القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح الاصول الثلاثة الجزء الرابع عشر

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان

الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا.

·      إذًا بمَ سوف أُؤمِن؟

  أنا أُؤمن أنَّ الرب ديَّان, يُعامل كل أحد بِما قام في قلبه, لن أحرق دمي على أي تصرف أو أي أذى؛ لأنَّ ربي سيُعامِلهم بما قَام في قلوبهم.

  أنا أؤمن أنَّ الرب مؤمن, ماذا يعني مؤمن؟ هذا يلتبس على كثير من الناس، يقولون ماذا يعني المؤمن؟ فنحن نصف المؤمن للإنسان بما معه من إيمان, لا, هذا مؤمن في حق الله الذي يَصْدُق عبادَهُ ما وعدهم, الذي يخلق الطمأنينة والسكينة في قلوب عبادِهِ المُوحدين, الذى شَهِدَ لنفسهِ بالوحدانية, الذي يُؤَمِّن العباد من مخاوفِهِ, معاني أكثر من رائعة في اسم الله المؤمن.

·      إذًا أنا كيف سأؤمن بالله, ووجوده, وأسمائه, وصفاته من غير عِلم؟ لا يأتي الإيمان بِلا عِلم, الشيخ محمد يقول: لا يُمكِن أن يكون إيمان بِلا عِلم، فالإيمان فرع العِلم وثمرته.

·      لذلك أنا أتعجَّب, أنا أتعجَّب عندما يكون هناك ناس تُطالِب بتحكيم الإسلام وتقف لتُطالب بتحكيم الإسلام ثم يُؤذِن المؤذن للصلاة فلا يقوموا للصلاة! كيف ذلك؟! أنا عندما أريد أن نحكم بِشَرع الله, الناس أصلًا لم تتعلم الشرع فكيف ستقتنع بهذا الكلام؟ نطالب بتحكيم شرع الله لأنَّ هذا فرض.

  ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ٤٤ [المائدة:44].

  ومرة أُخرى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ٤٥ [المائدة:45].

  ومرة أُخرى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ٤٧ [المائدة:47].

·        إذًا كيف نستطيع نحن أنفسنا أن نكون من الذين آمنوا وعمِلوا الصالحات, ثم ندعوا القوم إلى العلم بالله بأسمائه وصفاته, ونصبِر على ما سيأتينا من البلاء لأن لابد أن يكون هناك بلاء, سُنة كونية أنَّ من يدعو إلى الله يأتيه البلاء.

·        قال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [العصر:3] يشمل كل عمل صالح ظاهر أو باطِن، واجب أو مُستحب -نفس الكلام- من حقوق الله أو حقوق العِباد, كل هذا يدخل في قوله ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ, وانظر كيف أخَّرَ العمل عن العِلم؛ لأنه لا يمكن العمل الصالح إلا بعد الإيمان الذي لا يحصُل إلا بالعِلم النافع.

·        خُصَ العمل الصالح في الآية ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [العصر: 3] لأن ربي يعلم أنَّ عِباده سيأتي منهم مَنْ يقول أنَّ العَمل ليس مهماً، المُهم القلب, فِرقِة المُرجِئِة, فِرقِة المُرجِئة, ربنا رب قلوب, نعم عادي ليس هناك مُشكلة ولا يوجد عمل, فلذلك ربي أَكَّد ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

·        واحدة تقول: أنا بيني وبين ربنا عَمَار, ممتاز.. لكن أين الدليل؟ ربكِ يقول ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ٣ [العصر: 3], فنحن لا نُشَكِك في أحد لكن نقول لكِ أنتِ لستِ صح, لابد إن كنتِ تُحِبين الله: ((إن المُحِب لمن يُحِب مُطِيعُ)).  

·        إذًا قال تواصوا بالحق, دعوة إليه, أوصى بعضهم بعضًا بالحق, والتواصي بالحق من صُور وأنواع العمل الصالح، يعني الدعوة إلى الله التي هي التواصي بالحق هذا من العمل الصالح, وإنما نص عليه وذَكَرَهُ لأهميته وأَثَرَهُ في حصول النجاة.

·        الكلام الآتي هام جدًا ليؤكد لكِ أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر فرض عليكِ بِحسب استطاعتكِ, فقال لكِ لكيلا يظن الظان أنه بِاستِكثَارِه من الأعمال الصالحة في نفسه يحصل له النجاة وإن أهمل من يجب عليه نُصحَهُم وأمْرَهُم بالمعروف ونَهْيَهُم عن المنكر, ولذلك جاء النص على التواصِي بالحق مع أنه من الأعمال الصالحة.. رَأَيتُم الجمال!

·        هنا ربي قال لكِ ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا من ضِمن الإيمان أنه يعمل صالحًا، لكنه كذلك نص على العمل الصالح, خَص العمل الصالح, إذًا الإيمان إيمان قول وعمل ولكن الله أكْدَ؛ لأنَّ ربي عليم خبير بعِبادِه، أنَّ هناك ناس سيقولون: المهم الذي في القلب، وهذا العمل؟ ربنا غفور رحيم.

·        ليس الإيمان بالَتمَنِّي ولكِنَّ الإيمان ما وقر في القلب وصَدَّقَهُ العمل, إنَّ أُناسًا غرتهُم الحياة يقولون نُحسِن الظن بالله, لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل, إذًا فخَصَ الله العمل ثم خَصَ وتواصوا بالحق, أليس الدعوة إلى الله من ضِمن الأعمال, فلماذا ذكرها مرة أُخرى؟ ليؤكد أنَّ من أسباب النجاة أنكِ تدعين إلى الله، لا تَظُني أنكِ عندما تستكثري من الأعمال الصالحة في نفسكِ أنكِ بهذا تكوني نَجَوتِ، لا، لابد هذا مع ذاك.. الإيمان, والعمل الصالح, والدعوة إلى الله.. تواصوا بالحق.

·        فيُؤلِمنِي أنَّ الأُخت تمشي كل ملابسها فِضفاضة وتُغَطي نفسها كاملًا وبنتها تلبس بنطلون ضيق وتضع مكياج! أو أنَّ الأب يكون مُلتَزِم ويرتاد المساجِد ويسمح لأولاده أنهم يُشاهدون فيلم يوجد به رجل يُقَبِّل امرأة وتُثار الشهوات في بيوت المسلمين ويعتادوا الأمر ويألفوه وهو من الكبائر, أتعجب أنَّ عائلة من أب وأُم وأولاد يجلسون يُشاهدون مع بعض الفيلم.. ما هذا؟! أعترض بكل الصور! يعني شيء مؤلِم, حتى لو هناك أحد يحكي للأولاد على هذه الأشياء لكن أنتِ لا تسمحي أن يُغْضَب ربكِ في بيتكِ, وتفهمي أولادكِ أنَّ هذا حرام وتُعَظِّمِي في قلوبهم هذا الأمر.

·        يعني ربي يقول لك غُض البصر كيف تسمح أن تنظُر لِرَجُل وهو يُقَبِل امرأة؟! إنَّ هؤلاء يعصون أمر الله, حسنًا تعال يا حبيبي, تعال أنت يا بُني لو زوج خالتك حضن خالتك وقبَّلها أمامنا هل ترضى بهذا؟! لا طبعاً.. لماذا؟ لأنَّ هذا عيب, إذًا لمَ أنت تُشاهد هذه الأشياء؟! على الأقل أنَّ زوج خالتك عندما يُقبل خالتك فهي زوجته وحرام أنهم يفعلون هذا أمام الناس لكن من تُشاهدهُم ناس غُرباء عن بعض ويُثيروا الشهوات.

·        فلابد أن يكون هناك دعوة، لا تظُني أنكِ عندما لا تُشاهدي هذه الأفلام إذًا كفى ليس لي دخل بهم، لا أقول لهم على الحلال حلال ولا على الحرام حرام, من مواصفات اليهود ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ  لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ٧٩ [المائدة:79]

·        إذًا التواصي بالصبر الصبر.. على الأذى، ما معنى ذلك؟

أوصى بعضهم بعضًا بالصبر يعنى أنواع الصبر كلها من: الصبر على طلب العلم, والصبر على العمل به, الصبر على التواصي بالحق, وخص التواصي بالحق بالذكر لأهميته وعِظم أثره في تحقيق النجاة والسلامة  من الخَسَارة وإن كان داخلِاً مُندَرِجًا فيما تقدم من العمل الصالح والتواصي بالحق.

·        قال الشافعي رحمه الله: ((لو ما أنزل الله حُجَّة على خلقِهِ إلا هذه السورة -سورة العصر- لَكَفَتْهُم)).  

·        ما الذي أراده الشافعي؟

لأنَّ هذا اختبار لكِ تَسِيرِي صح أم خطأ..فكل واحد سينتبه في الأُمة.. كل واحد سَينتَبِه ويستيقظ لنفسه.

إذًا أراد الشافعي أنَّ هذه السورة كافية شافية في بيان طريق النجاة.. الله أكبر!

·      نحن نتكلم في النجاة, كل واحد مِنا يُريد أن ينجو ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ٦٤ [الأنعام:64] نحن نتكلم عن النجاة, كيف أنجو؟

أُلزِم نفسي بمنهج يحفظني من الخَسَارة، ما هذا المنهج ومن الذي قاله؟ الذي خلقكِ فسواكِ فعدلكِ، من الذي رسم لي المنهج؟ الله، وطريقة التفكير وطريقة الحياة والتربية.. من الذي علمها لي؟ ربي في كلامه وفى كتابه.

فأنا ألزم نفسي بطلب العلم عن الله, والدعوة إليه والعمل أولًا, والدعوة إليه, والصبر على مَشَاق الدعوة, وأخذ تفكيري من كلام الله, وحالتي النفسية وعِلاجها, وطريقة تفكيري وتفكير عقلي في أمور حياتي, وتربيتي وسلوكي, وأخلاقي من أين أحصُل عليه؟ من المنهج الذي خلقني رسمه لي: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا٨ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا١٠ [الشمس: 7-10].

·        إذًا عندما يقول لكِ الإمام الشافعي أنَّ هذه شافية في بيان طريق النجاة ونجد أن مجموعة كبيرة جدًا من المسلمين حتى المُستقِيمين منهم يتركون طريقة التفكير في القرآن وفي الإسلام وفي السنة, ويَتَّجِهون إلى أنهم يأخذون طريقة التفكير ومُعاملة النفس والتربية من الكفرة المَلاحِدة! حينئذٍ نقول إنا لله وإنا إليه راجعون, لا نعلم هل نُصلي عليهم صلاة الجنازة أم ماذا نفعل؟ ندعو الله أن يُبصِرَهم وأن يُنوُّر طرقهم!

·        عندما تأخذ مسلمة طريقة تفكيرها وكيفية فاعليتها وحيويتها من ناس وطُرق كفرة وملاحدة هُم أصلًا لا يملُكون عُقولًا, وتَترُك كلام الذي خلقها فسواها فعدلها, وتترُك الانكباب على كلام الله, وتأخذ العلم علم التفكير، فنحن لو نتكلم عن الدنيا ووسائل التكنولوجيا لا يوجد هناك مشكلة، لكن نحن نتكلم على إصلاح النفس بكلام الملاحِدة!

·        المهم هناك صبر على طاعة الله, وأداء الفرائض, والقيام بالحقوق..حقوق الله وحقوق العباد, كل هذا يحتاج إلى صبر, الصبر على معصية الله؛ لأنكِ تعلمين أنَّ النفس أمَّارة بالسُوء فلابد للإنسان أن يصبر حتى لا يقع في المعصية, أيضًا طلب العِلم محتاج لِصبر، حبس نفس وحبس وقت وأنكِ تتركين أشياء كثيرة جدًا جدًا جدًا حتى تكوني ممن يطلب العلم.

·        يعنى نحن لو نقوم ببحث عِلمي, برنامج حياتكِ كله سيعمل وفق ما تستطيعين القيام به بِجانب البحث العلمي.. صح أم خطأ؟ يعني سأستيقظ مُبكِرًا, وسأطبخ أكلات صِحية ولكن سريعة, وسأتحرك بِسرعة وأغلق الموبايل كي أنتهي, وحكاية السوق هذه لن أنزلها غير مرة واحِدة في السنة.. زيادة عن مرة في السنة حاليًا صعب جدًا بالنسبة لنا من وقت ما مَنَّ الله عز وجل علينا بِطلب العِلم, والأبحاث صعب جدًا عَليَّ أن أذهب إلى السوق غير آخِر العام لو سأقوم بِشراء هدايا لأهلي وأنا مسافرة, ولو لم أُسَافر إلى أهلي يكون ذهابي إلى السوق كل عامين.

·        أُخت من الحاضرين تسأل: ماذا عن طلبات الأولاد؟

·        الأستاذة تُجيب: الأولاد كفاني الله أنهم يذهبون مع أبيهم, فعندما يُيسر لكِ الله أمر يكفِيكِ فلا تحمِلي الهم.

·        أنا كنت أقول يارب, كيف سأذهب إلى سوق وأعود من السوق مُرهقة؟ ولا أعرف ماذا أفعل, ثم أجد زوجي يقول لي جهزي فلان سوف أخُذهُ معي لأشتري له ما يُريد, جزاك الله خيرًا, ربنا لا يحرِمنا مِنك، ربنا لا يحرِمنا مِن دخلِتِك علينا, سد باب أنا كُنت قلقة منه, فسوف تجدين أنكِ عِندما تصبِرين ربي يسد عليكِ أبواب كانت مفتوحة.

·        جلسنا فترات طويلة نُجاهد بين الطلب, وبين الأولاد, وبين العمل, وعندما أراد ربي وثَقُل يعني ثَقُل وطولِبنا بأبحاث تحتاج لأوقات كثيرة جدًا مع عُلماءنا ربنا يبارك فيهم! يعنى عندما نُكلَف ببحث من العلماء أنتِ ممكن تحتاجين سبع أو ثمانِ ساعات للبحث, تنظُري تجدي أنَّ ربي I سد عليكِ وأرسل إليكِ بمن يخدمكِ، رزقكِ بمن يَحمِل عنكِ.

·        يعني المهم أنَّ تدابير الله جميلة, وقبل ذلك كنت أذهب إلى كل مكان بالأربع أولاد, وأُطرد من المراكز ويقولون لي اخرجي بأولادكِ من هنا, كنت أخذ أولادي ويقولون لي أنتِ وأولادكِ اخرجوا من هنا، أنتِ وبنتك ِبالخارج ونقف وننتظِر تاكسي أنا والأخوات و..و.. من ثمانية عشر عام هذا الأمر، فتجدي من كرم الله U أنَّ هناك أُمور كانت شاقة وعسيرة ربي يُيسرها, لكن أرِي الله مِنكِ صبرًا على الطلب، عندما يأتي الطلب ربي يُصبِّركِ على العمل, ربي يفتح لكِ باب الدعوة.

تعليقات