إلا الله))، تُعلمينهم بحيث تدفعين عنهم، وتُصححين لهم ما حَصَروا عليه معنى لا إله إلا الله.

·      يعنى حين تتكلمين مع إحدى الأخوات، ترين أنها على خطأ، لا تقولي لا، لا توجد فائدة؛ لأن هذا نوع من أنواع التألِّي على الله، لا تقولي فلانة هذه لا يوجد فيها خير، ممكن هذه التى تتكلمين معها يكون فيها الخير كله لكنها جاهلة، يكون فيها الخير كله، وممكن كلمة واحدة منكِ تهديها إلى الله, فأنتِ لا تقولي هؤلاء ليس فيهم خير.

·      وكان سبق لي سبحان الله تجربة: أن تكلمت مع إحدى الراقصات؛ يعني ما ترتديه خفيف جداً، ووجدت منها كل أدب وأخلاق في الكلام، وترحيب بي، فأسأل الله أن يهديها! بمعنى قد تجدين أخت جاهلة تمامًا, وهي لا تعلم أنها على خطأ وحرام، فتحاولي معها بكل الطرق.

·      المهم يا أخوات, أن النفس.. حظ النفس لا يدخل بينكِ وبين الدعوة إلى الله، بمعنى أن لا تمنعكِ عدم محبتكِ لفلانة أو عدم قبولكِ لها أن تدعينها إلى الله، أو تمني لها الخير إلى الله، أي لابد أن ندع حظ النفس هذا بعيد عنا قليلاً.

1.  المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه

·      إذن طلب العلم فرض؛ أن تتعلمي عن ربكِ، العمل به، الدعوة إليه، ولكن حين تدعين إلى الله فهل ستجدين ترحيباً؟ لا، قد ترين أموراً عجاب، تسلط عجيب من الإنس والجن على حد سواء.

·      الصبر على الأذى, والصبر هو حبس النفس وعدم الشكوى إلا لله تعالى.

·      والآن من يتعلم يحتاج إلى صبر، هذه النقطة جميلة جداً يا حبذا لو ننتبه إليها جيداً، يحتاج إلى صبر يعنى: تحبسين نفسكِ وتلزمينها، على ماذا؟ على أن أتعلم، يعنى لابد من التعلم، يحتاج العبد إلى صبر يدفع عنه العوارض الخارجية التي يمكن أن تصيبه وتقطع عليه طريق الطلب.

·      ماذا تعنى عوارض خارجية؟ مثلاً زوجي لا يريدني أن أذهب إلى دروس العلم، أنتِ زوجكِ يسمح لكِ بالخروج؟ نعم، إلى أي مكان إلا العلم! اذهبي إلى هذا المكان واذهبي إلى درس العلم خذيه وارجعي، إذاً لابد من صبر، تُعامليه وتنقلي له العلم، سيقول لكِ أنتِ مُعقَّدة، وأنتِ أصبحتِ شيخة، وأنتِ أصبحتِ كذا، تحبسين نفسكِ عن أن يؤثِّر عليكِ، لكِ صُحبة سُوء اقطعي هذه الصُحبة التي تُؤثِّر عليكِ سلبًا.

·      بعض الناس يريدون أن تذهبي معهم إلى السينما، تجلسين، تتحدثين معهم, حكايات، كل الكلام عن الأكل والشُرب والموضة والمَاركات، ابتعدي عنهم، الزمي الصحبة الصالحة، هذا اسمه صبر يدفع العوارض الخارجية التي يمكن أن تبعده عن طريقه إلى الله.

·      نحن اتفقنا أن العلم طريقكِ إلى الله، فستُحاربين لكي يكون هذا الطريق سالكًا، ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)) رواه أبو هريرة, لو لم تُحاربي ولم تُجاهدي, فهناك  قواطع سوف تقطع عليكِ الطريق, انتبهي! عليكِ أن تعرفي أن هناك قواطع وعوارض، هذه الفتن يُحرِّكها الشيطان، سيحُضر لكِ عوارض خارجية، مثل ماذا؟ شخص يقف في طريق الطلب؛ إما الزوج، أو الأولاد, أو أي أحد.

·      من عجيب تسلط الشياطين أنهم من الممكن أن يضيقوا على أهل البيت، مثلاً قد تكونين تُذاكرين، ليوسوسوا لك بأن ألا يوجد لديكِ شيء غير العلم؟!، لا تتكلمين في غير العلم؟ ألا تسألين فيما سوى العلم.

·      فحبس النفس على دفع العوارض الخارجية التي يمكن أن تُصيبه وتقطع عليه طريق الطلب، أي أحد يقطع عليكِ طريق الطلب كوني حَذِرة منه.

·      ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ] التحريم:٦[ الآيات التى قبلها تقول ماذا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ]التغابن:١٤[ ما معناه؟ إن من أزواجكم وأولادكم وهم أقرب الناس لكم ممكن يكونون أعداء لكم، إن كانوا يمنعونكِ عن الطريق إلى الله, فاثبتي.

·      أنتِ الآن تريدين تلبسين لبس صحيح، زوجكِ يقول لكِ لا, هذه الملابس لا تنفعني، قولي له لا، هذه الملابس تنفعني عند ربى، لا بد لكِ من قوة الشخصية في الحق.

·      على الجهة العكسية مباشرةً، لو الأمر من أُمور الدنيا، أقول لكِ أَطيعيه ولو كان على خطأ، طالما هو في أُمور الدنيا؛ لأن طاعة الزوجة لزوجها في أُمور الدنيا حتى لو هو على خطأ، تنزل البركات، هذه قاعدة آداء الحقوق يُنزِّل البركات، ﴿ولَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ]الأنفال:46[.

·      لكن لا ينبغي أن تسمحي له بأن يتدخل بعلاقتكِ بربكِ ويقف بينكِ وبين ربكِ، واضح؟ يوجد مساران؛ يمين وشمال، إن كان الزوج يُريد أن يطاع على كل حال, يطاع طالما في غير معصية الله، أما إن كان يُريدني أن أعصي الله, فأحبس نفسي وأصبر، وأقول له لا.

·      هذا قطع العوارض الخارجية التى يمكن أن تصيبكِ وتقطع عليكِ الطلب إلى الله، فهمتم هذه النقطة أم لا؟

·      صحبة السوء، في قصة عبد الله بن سلمة القعنبي الذي كان سِكِّيرًا مخمورًا، وكان له صحبة يمشي معها، وفي يوم من الأيام جاء أحد علماء الحديث وهو شُعبة، الإمام شُعبة إلى المدينة وكان في العراق، وهو مخمور ومعه أصحابه، فقال: ما هذا الزِحام، قالوا شُعبة، قال ومن شُعبة، قالوا مُحَدِّث، قال لهم ماذا يعنى مُحدِّث؟ ماذا يبيع؟ قالوا له يحدث بِأحاديث رسول الله -وهو من أئمة الأعلام في الحديث- فذهب إليه عبد الله بن سلمة القعنبي وقال له -وهو مخمور- حَدِّثني، فنظر إليه وقال لن أُحدِّثك، فقال ماذا؟ قال لن أحدثك، فأخرج السكين ووضعه في بطنه وقال حَدِّثنى وإلا قتلتك، يعنى إما أن تبيع لي من الذي تبيعه هذا وإما أقتلك –مخمور- فقال قال رسول الله : ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْ فَاصْنَعْ مَا شِئْت)) صحيح البخاري, فوقع  السكين من يد عبد الله، ووقع الكلام في قلبه.

·      إذا لم تستح من الله فافعل ما تريد، وقع الكلام في قلبه، كلمتان فقط! قالها صادق، فذهب عبد الله، وبكى، واغتسل, وكان سكِّيرًا مخمورًا فاسقًا، اغتسل، وتاب وقال لأمه: إذا أتاكِ أصحابي، فقولي لهم إني تُبت ولن أسير معهم، ما هذا العمل؟ قطع العوارض الخارجية التي قد تسدُّه عن طريق الله.

·      فعندما تجدين أحدًا سيُنزِّلكِ، حاولي أن تتجنبيه، وبالأدب والأخلاق والحسنى، ناس يدفعونكِ للغيرة، والحسد والبغضاء، أو يدفعونكِ كل يوم والثاني على الأسواق، أو يدفعونكِ لكذا وكذا، المهم عوارض فحاولي أن تسحبي نفسكِ؛ لأن من قوارب النجاة في الطريق إلى الله لزوم الصحبة الصالحة، إذا كان لا يوجد لديكِ صحبة صالحة تكونين كسلانة، وفاترة الهمة لا تقدرين على شيئ.

·      أيضاً يدفع المُعارضات النفسية الداخلية -النفس أمارة بالسوء- التي يمكن أن تقطع هي أيضاً طريق الطلب.

·      كأن تقولي لإحداهن -وهذا حدث، حدث مع أصحابي نفس الحكاية- لنذهب لمحاضرة أُمنية, فترد: لماذا؟ لا لزوم لها؛ نحن نسمعها عندنا على الواتساب والتليجرام!  لكن التقاء المسلمين ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ [الكهف:28], فيها همة، طالما ربي يسر خير.

·      توجد عوائق بالنسبة لكِ أيضًا، عندما تسمعين المحاضرة أنتِ في طلب، وفي سلوك، لكن في فضل أكبر، طالما ربنا يسر لنا أن نلتقي، لماذا لا نلتقي؟ لماذا؟ لقاؤنا هذا نعمة من الله U, إنه نعمة، أن تجدين وجوه تُذكِّركِ بالله U فهذه نعمة، احرصي عليها، عُضِّي عليها، تذكري أن الآن توجد ملائكة تحُفِّكِ، لو كُشِف لنا الحجاب لوجدنا الملائكة من مجلسنا هذا إلى عنان السماء بنص حديث الرسول  : ((إنَّ لله ملائكةً يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجاتكم، فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا)) صحيح البخاري يعنى أنتِ الآن بِجواركِ ملائكة! فلماذا تحرمين نفسكِ من هذه الجلسات؟ هكذا تدفعين المعارضات النفسية الداخلية.

·      هناك معارضات نفسية داخلية تقول لكِ أنتِ متعبة، كنتِ ساهرة طول الليل لم تنامي، استريحي، -أنتِ أيضًا في بيتكِ عبادة- استريحي، نامي، هذا شيطان، حتى تعيشي في خمول.

·      هناك معارضات نفسية داخلية تقول لكِ أنا كثيراً ما أتردد على مجالس العلم فما الذي جرى لي؟ وأُخرى داخلياً تقول مللت، لا أطيق نفسي, والله العظيم عندما تكونين في ملل ولا تطيقين نفسكِ، وتأتين إلى دروس العلم، وننظر إلى بعض، ونضحك في وجه بعض ((تبسُّمُكَ في وجه أخيك صدقة)) صحيح ابن حبان صدقة، هذه مهمة جدًا جدًا.

·      بعض الأخوات يتعرضن للوسواس القهري، الشيطان متسلط بها، يثبطها دائماً، سأغادر فراشي، وألبس وأحرك السيارة، وبعدها أرجع متعبة، وأقف في المطبخ، وأرتب البيت؟ لن أقدر! وبعدها زوجي يتجهم ويعبس، فلا داعي لأن أذهب.. معارضات داخلية.

·      يعني هذه التي ستتكلم ما الجديد الذى ستقوله؟ إنها مستفزة, وكل حين تخبرنا عن هذا وذاك حرام في حياتنا، فلقد أصابتنا بعقَّدة.

·      تجدين معارضات ماذا؟ داخلية، اصبري، احبسي؛ تُكتَبي من المُجاهِدات.

·      الإمام ابن العثيمين أجرى مقارنة بين الذي يُجاهد في طلب العلم, والعمل به والدعوة إليه، وبين من يُجاهد بالسيف؛ فالذي يُجاهد في تَعلُّم وتعلِيم الخير أرفع درجة من الذي يُجاهد بالسيف! تخيَّلى! نتيجة المقارنة للشيخ ابن العثيمين، وهذا الشيخ ليس عقلاً كأي عقل، فهو واحد انكب على كتاب الله تَعلُّماً وتعلِيماً ودعوةً، إذاً اصبري، اصبري على الطلب.

·      ونحن أيضاً المُعلمات نصبر على الدعوة إلى الله U، نحن كطرفين نحتاج أن نصبر على بعضنا، أنا أصبر عليكم، وأنتم تصبرون علىَّ.


تعليقات