اعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث
رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من
الجنة منزلا.
[باب من بلغ الستين سنة
فقد أعذر الله إليه]
والمقصود أنه مع طول الأمل يبقى أن الإنسان يصل إلى
أعمار المفروض يقطع فيها آماله وهنا تناقشنا في هذا الحديث أن سن الأربعين هو
بداية قطع الآمال.
سن الأربعين هو بداية النهاية وهو أجمل سن، العلماء
الربانيين يسمونه سن المنن الذي يعرف العبد فيه منن الله عليه والأمور التي كان يشتكي منها ويقول يا ريت كذا وكذا فيقول
أنها نعمة أن الله سبحانه وتعالى اختاره لي.
فالأربعين بداية النهاية، فالمفروض عندما يصل العبد
للستين فأولى له ألا يخطيء، فانظري لعبقرية البخاري –نسأل الله أن يرزقنا الفتح
كما رزق الأوائل- عندما ذكر باب:
[من بلغ الستين فقد أعذر
الله إليه]
درسنا معه أن العبد إذا ابتلاه الله بقبض صفيه من أهل
الدنيا ثم احتسبه ليس له جزاء إلا الجنة، فقلنا ما دخل هذا بهذا؟
عندما أتى البخاري بباب "من بلغ
الستين فقد أعذر الله إليه" أتى بعده على باب "العمل الذي يبتغى به وجه
الله" فكأنه يقول حتى لو بلغ الإنسان ستين سنة وعمل عملًا يقبله الله من توبة
أو غيرها فلا بأس الستين لا تضره.
يعني لو بقي ستين عام غافل عن الله وبعد
الستين آمن واتقى فلا بأس، يعني لا تفهم أنه قد أعذر الله إلى إمريء بلغه الستين
عام يعني بعد ذلك لا يقبل توبته، لأن العمل الخالص في أي زمن يقبله الله مالم
يغرغر.
قلنا أننا عندما نرى أحد من أهالينا بلغ الستين ومازالت
تلبس مجسم وتضع ميك أب كامل ومازالت تلبس أمور غريبة، فتقولي بداخلك [هي ضاعت] لا؛ لا تتألي على الله لأن هي يمكن أن
يبتليها الله ببلاء كقبض صفيها من أهل الدنيا، ونحن قلنا أن الصفي هو أغلى ما
عندك، كنا نعتقد أن الصفي هو الابن لكن الصفي هو أغلى ما عندك، يمكن أن يكون أغلى
ما عندك يكون الأخ لأن الأخ غالي، في بعض الأخوات تقولي لي [أنا أحب زوجي أكثر من بناتي! نموت كلنا وهو لا!] فقلت
لها أنت متعلقة.
فهنا صفيه يعني أغلى ما عنده لو علم أن هذه المصيبة أتته
من عند الله فرضي وسلم ولم يسخط ولم يتهم الرب في أقداره سبحانه وتعالى أنها ظلم،
وعلم أن الله سلام من أن يظلم عباده فإن الله يجعل له بيت الحمد في الجنة، فهذه
المصيبة ستُكَفِّر كل ما حدث في الستين، فليس أنا أو انت الذين سنحكم.
ثم ذكر البخاري:
[باب ما يحذر من زهرة
الدنيا والتنافس فيها]
ما المثل الذي ضربه البخاري في زهرة الدنيا؟
وسمى زهرة الدنيا تفنن الإنسان في التنافس
حول الدنيا وهذه أكثر الأزمنة التي نعيشها حيث نحاط بأشخاص قليلين في دينهم طامعين
في الدنيا وندخل معهم في تنافس.
إياكي أن يخدعك أحد ويسحبك للأسفل فتضيعي، إياكي أن تأتي
إمرأة وتجعل كل تفكيرك في اللبس والتفاخر أو البرستيج أو في شهادات الدنيا. تقول
لك ذهبنا وسافرنا واشترينا وأنتم أين ذهبتم؟ فتتحسري على نفسك؛ إياكي؛ سفاسف. "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها".
فالعلماء قالوا:
أننا نعيش مع أشخاص قليلين في دينهم طامعين في
الدنيا وندخل معهم في تنافس، ولما نتنافس معهم ننسى ما ورائنا، لكن لما يجد
الإنسان حوله بيئة جيدة تتنافس للآخرة فيجد أن باب الآخرة واسع ولا مشاحاة في باب
الآخرة.
مشاحاة: أي ما في تزاحم، ولا قلق، ولا توتر، في باب
الآخرة يوجد راحة ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾[1] إشارة
إلى ما عند الله وليس درجات الدنيا، يمكن واحدة تكون أمية لا تقرأ ولا تكتب وأحسن
من دكتورة في الجامعة.
لا مشاحاة، ما
في قلق واضطراب وتعب نفسي في المنافسة للآخرة، لذلك عندما ينافسك أحد في أي دنيا
أيًا كانت ألقيها له.. ألقيها له في وجهه.
هكذا خلق الله عز وجل حال الدنيا وهكذا
ابتلانا الله بالناس.
أحيانا يكون حولك ناس طيبين كل تفكيرهم في الآخرة وهذا
من أعظم منن الله؛ رزق. أسأل الله ألا يحرمنا.
وأحيانا تبتلي بناس ينافسوكِ في الدنيا فتنشغلي بهم وتجدي
أن أحيانا الموضوع يتحول إلى كتل من الغل، أخرجي نفسك فورًا، عندما تجدي غل على
دنيا وغيرة على دنيا أخرجي نفسك من هذه البوتقة إلى عيش الآخرة، ولذلك بعدما أتى
بهذا الباب "باب ما يحذر من زهرة الدنيا" أتى بباب:
[قول الله تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾[2]]
وعد الله بماذا؟ بالآخرة، باللقاء، بالحساب، بالقبر،
بالموت.. ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾
قال مجاهد: الغرور هو الشيطان، فجمع بين الاغترار
بالدنيا، الدنيا تسحرك نريد كذا وكذا.. وكل ما تحصلي على شيء ترغبي في ما بعده،
عملتي شقة لنفسك فترغبي في شقة لأولادك، عملتي شقة لابنك الأول فترغبي في شقة
لابنك الثاني ثم الثالث ثم الرابع، وأين دينه من كل هذه المباني؟!
فانظري كيف يحذر النبي ﷺ ثم إن في كثير من الأحوال نتيجة
لقصر اليد يضطر الأب والأم لارتكاب ما حرم الله، للسرقة، للرشوة، أكل مال الناس،
بالربا؛ القروض الربوية، الجميع الآن يقترض إلا من رحم الله، وحالات كثيرة جدًا من
المستقيمات أزواجهن يأخذوا قرض ربوي ثم انظري لحرب من الله، نسأل الله السلامة
والعافية، باب ما يغلق.
ثم أورد في هذا الباب حديث عثمان رضي الله عنه الذي فيه رأيت
النبي ﷺ توضأ وهو في هذا المجلس ثم أحسن الوضوء ثم قال: "من
توضأ مثل هذا الوضوء ثم اتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غُفِر له ما تقدم من
ذنبه" ثم قال النبي ﷺ بعد هذا الحديث: "لا
تغتروا"
لماذا قال الرسول: "لا
تغتروا"؟
لأن ممكن واحد يقول [أزني وأسرق وأركع ركعتين!] لا. هذا بالنسبة للذنوب التي وقعت على سبيل الهفوات والغفلات وليس
ذنوب متعمدها العبد ليس معظمًا لربه سبحانه وتعالى.
مع تقدم أعمارنا يظهر أمرين:
الأمر الأول: أن فتنتنا زهرة الحياة الدنيا
وهناك من ينافسنا فتنافسنا معه ولما نتذكر آخرتنا تأتينا أزمة اخرى، هناك أعمال لو
عملناها غُفر لنا ما تقدم من ذنبنا فنبقى متنافسين في الدنيا نجري ورائها وكلما
ذكرنا أحد بالآخرة قلنا لأنفسنا هناك ركعتين نركعهما نُذهب بهما كل هذا لأن الدنيا
مُزَيَّنة.
عندما قال النبي ﷺ: "لا تغتروا"
أي بدلا من أن تكون منافستهم في الآخرة وزهده في الدنيا، الأمر انقلب عليه زهد
فيما عند الله، وزهده ليس أنه لا يريد الآخرة ولا يبحث عنها بل حصل له اغترار.
وأنا تناقشت مع كثير من المسلمين لديهم هذا الاغترار إن
الله غفور رحيم؛ نعم الله غفور رحيم صحيح، من أسمائه الغفور
ومن أسمائه الرحيم، لكن مع تعمد الذنوب!
الله غفور لمن هو أهل للتقوى وأهل للمغفرة، لذلك الإمام
عبد الرحمن السعدي في تفسير قوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي
أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ
(50)﴾[3]
قال: ليكن هذان العلمان موجودان في القلب.
كيف نوازن؟
قلت أن الدنيا تكون في يدك وليس في قلبك، متى تعرفي؟ لو
الدنيا شغلتك عن الله وتلهيكِ عن الله، لو المال والفُسح والملابس والأكل والشرب
ما يجعلك تجلسي ساعتين أو ثلاث تدبري كتاب الله فأنت هكذا في خطر.
أنت لو غنية، لكن -ما شاء الله- تدبري القرآن والحديث وحفظ
كلام النبي ﷺ وحفظ كلام الله ما تضرك أبدًا.
ستأتي حديث النبي ﷺ يقول: "ما
يسرني أن يكون لي مثل أُحْدٍ ذهبًا لا يبقى عندي ثلاثة أيام" يعني أنا
اتمنى أن أكون غنية لأعطي هكذا وأعطي هكذا وأعطي هكذا وأعطي هكذا. فما يضرني الغنى
أو المال لأنه ما يلهي قلبي. فأنت انظري لقلبك؛ شيء سيبعدك عن الله فأنت مفتونة في
دينك. شيء سيقربك من الله فأنت على خير.
كم منا لا يبعده المال عن الله!
عندما قال الرسول ﷺ: "لا تغتروا"
يعني لا تظنوا أن كل عمل من هذه الأعمال أيًا كان حاله سيُغْفَر له، هذه الأعمال
تحتاج إلى شروط:
الإيمان، الاحتساب ألا تكون من الكبائر.
هاتان الركعتان أولا لا تحدثي نفسك فيهم، صليتي ركعتين
لا تحدثي نفسك فيهم، هذه لا يأتي بها أي أحد إلا إذا كان قلبه مجموع على الله عز
وجل، لا تحدثي فيها نفسك.
عندما يقول الرسول "ركعتين
لا يحدث فيهما نفسه" يعني ما يسرح لحظة، من يستطيع أن يفعلها! إن
قدرتي فَسَيُغْفر لكِ بوعد النبي ﷺ.
ثم زاد الأمر بيانًا أن الإنسان يحتاج أن يكون معه أهل
الخير وأهل الصلاح، وهذا من باب:
[ذهاب الصالحين].
أورد
فيه الحديث: "يذهب الصالحون الأَوُّل فالأَوَّل،
ويبقى حُفالَةٌ كحُفالَةِ الشعير أو التمر، لا يباليهمُ الله بالة"
من هم الحفالة الذين ذكرهم رسول الله (ص)؟ هم أهل الدنيا.
فهذا
من سوء الأزمنة أنك تجد نفسك طويل الأمل وتجد الناس ينافسوك في الدنيا، تجدنفسك
مفتون بالدنيا وتجد من ينافسك فيها، وتجد نفسك مغرور بشأن الآخرة وأيضًا تجد حولك
أن أفضل الناس هم أسوأهم عند الله.
متى يحدث ذلك؟ عند ذهاب الصالحون الخيرون ولا يبقى إلا
حثالة الناس وحثالة الناس هؤلاء كلهم يكونون قريبين من بعضهم البعض في عدم عنايتهم
بالآخرة وزيادة تنافسهم في الدنيا، نسأل الله أن يجعلنا من الصالحين الذين يصحبوا
الصالحين، هناك ناس كل تفكيرهم في الدنيا هم فعلا حثالة كما قال النبي ﷺ.
كأنه يقال لا يجد حوله أحد حتى يكون بمثابة
القدوة أن ينظر إليه، وأن في زمانه هناك من يصلح وهناك من يترك لأن كثير من الناس
يستدلون على ضلالهم وتنافسهم في الدنيا بكلمة: [كل الناس يفعلون هكذا]
عندما تقولي لبنت لا تلبسي هذا اللبس، تقول لكِ: تعالي
النادي يوم الخميس وأنت تري كل الحثالة يوم الخميس في النادي! هناك عورة بين
النساء من كلام الشيخ الألباني وقد نزلناها "عورة
المرأة امام المرأة" للشيخ خالد السبت، اسمعوه من الشيخ خالد السبت
بعنوان عورة المرأة امام المرأة.
فهذه فتنة: كلمة الناس كلهم يفعلون هكذا، أكثر من واحدة
تقول لي هناك بنات في ابتدائي متنمصات ولابسين شورتات ويتكلمون مع الأولاد، فهذا
من البلاء بسبب فراغ البيت الروحي وعدم الرباية نسأل الله السلامة والعافية.
وأحيانا يأتي البلاء على أم فعلًا هي تربي لكنه من ضمن
البلاء، يكون اختبار وحتى يتعلم الأب والأم أن الله وحده هو الذي بيده الهداية.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق