القائمة الرئيسية

الصفحات

الأنس بالله واسم الله المؤمن الجزء السادس والاخير

 

 اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان

الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا.

الوعد: انه يكون في ذمة الله، والشرط: يصلي الفجر في جماعة، أخبر رسول الله على ان من قرأ آية الكرسي -رهيبة- وانت تقرأي آية الكرسي ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة:255] مستحضرة لاسم الحي القيوم وعظمة الحي القيوم أنه وحده القائم عليّ، هو وحده الذي يُكمل لي حياتي، انه وحده الذي يقضي لي كل شيء، قلبي لا يلتفت لا يمنة ولا يسرة، هل هذا ما يعتريك من مشاعر؟

 هل درست الأسماء والصفات التي في آية الكرسي حتى تعيشيها فتكون حرز لك من الشيطان، إذاً أنا الآن حتى يصدقني الله لابد أن أكون محل لوعد الله، فأتي بالشروط، من ضمن الأشياء المؤثرة جداً الآيات التي بها وعيد، فنحن نقول ان الله عز وجل مؤمن يَصدق عباده ما وعدهم، ويصدق الوعيد، فعندما يسيطر على مشاعرك ان الله عز وجل يَصدق في وعيده تعلمين عندها ان اي معصية لها شؤم، تقول لك أنا لا أعلم لماذا أنا دائماً متضايقة وهي رجلها ويديها عارية وغير متحجبة وتضع المكياج في الشارع أو تكون لا تدرس أصلاً العلم بالأسماء والصفات وتقول لك انا لا أعلم لماذا أنا دائماً ضيقة الصدر رغم أني أقرأ قرآن، هل انت تفهمي القرآن؟ لا أقرأه فقط.

إذاً لابد أن تفهميه ليكون ربيع قلبك، من ضمن الآيات العجيبة، آية عجيبة مرعبة، قلنا ان الله عز وجل يصدق عباد ما وعدهم، كذلك يصدق في وعيده، ماهي المشاعر التي تكون في قلبك عندما تعلمي أن الله عز وجل يصدق في وعيده؟ الخوف من الله، ولذلك الله عز وجل يقول ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:28] لفظ الجلالة الله مفعول به -سبحانه وتعالى- العلماء: فاعل، كلما ازداد العلماء علماً كلما ازدادوا خشية من الله، لماذا يزدادوا خشية؟ لأنهم يعرفوا ربهم ويعرفوا أنه مؤمن يصدق في وعده ويصدق في وعيده، فيخافوا أن يُعرضوا عن ذكر الله، لأن هناك وعيد: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ ١٢٦﴾ [طه:124-126] الوعيد: هو عيشة الضنك، هل هذا الوعيد لأهل الكفر فقط؟ طبعاً الوعيد بأكمله والعيشة الضنكة بأكملها لأهل الكفر هذه رقم واحد، تجديها جميلة غنية جاذبة للأنظار تفعل كل شيء في حياتها وتموت منتحرة، صدق الله تقارير تأتي من أمريكا، ربع مليون شاب أمريكي ينتحر سنويا، مائتين وخمسين ألف شاب سنوياً؛ الوعيد هنا على قدر تركك وبعد النفس عن خالقها يكون عذابها، نخوض مع الخائضين، نعم، لنرى الوعيد في الآية القادمة وانت شخص مؤمن يعلم أن الله عز وجل إذا جعل وعيدا فإن الله عز وجل يصدق: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ٢٩﴾ [محمّـد:29]

 الوعيد: ان الذي في قلبه ضغائن للدين، للأشخاص، للإسلام أي شيء في القلب من ضغائن سيخرجها الله ولابد أن يخرجها الله، في أمرين:

* على صفحات وجوههم.

* وفي لحن القول، وهي فلتات اللسان.

قال تعالى: ﴿فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمّـد:30]. هذا هو الوعيد نسأل الله عز وجل أن يُخرج كل الأمراض من قلوبنا يا رب أمراض الشهوات والشبهات وأمراض القلوب والضغائن للمسلمين وإرادة الكيد بأي أحد وإرادة السوء بأي أحد وأن يشفي صدورنا وصدور المسلمات الحاضرات والسامعات والقارئات.

هذا الوعيد معناه أنه كلما انطوى قلبك على طوية فاسدة باطلة فإنها ستخرج في كلامك أو في لحن القول، والعكس بالعكس، وماذا يعني العكس بالعكس؟ يعني كلما انطوى قلبك على طوية صالحة وسريرة طيبة، حتى ولو لم تتكلم فيه، فيظهر في عينيك أنك صاحبة السريرة الصحيحة، ولهذا تجدي ان فيك أحياناً كثير جداً ترغبي أن تتكلم مكالمة وتقولين أنا خجلت في الكلام حتى ما أغلط وأُخرج كل ما في داخلي، وتجدي نفسك تقولي كل المآسي التي بداخلك. وكما قال الحسن البصري: "ما خلا جسد من حسد فالكريم يخفيه واللئيم يبديه". الكريم يخفيه بماذا؟ يقول ربنا يبارك لها، اللهم بارك، ربنا يزيدها يغلب نفسه بالدعاء لأخيه بالتبريك عليه بحب الخير والزيادة له، واللئيم يقول (حظوظ ناس معها وناس ليس معها، هو يعني أخذها على ماذا؟ عامل لها ايديه العشرة شمع هي اصلا فيها ايه عشان يحبها الحب ده كله هي بتعمل له ايه اصلا..) انت لو مؤمن بالقسمة لن تقول الكلام هذا كله (وشوف كانت ما تفهم خالص وراحت فين ودخلت ايه وشوف ليس لها أي شهادات ومعها مال قد ايه وشوف احنا اللي أهل الشهادات عملنا بيها ايه وشوف الصاحب القصر ده لما بنى القصر ده بناه بكم طب ولما هو بناه ده كله اصلاً بياخذ كام) فلتات..

من أهل العلم بدئوا يرموا بعض بفلتات اللسان، سبحان الله العظيم لما يكون هناك شيء يظهر في فلتات اللسان أو في صفحات الوجه.

لذلك أكثر شيء تعتني به هو قلبك اللهم أخرج من قلوبنا ما لا تحبه ولا ترضى، اللهم لا تستخرج منا في كلامنا واعمالنا إلا ما تحب وترضى ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الـحـشـر:10] إذاً هناك وعيد، الله عز وجل يحقق وعيده عندما يقول: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران:54]

الوعيد: سوف يمكر بالماكرين، أي أحد يمكر ربنا سيمكر به، توقفي انتِ عن الاحتراق، فانتِ ليس كلما يمكر بكِ أحد تغضبي، لازم حد يمكر بك، لازم حد يؤذيكِ من الإنس ومن الجن، هذه سنن، ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود:7] وليُظهر يقينك في ربك وصدق اعتمادك على الله في جلب النعماء ودفع الضراء وتفويض الأمور إلى الله عز وجل. ولماذا أنتِ تحترقي والله عز وجل يمكر بالماكر لو انت مصدقة أن الله عز وجل يمكر بالماكر لن تبقي بحالة الاحتراق. هل هناك الان ناس تمكر بك حتى تفكر فيهم وتنشغل بهم إذاً هكذا الشيطان وصل لك، لا طبعاً انت الآن لو هناك ضرر يقع عليك تقولي بهدوء حصل كذا وكذا، لكن ما تكون تحترقين ويكون جل همك ماذا فعلوا؟ وشغلك الشاغل الناس وما فعلوا؟ وتحدثين نفسك بالانتقام وتملؤك الشماتة إذا ما أصابهم من الدنيا مصيبة يتأسون منها، سأشفي غليلي، سأشاهدهم وهم يتأذون!! نعم شاهديهم وستري تحقيق الوعيد فيهم، لو عندك ثقة أن الله عز وجل يمكر بالماكرين أبداً لن تتضايقين، لأن الرب مؤمن، لو أنك موقنة أن الله يصدق عباده ما وعدهم، ستنامين مطمئنة، بالعكس ستقولِ إنهم يجلبوا لأنفسهم أسوأ جزاء لهم أن يمكر الله بهم، نعم، المؤمن القوي بالله الذي لا أحد يهزه ولا يهز نفسه ولا يحرق له دمه ولا يتعبه ولا يقلقه، هو القويّ. ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ٥٤﴾ [آل عمران:54] ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ٧٠﴾ [الأنبياء:70] كل من أراد كيداً فالله عز وجل يجعلهم الأخسرين.

الوعيد في هذه الآيات: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُۖ وقوله تعالى ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ١٥ وَأَكِيدُ كَيْدًا ١٦﴾ [الـطارق:15-16]، وقوله سبحانه وتعالى ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ [محمّـد:29] الوعيد هذا ينطبق على كل شخص في قلبه دسيسة، إلا الشخص الذي يُدافع هذه الدسيسة، هذا الكلام في غاية الأهمية، طالما انكِ تدافعي الأمراض التي في قلبك والشهوات والشبهات إذاً أنت على خير.

لا تخرج من هذا الدرس وانت مرعوبة ومصابة بالوسواس وعندك خوف وسواسي، فإذا وجدت في نفسك ما يستحق التوبة فتوبي واحمدي الله أنه رزقك صحوة القلب ويقظته، لا تقعين في هوة أنه يأتيك خواطر رديئة، هذا ليس المقصود، افهمي القصة إذا كان الشخص يُدافع الدسيسة ويبغضها ويبكي عليها ويتمنى ألا تكون في قلبه فإن الله عز وجل لا يخذله ولا يخيبه فعلى قدر ألمه وخوفه وحزنه من هذه الدسيسة يستر الله عليه ويدفع الناس عنه ويفهم الناس عكس ما في قلبه، لماذا؟ لأنه محل لوعد آخر، ما هو؟ العلم، هو مستمر في أنه يحارب في نفسه المرض ينزل العلم على قلبه والعلم كالمياه تنزل على الشبهات والشهوات فتُصبح في عراك مع العلم واليقين.

 إذاً العلم يدخل القلب والشبهات والشهوات تتضح للعبد وتظهر للقلب لن تكون خفية تظهر والعبد يستعين بالله ويستغيث بالله حتى يُخرج الله عز وجل ما في قلبه من هذه الدسائس، لأنه يجاهدها ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ٦٩﴾ [العنكبوت:69].

 هناك وعديْن في الآية، هما: ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69] وما هو شرط الإتيان بهذا؟ جهاد النفس.

 كلام الشيخ محمد ابن عبد الوهاب او كلام الامام ابن القيم او كلام ابن تيمية: نحن مستمرين في أن نقول جهاد النفس، والذين جاهدوا فينا.. نحن قلنا انكِ لابد أن تتحري كيف تكوني محل للوعد؟ ماذا يعني ب أجاهد نفسي؟ الإمام محمد بن عبد الوهاب وكذلك الإمام ابن القيم قال: "اعلم رحمك الله أن جهاد النفس على أربعة: طلب العلم، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على مشق الدعوة".

 إذاً لا تقول أنا أجاهد نفسي، غير لو انك تقومين بهذه الأربع، طلب العلم ومعه العمل به لنطلب العلم لابد من العمل به وبعدها الدعوة إليه والصبر على الذي سيحدث لكِ عندما تلزمي بدينك كله يكمل بعضه، ولذلك قال الشافعي: "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم، ﴿وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ  ٣﴾ [الـعصر:1-3]".

إذاً "جهاد النفس" عندما اقول جاهدي تقول انا أجاهد، ودائماً تكوني في علم دائماً، انتِ تريدي أن تكوني دائماً في جهاد، ولا تقولي أنا سأجاهد يوم الخميس وبعدها سآخذ راحة، طلب العلم دائم دائم ولذلك الرسول : ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)).

طلب العلم والعمل به؛ تجاهد نفسك ان أنا لابد أعمل بالعلم الذي تعلمته أو اكون منافقة. والدعوة إليه؛ لابد من أن العلم الذي بداخلي يخرج.

غداً ان شاء الله سنأخذ صفات الغرباء في زمن الغربة، الرسول سيبشر الصحابة انه سوف يأتي زمن الإسلام يعود غريباً فطوبى للغرباء، وسنعرف معنى طوبى وبعد الرسول وهو جالس وسط أصحابه يقول لهم: ((إن من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم، قال: بل منكم)). يقول لهم أجر خمسين عامل من مثلكم. قالوا يا رسول الله أجر خمسين منهم أم منا، قال: منكم.

أيام الصبر فمن سيكون في معية من لا يهمه أي أحد ولابد من أن ينفذ دين الله، لا ينجذب لمصائد شياطين الإنس والجن، لا تكون في نفسك إسفنجة تمتص الطيب والرديء لا تكون قمع، في ناس أقماع، هذه محتاجة محاضرة لوحدها.

المهم ان الانسان طالما يجاهد يرفعه الله بالرغم أن قلبه فيه بعض الأشياء لكنه يحاربها لا يريدها يكرهها يبغضها يبغض هذا الأمر يمقت نفسه في جنب الله، طبعاً الوعود ما زالت كثيرة جداً ونفسي وانت تتدبري القرآن تستخرجي الوعود ستستبشرين ستفرحين ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ [يونس:2] كل عملك سيتقدمك فأياً كانت النتائج انا اشتغل وأجاهد، يكفيني ما عند ربي، ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر:36]؟ قولوا: بلى. اللهم بلى..

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

 نحن اليوم في معنى (المؤمن: يصدق عباده ما وعدهم).


تعليقات