اعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا.
أما بعد... فإن هذه الدروس
وهذه اللقاءات؛ التي هي على ذكر الله عز وجل هي أجمل ما في الحياة الدنيا، وهذا
مصداق لقول النبي ﷺ: ((الدنيا
ملعونة ملعون ما فيها إلا من ذكر الله وما والاه وعالم ومُتعلم)).
وقال النبي ﷺ: ((مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ
فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ
بَيْنَهُمْ إِلَّا وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ
عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)).
فهذا أعظم ما في الحياة الدنيا؛ ذكر
الله والالتقاء على ذكر الله وها نحن نلتقي على فهم القرآن العظيم، وأعظم وأعلى
علوم القرآن، كما قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي: هو العلم بالله بأسمائه وصفاته. كما أن العلم
بالله وبأسمائه وصفاته هو توحيد المعرفة، بمعنى أن أصل التوحيد: هو توحيد الله بأفعاله سبحانه وتعالى، توحيد الله
بأسمائه، فعندما يحدث عندك معرفة الله بأسمائه سوف تعلمين أفعاله من الصفات
الفعلية والتي سوف تأخذينها من الأسماء فستُوحِدّينه بأفعاله وهي توحيد الربوبية، وعندما
يحدث هذا فإن القلب لن يلتفت لا يُمنةً ولا يُسرةً إلى غير الله، وهذا هو حقيقة توحيد الألوهية، فأصل
التوحيد كما قال علماء العقيدة توحيد المعرفة وهو توحيد الإثبات ثم توحيد
الألوهية، العبد عندما يسير في الطريق إلى الله لابد له من علمين:
•
معرفة الله بأسمائه وصفاته وكماله وغناه المطلق.
• ومعرفة نفسك الفقيرة العاجزة
التي لا تستغني عن خالقها طرفة عين.
يُجمع هذا الكلام في قوله تعالى: ﴿۞يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِۖ وَاللَّهُ
هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ١٥﴾ [فاطر:15]. هذه المعرفة تورّث العبادة..
الله عز وجل يقول في كتابه في سورة الذاريات:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦﴾ [الذاريات:56] ما هو أَصْلَ العبادة في العقيدة؟
لابد من وجود أصليين عظيمين حتى تقولي أن هذا
العمل عبادة فهل هو الاخلاص والمتابعة؟
قالت الأستاذة: لا هذه شروط قبول
العمل، شروط قبول العمل الاخلاص والمتابعة.
طريق معبد، ماذا يعني؟ طريق معبد يعني مذلل، إذاً كلمة العبادة من التعبد أصل العبادة
والتعبد أصليين؛ *كمال الحب لله مع كمال الذل
والانكسار لله* نُركز في هذه الكلمات؛ لأنها في غاية الأهمية، عبادتك أبداً
لا تكون عبادة من دون ما يكون لها أصليين: (لو ترغبين في معرفة أصل هذا الكلام
ترجع للحافظ الحكمي في سؤال إجابة ٢٠٠ سؤال في العقيدة كتاب مشهور جداً للحافظ
الحكمي).
فقال لك أصل العبادة لما ربنا يقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦﴾، لو قلت لأي أحد لماذا خلقنا الله؟ ستكون الإجابة من أجل أن نعبده.
فأنتِ كيف تتحصلين على أصل العبادة؟ أصل العبادة كمال الحب لله مع كمال الذل والانكسار،
امرأة تتعبد لله عز وجل بحجابها لو هي تضع الحجاب تقول جيد اننا نحن محجبين يوجد
ناس ثانية عريانة، يعني حلو مننا جدا اننا نرتدي الحجاب، وهذا ليس فيه أي ذل ولا
انكسار، هذه تَمُن على الله عز وجل فهذه أبداً لا تكون عبادة، إنسان يقول الحمد
لله ان انا أقوم الليل في ناس نائمة طول الليل! أين العبادة؟ أصل العبادة؟! أصل
العبادة أنك تكون ذليلة منكسرة لله، تعرفي ان هذه
نعمة من الله، لو لم يعطك الله هذه النعمة لما فعلتها، امرأة تقول أنا أسهر
وأعمل كذا وكذا، جميل وهل تمني على الله وأين الذل والانكسار لله؟! ان لولا الله عضلة
اللسان ما تتحرك أصلاً، فيه أيام الانسان يستيقظ فيها يقول لا حول ولا قوة إلا
بالله يا رب أقدر أتكلم، لسانك ما تستطيعين أن تحركيه إلا بحول الله وقوته، فأي
عبادة لا تكوني فيها ذليلة لله -لو حجابك لو صلاتك لو صومك لو القائك للدروس لو
تربيتك لأولادك لو مذاكرتك- لو ليس فيها ذل وانكسار لله ما تكون عبادة.
فهنا مع العبادة لابد أن يكون فيها كمال الحب، وأن الله يستحق مني هذا
وأعظم من هذا، ثم أجد في نفسي؛ قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِۚ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٧﴾ [الزمر:67].
إذاً من أين سيأتي الانكسار لله؟ من
معرفة الرب جل وعلا وعظمة قوته وقدرته وجبروته وعزته.
كل الأسماء والصفات تورث فيك ذلاً
لله، والذل يورث العبادة.
بالإضافة نقول حتى أكون عابدة لله
لابد أن أكون عابدة أحقق أَصْلَيّ العبادة طريق معبد، معناه مذلل.
وسوف نعلم مدى أهمية أسماء وصفات الله
فمهما بلغت درجات علمية في جميع الفروع ثم لا تعرفين ربك بأسمائه وصفاته فما بنيتِ
الأصل الأول من أصول الإيمان، لعبادة الله عز وجل لابد أن يكون هناك أصل العبادة
أمرين:
•
كمال الحب لله؛ وهذا يأتي من معرفة الله بأسمائه وصفاته.
•
وكمال الذل والانكسار لله؛ وهذا يأتي من معرفة النفس وصفات النفس وتقلبات النفس.
ماهي صفات النفس يا أخوات في القرآن؟ قال تعالى: ﴿۞إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ
هَلُوعًا ١٩ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٢٠ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ
مَنُوعًا ٢١﴾ [الـمعارج:19-٢١] هذه صفات النفس، ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ ٢٢﴾
[الـمعارج:22].
كل النفوس تخاف، من الذي ثابت على أرض ثابتة؟ المُصلين،
ولن تُؤدي عبادة الصلاة بالطريقة الصحيحة إلا إذا عرفتِ عظمة هذا الذي تقفي بين
يديه في الصلاة -سبحانه- عظيم في السماء.
كذلك من صفات النفس، الله عز وجل يقول للرسول ﷺ ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ
لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًاۙ ٧٤﴾ [الإسراء:74] تخيلِ هذا الكلام للرسول! فيما معناه لولا أن الله يُثبّت النبي ﷺ ﴿لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ
إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًاۙ﴾ لكان
﴿إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا
تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ٧٥﴾
[الإسراء:75] هذا الكلام للرسول أعظم الخلق وأحب الخلق إلى الله، الذي غُسّل قلبه
مرتين، فما بالكِ بنا، لو لم يُثبتنا الله سبحانه وتعالى فما الذي سوف يحصل في
النفس؟ ماذا يحصل لنفس؟ تضعف، يبقى من صفاتها أنها ضعيفة.
-الصفة الثالثة للنفس
﴿۞يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ﴾ [فاطر:15] إذاً النفس من
صفاتها أنها فقيرة ﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ﴾ [فاطر:15] عند رؤيتك لصفات
النفس سوف تجدي العجب ﴿هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن
شَيْئًا مَّذْكُورًا ١﴾
[الإنسان:1].
أنا وأنت وكلنا لم نكن شيئاً حتى
أوجدنا الله وأمدّنا وأعدّنا وربَّانا، فإذاً لتحقيقكِ أصل العبادة لابد من أن
يكون عندك عِلميْن:
•
العلم بالله بأسمائه وصفاته يحقق لك كمال الحب وكمال الذل.
•
ثم علمك بنفسك يُحقق لك مزيداً من الذل والانكسار للنفس.
إذاً هذا العلم العظيم أحتاج إليه حتى
أتعبّد لله؟ فحال النفس قبل العلم بالأسماء والصفات مغرورة جاهلة، ترى المِنّة على
الله عز وجل، القلب يرى عمله ويُعجب بعمله، أما بعد معرفة الله بأسمائه وصفاته
ومعرفة النفس، الموضوع يتغير مائة وثمانين درجة.
المرة السابقة أخدنا اسم الله المؤمن، وقُلنا
ما معنى المؤمن؟ هو الذي يُصدّق نفسه سبحانه وتعالى؛ ماذا يعني بكلمة يُصدق
نفسه؟ يعني يشهد لنفسه بالوحدانية ويشهد لنفسه بأسمائه وصفاته كلها ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا
إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِۙ قَائِمًا بِالْقِسْطِۚ
لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١٨﴾ [آل عمران:18] فالله عز وجل المؤمن؛ يعني يُصدّق
لنفسه بوحدانيته، بأنه لا يستحق العبادة إلا هو، ثم يُشهدك على جميع أسمائه
وصفاته، يُشهدك على قدرته الفائقة، يُشهدك على تدابيره الجميلة، يُشهدك أنه وحده
الذي يستحق أن تتعلقي به وتثقي به، لا تثقي بأحد من العباد الناقصون، يُشهدك على
قدرته في هداية العاصي، فلا تعتمدين على حولك ولا قوتك لا في هداية نفسك ولا في
هداية من معك، يريكِ مع بَذْلِك الجهد العظيم في هداية فُلان وفُلانة أنه ليس
هادياً إلا الله لترجعي وانت مكسورة وتخرّي ضارعة وتقولين يا رب اهدهم يا رب اهدني يا رب.
يشهدك.. يشهدك.. يُصدّق لنفسه، يُشهدك أنه الرزاق، لما شهد أنه
﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ٢٢﴾ [الذاريات:22]، يريك أنه وحده
الذي بيده الرزق وان رزقك لو بيد أي أحد فإن هذا الأحد يبخل عليكِ غاية البخل،
﴿قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا
لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ﴾ [
الإسراء:100] يُشهدك على ذلك في نفسك، يُشهدك على أن هذا الكلام كلام الله عز وجل
كلام عزيز ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ٤١ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ
يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ [فصّلت:41-42] كيف يُشهدك؟
كلما تعلمتِ ومرت بكِ مواقف الحياة هذا كله تريه يُشهدك بعلامات كونية أنه الجميل،
جمال السماوات يُشهد أن الذي خلقهن جميل ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن
تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج:65] يُشهد ذلك ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ
السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [الرّعد:2]
هذا الشاهد على القدرة الفائقة، تعاقب الليل
والنهار بنظام بديع شاهد على أن الله عز وجل حكيم يدبر الأمور بديع؛ فحتى خلق السماوات
والأرض فيهما دلالات على توحيد الله بأسمائه وصفاته، تغير العباد وتغير قلوبهم ومزاجِهم،
تقولين سبحان الله صدق رسول الله ﷺ: ((القلوب
بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء)).
عندما تريين إنسان كان غنياً جداً وبعدها أصبح فقيراً تقولي صدق الله ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل
عمران:140]. صدق الله ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ
لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾
[الرّعد:26]. عندما تريين امرأة عاديةٌ جداً وكل من حولها يُكنون لها الحب جداً تقولي
سبحان الله المُصور ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ
فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
٦﴾ [آل عمران:6].
إلقاء الصورة في
عين من أمامك مِن فعل المُصوّر كل شيء سوف تتعلمينه تثقين فيه وتصدقين، الله عز
وجل يريكِ ويُشهدك على أنه سبحانه وتعالى الجبار القهار القادر الجميل المُصور
الخالق الذي يدبر الأمور كل الأفعال والصفات، إذاً أول معنى من معاني اسم الله المؤمن:
الذي يصدق نفسه، والمعنى
الثاني الذي يصدق رُسله،
بما يؤيدهم به من معجزات تكون علامة واضحة جداً للخلق أنها معجزة، وأنه أتى من عند
الله.
مثل آية سيدنا عيسى ابن مريم عندما قالوا لأمه: ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا
كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ٢٨﴾ [مريم:28]. ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠﴾ [مريم:30] وهو في المهد،
ما أحد يتكلم في المهد أبداً، إلا لأن الله عز وجل يريد أن يُصدقه -أربعة الذين
تكلموا في المهد- لأن الله عز وجل يؤمنهم بإظهار صدقهم.
هذا معنى من معاني اسم الله المؤمن
الذي يَشهد لرسله وأوليائه بصدقهم وصدق ما جاءوا به.
ثالث معنى: من معاني
اسم الله المؤمن: الذي يَصدق عباده ما وعدهم، ماذا يعني يَصدق عباده ما وعدهم؟ هل يعني هذا تحقيق الأمنيات؟
قالت الأستاذة: لا، تحقيق الأمنيات
شيء غير يَصدق عباده ما وعدهم المُتعلق هذا معنى آخر الذي يخلق السكينة والطمأنينة
في قلوب عباده الموحدين ما أتينا إليها في هذا اللقاء أنا ذكرتها المرة السابقة.
من معاني اسم الله
المؤمن: الذي يؤمن الخائف؛ الله عز وجل
وحده الذي بيده أن يُؤمن قلبك؛ فعندما يكون قلبك مضطرب تدعين يا مؤمن أمِّنِّي، هذا معنى آخر من معاني اسم الله
المؤمن غير المعنى الذي نتكلم فيه الآن، يُقصد بمعناه، يصدق عباده ما وعدهم وهي كالآتي:
أن الله عز وجل جعل في القرآن وعود لعباده الصالحين
والطائعين، وجعل في القرآن وعيد للعاصين والكفرة، الله عز وجل عندما يُخبر عن
نفسه سبحانه العلي "أنه هو المؤمن يعني يَصدق عباده ما وعدهم، فأنتِ عندما تتأملي
الوعود في القرآن ستجدين طعماً للعبادة عجيب ستجدي فيه بشرى عجيبة،
مثال على ذلك: العبد يقول وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت في سيد الاستغفار
"اللهم
أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك" ترين التذلل أول الدعاء وهو يتوسل
بان أنا عبدك "أنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما
صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
أين العهد والوعد هنا؟
أول عهد أخذتيه على نفسك في القرآن من سورة الفاتحة أول عهد العهود
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِۚ أُحِلَّتْ لَكُم
بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ﴾
[المائدة:1] العقود وهي العهود أي عهد لكِ مع الله وأول عهد لك أخذتيه مع الله
موجود في أول سورة في القرآن (أم الكتاب) ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥﴾ [الفاتحة:5].
والعهد الذي أخذه الله على
الناس وهم في ظهر أبينا آدم: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْۖ قَالُوا بَلَىٰ
شَهِدْنَا﴾ [ الأعراف:172] الله عز وجل رد عليهم قال لهم ﴿أَن تَقُولُوا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف:172] هم شهدوا على أنفسهم أنهم سوف يُوحدون الله، وهذا أول عهد انك تشهد لله
بالوحدانية، وتعبديه ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥﴾ نعود لموطن الشاهد الأساسي من الدعاء (ووعدك) ما معنى وعدك؟ أي أنا مُصدق
بوعد الله مُنتظر له مُعتقد أن الله صادق في وعده محقق له، أنه عندما أستعين بالله
ان الله عز وجل سوف يُعينني؛ في سيد الاستغفار تقولين "وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت". أنا على العهد
الذي قطعته على نفسي يا رب أني أعبدك وأُخلص لك العبادة، وأنا مُنتظرٌ منك، مصدقٌ
بك، أنتظر أجر عهدي هذا لك، وما معنى هذا؟ عندما أقول ((من صام رمضان
إيماناً واحتساباً غُفر له ما تَقدَّم من ذنبه)) هذا وعد من الله عز وجل
بغفران الذنوب ومن سيفوز بهذا الوعد هو ((من صام
رمضان إيماناً)) تصديقاً بأن الله عز وجل يستحق أن نصوم له، وأن هذه
العبادة العظيمة ركن من أركان الإسلام وأن الله عز وجل حكيم فيما فرضه -إيماناً-
وأن الصوم سببٌ للتقوى وأن الذي يصوم يوماً أنا مُؤمنة ومُصدقة أن الله عز وجل يُباعد
بينه وبين النار سبعين خريفا، موعود من صام رمضان إيماناً واحتساباً -فهو منتظر
الأجر من الله- أن الله عز وجل يغفر له.
n مثال آخر عندما يقول الله عز وجل [وعد
الله] لِيُعلمكِ أنه مؤمن يَصدق عبادك وما وعدهم يقول في سورة الروم: ﴿وَعْدَ اللَّهِۖ لَا
يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٦﴾ [الروم:6] لا يعلمون بأن
الله مؤمن يَصدق عباده ما وعدهم.
أكثر الناس لا يمتلكون اليقين هذا أصلاً،
وهذا يعني أنه لم يخطر على بالهم أصلاً؛ ولذلك المؤمنين ينقسموا في إيمانهم إلى:
• أهل
إيمان عام -مؤمن مجملاً- عارفين ربنا موحدين ويصلوا ويصوموا فقط
• أهل إيمان تفصيلي -تفصيلي- يعرف معنى أن
الله عز وجل يَصدق عباده ما وعدهم؛ فيبدأ بتحري الوعود في القرآن، ثم يتحرى هل أنا
من أهل هذا الوعد أم لا؟ لأن الرب يقيناً
أنا واثق مصدق أن الله عز وجل إذا وعد وعداً لا يخلفه، قال تعالى:
﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ
اللَّهِ قِيلًا﴾ [النساء:122] لا أحد حتى أعلم معاني اسم الله المؤمن، وتدخل في قلبي على جهة العلم
اليقيني؛ لابد أن يكون لي عقلان:
- عقل
الإدراك؛ وهو العلم بهذه المعلومات والعلم بما أخبر الله عن نفسه بأسمائه
وصفاته.
- ثم عقل الرشد؛ ان أنتفع وأصدق وأعمل بموجب هذه الاسماء والصفات.
لماذا؟ لأن هناك أناس اليقين لم يستقر
في قلوبهم، عندهم علم ضعيف، لم يسيطر على قلوبهم، لم يصل إلى قلوبهم، أول ما تسمعين
الدرس تكوني ذات همة إيمانية عالية، مبسوطة جداً وبعدها تنسين وتعودين لنقطة
البداية من جديد.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق