اعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث
رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من
الجنة منزلا.
ثم قال البخاري رحمه الله:
9- باب ذهاب الصالحين،
ويقال: الذهاب المطر
6434- حدثني يحي بن حمَّاد، حدثنا أبو عوانة، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم،
عن مرداس الأسلمي، قال: قال النبي ﷺ: "يذهب الصالحون الأَوُّل فالأَوَّل، ويبقى
حُفالَةٌ كحُفالَةِ
الشعير أو التمر، لا يباليهمُ الله بالة"
أي يموت الصالحون الأول فالأول ثم يبقى حفالة أي حثالة الناس نسأل الله السلامة
والعافية.
أول معنى يأتي بذهننا عن كلمة "الذهاب" أي المُضي، لكن هنا يقول البخاري: الذهاب
المطر.
باب ذهاب الصالحين ثم علق قال: الذهاب المطر.
هذه فائدة خارج كتاب الرقاق كأنه يقول: أن كلمة الذهاب تطلق على أمرين: المُضي،
والمطر.
يطلق العرب على المطر اللين: ذهاب، والمطر اللين أو الذهاب بين المُضي الذي أنت
تفهمه وعلى المطر.
البخاري هنا يعلمك شيء خارج كتاب الرقاق وهذا أمر لطيف، معنى الذهاب معنيان:
المُضي، والمطر.
ما الشاهد في الحديث الذي ذكره البخاري يذهب الصالحين، ومن يبقى؟
حثالة.
الحثالة عبارة عن الشيء الرديء من كل شيء حتى من التمر. كان ﷺ أحيانا يصل طعامه
إلى الرديء من التمر.
من سيبقى حولك عندما يذهب الصالحين؟ حثالة. لذلك يا أخوات نتمتع ببعضنا البعض على كتاب الله جل وعلا، تمتعي وعيشي الحياة، هذه هي الحياة، افرحي بها، هذه بالدنيا وما فيها، والناس في الخارج لا تبالي بهم، أنت تتخذيهم فقط وسيلة لرضا الله أداء لحقوق، لكن
عندما تتصدمي في الأشخاص الخارجين فما تحزني وتكتئبي
لأن الشيطان يحُزِّننا.
كنت اتكلم مع زوجة أبي بالأمس: قالت لي يا أمنية الناس أصبحوا بحالة عجيبة جدا لا
يشعرون ببعض ولا يشعرون بمصائب بعض ويكيدوا لبعض ليل ونهار وحتى طريقة
الكلام صاروا يهاجموا بعض ويتكلموا مع بعض بتحفز. فقلت لها: لا تضايقي نسأل الله
السلامة والعافية، اللهم ارزقنا صحبة الصالحين.
فأنت استمتعي لأن الصالحين سيذهبوا، فالحمد لله أن الله منَّ علينا وجمعنا على هذا الكتاب، فعندما يأتيكِ صدمات من الناس العاديين من الخارج فلا تتأزمي نفسيًا لأن هذه منَّة من الله، وهذه المنَّة ستذهب في آخر الزمان.
يذهب الصالحون ويبقى الحثالة ومعنى هذا أن طول العمر ليس إشارة إلى حسن العمل لأنه يذهب الصالحون الأول فالأول فبعدما ظهر صلاحهم وانتهى اختبارهم
يذهبوا من الدنيا، لذلك كثيرا ما نرى شباب ملتزمين في صلاتهم يموتوا فجأة.
نخرج
من هذا الحديث بنتائج:
1- إن الناس المحيطين بك يمكن ألا يكونوا من الصالحين. يمكن أن يكونوا من حثالة القوم،
فعليكِ أن تلزمي الصالحين وتقتدي بأهل الخير ولابد أن تبحثي عن قرين تقترني به ليس
غارقًا في الدنيا.
وهذه نقطة في غاية الأهمية، لأنك عندما تقترني بأهل الدنيا سيزيدونك تعلقا في الدنيا،
عندما تصاحبي أهل الدنيا يغرقوكِ وهم المقصودين بأنهم حثالة، ومن يدرسون معي سورة
الكهف قلنا أن من قوارب النجاة في فتنة الدين لزوم الصحبة الصالحة، ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾[1] فأول شيء أن تنظري لمن حولك هل هم صالحين أم حثالة؟ لو هم حثالة تؤدي حقوقهم وحقوق الله فيهم ثم تصاحبي
الصالحين وتمتعي بهم، لأن من مِنن الله وجود الصالحين، في آخر الزمان سيذهب
الصالحون، فالمفروض أن تعطي للصالحين قدرهم ومن الأخلاق والقيم التي دعا إليها
النبي ﷺ: إجلال أهل العلم وإنزالهم منازلهم، وكان من القصص العجيبة التي درسناها في
دورة "غرس" كان الرسول ﷺ واقف يخطب على المنبر وأتى أحد الصحابة وكان غنيا في
قومه وذو جاه فلم يُفسح له أحد من الصحابة، وكلٌ ضن بقربه من النبي ﷺ وظل واقفا
ينتظر أن يفسح له أحد، فالرسول ﷺ المعلم المهذب خلع برده ثم رماه إليه –بأبي هو
وأمي- فتلقفه الصحابي بالاحتضان والتقبيل. الرسول ﷺ ألقاها له ليفرشها ويجلس عليها.
فالصحابي ظل يقبل البردة ويحتضنها ويقول فداك أبي وأمي يا رسول الله، فالتفت الرسول
ﷺ للصحابة وقال لهم:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فإذا أتاه كريم
قوم فليكرمه"
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق