اعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث
رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من
الجنة منزلا.
الرسول ﷺ عندما قال: لا تغتروا" أي الكبائر التي يصر العبد عليها لا يغفرها الصيام ولا
الصلاة.
إذا لا تغتروا بالحياة الدنيا والشيطان لأن الشيطان يربيكِ على الرجاء ويذكرك أنك
طائعة.
عندما تحدثي أحد في ذنب يذنبه فأول شيء يقوله لكِ [أنا أصوم وأصلي وأزكي ونحن
الحمد لله مؤمنين وموحدين، فما في مشكلة في هذا الذنب الصغير] وهكذا الشيطان يربيها على الرجاء، نحن ندرس تفسير سورة المائدة للشيخ عبد الرحمن السعدي آية
المائدة: ﴿ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيم (98)﴾ قال الشيخ السعدي: ليكن
هذان العِلمان موجودان في قلبك.
يجب أن تعرفي إن أي معصية لها عقوبة وأن تعرفي أنك عندما تستغفري فإن الله غفور
تواب رحيم غافر الذنب وقابل التوب.
فكلمة الشيخ: "ليكن هذان العلمان موجودان" هو نفس كلام النبي ﷺ "لا تغتروا"، أي لا
تغتروا إن صلاة الركعتين ستكفر لكم الكبائر
التي تصرون عليها.
وهذا التذكير
كله عندما تُقبل على معصية ليشعرك الشيطان أنه لا بأس
يقول لك الشيطان أن كل الناس تعصي وكل الناس تقع في المعاصي فهذا شيء
عادي.
لهذا عندما أخبر النبي ﷺ عن صلاة الركعتين وأنها تكون سبب لغفران ما تقدم من
الذنب قال: "لا تغتروا" لأن الشيطان يكون أحرص ما يكون على العبد بعد الطاعة
وهذا الأمر لابد من التنبه له.
أول ما تفعلي طاعة يريد أن يوقعك في معصية، أنظري لحالك بعد الحج والعمرة،
المفروض أن يكون حالك في الحج والعمرة أنه غُفر لك ما تقدم من ذنبك لأن العمرة إلى
العمرة مكفرات لما بينهن، والحج أيضًا يرجع منه العبد كيوم ولدته أمه، ما الذي يحدث بعد الحج؟ تظلين متمسكة على الطاعة حتى يوقعك الشيطان في المعاصي إلا من رحم الله.
فالرسول ﷺ يقول لنا: "لا تغتروا" يعني انتبهوا أن بعد ما غُفر لك كل ذنوبك كلها أن ترجع وتقع في ذنب جديد، بعد ما تبتِ وأصبحتِ صالحة تعودي لتغتابي مرة أخرى!
الشيطان يكون حريص بعد ما عملتِ طاعة أن يوقعك في معصية، بعدما كنتِ صالحة مع
زوجك وتُحسني إليه تجدي نفسك ساخطة عليه، فالشيطان يسخطك.
بعد ما تأخذي المال وتسعدي به فعندما يَقِل تسخطي.. وينسى العبد.
فالرسول ﷺ ينبهك أن الشيطان ما يوقعك لا في الكبائر الباطنة ولا
الكبائر الظاهرة.
هذا العمل كيف يُدفع؟ "لا تغتروا" أي استعدوا له، ثم قال: "إن الشيطان لكم عدو
فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير"، ومعنى قول النبي ﷺ في هذا السياق "لا تغتروا"أي إذا أطعتم لا تغتروا، وهذا يزيدك خوفا فيجعلك تشعري
أنه لابد أن تركزي بعد الطاعة إن الشيطان يريد أن يوقعك في المعصية.
انظري للقصة القادمة وجمالها وانظري لتعليم السلف لطلاب العلم:
ورد عن بعض السلف عنده طالب علم وكانوا يسيرون سويا، فمروا على بئر فيه ماء
فقال الطالب: أريد أن أشرب، فقال
العالِم: لا؛ سيأتي آخر.
منعه أن يشرب من هذه البئر ووعده الذي بعده، فلما أتى الذي بعده وعده الذي بعده؛
ثم في نهاية الأمر قال له:
هكذا تطوى الدنيا.
سَتَمُرْ، فأطفئي الشهوات في قلبك، عندما تطفئيها ستخمد، لكن عندما ترويها ستزيد، ولم
يكن قصده أن يعذبه.
هذا التعليم الرباني- اللهم اجعلنا ربانيين- كما قال سبحانه وتعالى في سورة آل عمران:
﴿وَلَٰكِن كُونُواْ
رَبَّٰنِيِّۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ
(79)﴾
ما معنى تُعلّمون الكتاب؟: أي تُفَهِّمُونَ الكتاب.
وبما كنتم تدرسون: الدراسة أتت من الدرس أي من الشيء الكثير، يعني كثرة المُكث على
كتاب الله وعلى
سنة النبي ﷺ.
هذا التعليم شيء مهم جدًا وأنا أريدكم أن تركزوا لأن هذا الأمر في
غاية الجمال:
عندما مر المعلم مع تلميذه على بئر فقال له انتظر ثم مروا على بئر آخر فقال انتظر فبدأ
الوقت يمر وما شعر.
هذا البئر الآن هو شهوتك، وهكذا اقضِ الدنيا، سَوِّف لنفسك وسَوِّف الشهوات فتجد
نفسك يختبرك الله في هذه الشهوة، فإذا انطفئت تحمَّل الله عنك، ذهبت هذه وانطفئت
شهوتها في قلبك.
نفهم هذا الكلام من حديث النبي ﷺ الذي قال فيه: "تعرض الفتن على القلوب كعرض
الحصير عُودًا عُودًا" وفي رواية "عَودًا عَودًا" أي يذهب ويأتي "فأي قلب أُشربها نُكِت
فيه نُكتة سوداء وأيُّ قلب كرهها (وفي رواية:
أنكرها) نُكِتَ فيه نُكْتة بيضاء"
الشاهد في كلام النبي: "حتى تنقلب القلوب على قلبين، قلب أبيض مثل الصفا لا تضره
فتنة مادامت السماوات والأرض" وفي رواية: "ما تضره فتنة إلى قيام الساعة".
كيف لا تضره فتنة إلى قيام الساعة؟!
مثلًا واحد يتمنى يفعل شيء خطأ
فيقول: في الجنة. سأتمتع في الجنة.
مثلا واحد يريد أن يزني، فيقول في
الجنة سيزوجني الله الحور العين لو أنا صبرت.
واحدة تتمنى رجل فتقول الله سيعوضني إن صبرت، والله أكيد سيرزقني، والله أكيد سيجعل لي مخرج إن اتقيته، إما يخلصني من الإنسان الذي أتمناه أو أن الله يهديه، أو ان
أتخلص منه ويبدلني الله خيرًا منه أو أن الله يهديه ويصلحه.
فهي دائما تسوف لنفسها ولا تقبل أن
الشهوات تغمسها في الحرام.
ما الذي يحدث عندما يدفع العبد ويدفع ويدفع؟ تنطفيء نار الشهوة في قلبه فما يشعر بها
حتى وإن عُرِضت عليه، تظل الفتن تُعْرَض عليه وهو ما يشعر بها أصلًا، لذلك سيكون
قلبه أبيض مثل الصفا لا تضره لأن الله حفظه بحفظه.
واحدة مثلا دائما تشتري وتشتري فبدأت تربي نفسها أن لا يشغلها شيء، فأصبحت حتى
وإن هي تمشي ألاف مؤلفة من العروض ما يلتفت قلبها، مثل من تعودت على فقر معين.
مثل صديقة لي تقول: أنا مررت بأوقات ما معي فيها حق الاتصال وما معي حق كارت
الهاتف فتعودت أنها لا تتصل اتصالات بالمال، إما تتواصل على النت أو لا تتصل. تعودت على ذلك. قالت لي بعد ما رزقني الله وأصبحت أشتري كروت أصبحت أنسى أن
معي كارت وأنسى اتصل وما اتصل.
تعودت!؛ أصبح معها مال وما تريد أن تشتري كل يوم لأنها تعودت على القصد في الغنى
والفقر، انطفأ ذلك في قلبها، لماذا؟
لأنها احتسبت الأجر لله جل وعلا.
فهنا جاء العالِم عند البئر الأولى وتركها والثانية وتركها وقال له العالم: هكذا تُطْوى
الدنيا، فلما تركتها وتركت كل ذلك لله أطفأ الله عنده الشهوة فذهبت
التي بعدها مثلها.
وهكذا، أي فتنة تُعرض عليكِ من أي نوع وتظلي تدفعي وتدفعي وتدفعي وتشغلي نفسك
بالله وتُقبلي على الله وما تنغمسي إنك تغرقي في هذه الفتنة فتنطفىء لأن قلبك سيصبح
أبيض. الله عز وجل الذي جعله أبيض.
وهذا القلب يكون هو مراد لله، فالله عز وجل يتولى حفظ هذا القلب فلا تضره فتنة
مادامت السماوات والأرض.
واحدة مثلا كلما امتلكت مال أرادت أن تسحب من المال، لكنها تتركها لله، لله؛ وتجاهد ألا
تأخذ من هذا المال، ثم يصبح معها ملايين ولكنها في يدها، وقلبها
ما يتعلق بأي ريال.
واحدة يكون أمامها مائة رجل ولا تهتز فيها شعرة، لأنها جاهدت لتصبح عفيفة فحتى لو
تعرضت لفتنة فما تهتز أبدًا، لأن الشهوة انطفأت في قلبها وخمدت، وهذه من علامات
ولاية الله للعبد، أن العبد يصير بذاته مرادًا لله جل وعلا، يعني الله هو الذي يريده فيحفظه
وهو الذي يصطنعه، وهو الذي يريد أن يحميه من الفتن ما ظهر منها وما بطن، أسأل الله
أن يتولانا جميعًا برحمته.
وهكذا حتى الوفاة.. تنطفئ الشهوة.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق