الانس بالله
الجزء الثاني
واسم الله المؤمن
اعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأُصلي وأسلم على المبعوث
رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من
الجنة منزلا.
· ما
تفكرين إلا فيمن خلقك، أشهدي له بالوحدانية بطلب رضاه وحده، وإذا جاء سبحانه
وتعالى يضرب مثل، ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ
وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ﴾ [الزمر:29]، وما معناه هذا المثل؟ معناه عندما يكون أجير
يعمل عند سيد واحد هل يكون حالته في الجهد مثلما يعمل عند مائة؟ وكلهم طلباتهم
متضاربة ومتعارضة، كذلك الذي يشتت نفسه وشاغل نفسه بكثرة التعلقات في هذه الحياة
الدنيا أو شاغل نفسه بكثرة المخاوف التي يلقيها الشيطان في قلبه يتشتت ويتفرق، غير
القلب الذي مجموع على واحد عظيم في السماء، يبذل الجهد لواحد، يبذل التعلق لواحد،
يطلب من واحد يستأنس بواحد، يحمل هم واحد، شهد لنفسه أنه لا إله إلا هو ولا أحد
يستحق إلا هو، فأين قلبك؟
· لابد
دائماً وأن نسأل سؤال أين قلبي؟ قلبي أين؟ ما الذي يشغله؟ أين سعيه؟ في ماذا جهده؟
أين ذهابه وإيابه، في ماذا تفكيره؟
· كما قال النبي ﷺ: ((من جعل الهموم هماً واحدا كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به
الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك)).
· قلبه
مشتت نسأل الله السلامة والعافية، قال أبو إسحاق تعليقاً على هذا الحديث: ثم قال
الأغر شيئاً لم أفهمه، -الذي هو يروي هذا الحديث- قلت لأبي جعفر ما قال؟ قال: من
رزقهن عند موته لم تمسه النار.
· من
يرزقه الله هذه الكلمات عند موته، وما هي؟
· لا إله
إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا
إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
· احفظن
يا أخوات.. احفظن هذه الكلمات واجعليها ديدنك أينما ذهبت، وقد تأتي أخت وتقول أنا
يا معلمتي أرددها في أذكاري، الصباح والمساء لكن لا ولا أستشعر رحيقها في قلبي،
لماذا؟ لأنك لم تجعليها في قلبك قبل أن تنطقيها بلسانك، استشعري أن الملك كله بيد
الله، لماذا أنا أخاف؟ هو ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الـملك:2] كل الذي يطرأ على ذهني لماذا أنا أخاف؟ لماذا أنا أضطرب؟
· يقول
الشيخ: فهذه شهادة عظيمة من الله لنفسه بوحدانيته وتصديق للشاهدين بذلك من عباده،
وهذا التصديق من الله لعباده الشاهدين له بالتوحيد.
· فعندما
تشهدين أنه لا معبود بحق إلا الله، الله يريكِ أنه لا أحد يستحق جهدك ولا مشاعرك
ولا عبادتك إلا هو، عندما تقولين يا رب أنا آمنت أنك حكيم وأنتِ ما تري الحكمة،
يصدق نفسه، كيف؟ يريكِ حكمته فيما يقضي لك، لكن عندما ترضين -عندما ترضين- بقضاءه،
فإذا أصابك مكروه وتهرعين الى الملك "وتبتهلين وتؤمنين أن ربنا حكيم
عليم" تعالى الله أن يبخل عني"، يستجيب بعدله ويدبر الأمر بحكمته
· الله
عز وجل يشهدك لأنه المؤمن، يشهدك بالمواقف والأحداث على حكمته معك، فإذا شهدت أنه
أرحم الراحمين، وقلت يا رب أنت أرحم الراحمين ارحمني مما انا فيه عندما تعترفين له
وتصدقين في دعوتك وخبايا قلبك، عندما يغمرك اليقين، يشهدك في أحداث عجيبة تري فيها
وتقرئي أفعال الله في رحمته بك، إذا كان لديك ثقة ويقين أنه رزاق، يشهدك على عظيم
رزقه لكِ، وإذا أيقنت أنه هو يدبر الأمر من السماء إلى الارض تحدث معك مواقف تقولي
سبحان الله تدبرت كيف؟! تكونين في حالة كرب ثم ينفرج إذا باشر قلبك أنه هو وحده
الوهاب، الذي يهب الموحدين روح الفرج ونسيمه، عندما يحدث داخلك وانت في عز العسر
تقولي يا رب ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦﴾ [الـشرح:5-6] أين
يا ربِّ اليسرين انتِ في انتظارهم لأنك تؤمنين أن العسر يخرج بماذا؟ بيسرين، نعم
بيسرين، اليقين يدخلك وفق كلام الله جل وعلا، انتِ منتظرة فيريكِ فتقرئي أفعال
الله، عندما تشهدين له بالوحدانية يُشهدك على أسمائه وصفاته كلها، فتعيشين في نعيم
عظيم، فعل الرب سبحانه الذي يربي عباده بالمواقف والأحداث، فالمؤمن هو الذي يشهد
ويصدق لنفسه على وحدانيته وكذلك تأييده لمن؟ لرسله بالحجة والبرهان هذا من دلائل
اسمه المؤمن هذه نقطة ثانية، ابدئي بكتابة؟ ماذا؟ اثنين
· أول
شهادة تصديق: شهد الله لنفسه.
· رقم
اثنين: يشهد لأنبيائه ورسله وأوليائه الصالحين، بماذا؟ بالدلائل التي تدل على صدق
مجيئهم من عند الله عز وجل، إن كانوا رسل أو انبياء يؤيدهم بالمعجزات لماذا؟ لأن
هذه المعجزة تصديق من الله لعبده ان استحالة كلام مثل كلام القرآن الذي هو كلام
الله تقدروا تأتوا بآية، هذا تحدي يبقى من الرسل، الله عز وجل يصدق رسله بألا
يستطيع الكفرة أن يأتوا بمثل آية.
· قال
ابن القيم رحمه الله: من أسمائه المؤمن وهو في أحد التفسيرين المصدِّق الذي يصدق
الصادقين بما يُقيم لهم شواهد صدقهم.
· الرسل
كيف يصدقهم الله؟ بالمعجزات، وأوليائه الصالحين الذين يقبلون عليه؟ يصدقهم بالكرامات،
التي تثبتهم وتظهر صدقهم، وطبعاً بالنسبة لعقيدة أهل السنة في الكرامات أن كرامات
الأولياء حق، منها دعوة مجابة، منها تيسير الأمور بشكل خارق للعادة، منها تقريب
المسافات، منها القدرة على التأثير في الأشياء، ارجعي لكتاب الفرقان بين أولياء
الرحمن وأولياء الشيطان للإمام ابن تيمية، من اروع ما يكون، لكن قولي يا فتاح افتح
لي يا رب، لأن أحياناً تكون في أحوال شيطانية.
· ولذلك
الشافعي قال: إذا رأيتم الرجل يسير على الماء أو يطير في الهواء فلا تصدقوا له حتى
تعلموا صدق متابعته للنبي ﷺ، الإنسان الذي اتهم بشيء، يأتي التصديق من المؤمنين
ببيان براءته، المؤمن وهو الله، مثلما حدث في قصة أمنا الصديقة بنت الصديق البتول
عائشة رضي الله عنها، البتول هنا بمعنى العفيفة، لما نزل تبرأتها من الله عز وجل،
الله عز وجل شهد لها بالبراءة، هذا من معاني اسم الله ماذا؟ المؤمن، ان الله هو الذي
يشهد لك، ما تستمري في أن يكون عندك حالة نفسية ان كيف قالوا في حقي هذا وكيف
يتهموني بهذا، قول يا رب اشهد أنت لي يا رب، يا رب أمّنّي أنت يا رب، يا رب أطلقني
أنت يا رب، ما تستمري تفكرين في شهادة الخلق لأنك ستُخذلِ، المؤمن هو الذي يؤمن
الصادقين من عباده، فلا تسعين وراء كلام الناس ولا يشغلك ماذا قالو او ماذا فعلوا؟
لان هذا يصيبك بحالات نفسية مضطربة تأتي مثلاً واحدة تشتكي لفلانة حالها وما أصابها من هذه وتلك، تقول لها يا اختي خلاص، ولا تعيرها بالا، وجل ما تساندها به كلمة وقد تبخل بها أو تحدثها بما يزيد من سوء حالتها، فتنصدم وتخذل ممن اتكأت عليها، فقد تحدث مشكلة أو موقف بينك وبين أهل زوجك، وهما أساؤوا أكبر إساءة لكِ، تأتي تشتكين للزوج يقول لك هم صح، غصب عنك وعن عينك، خلاص أهلي ماذا أفعل معهم؟ فتبدئي أنت تحترقي لماذا؟ هذا طبعاً أحسن؟ هذا لو أراد الله عز وجل بك خيراً انك تتربي تربية يراد بها خير لك وينصلح بها كسر إيمانياتك، فلابد وأن تخذلي من البشر، لأجل أن تتعلم ما تشتكي لأحد وتحسبين أن هو نصير لك، الذي يصدق عباده الصادقين ويشهد لهم بصدقهم، المؤمن الذي في السماء، يصدق عباده الصادقين بما يؤيدهم من بيان صدقهم، بما يؤيد الرسل بالمعجزات، بما يؤيد الصحابة بالكرامات، وطبعاً الكرامات التي وردت مع الصحابة كثيرة، منها ما ورد في قصة خالد ابن الوليد عندما قالوا له أن هذا الشراب به سم، فسمى الله واحتساه كاملاً ولم يحدث له أي شيء، كرامات الصحابة مثل ما حدث لسيدنا عبّاد ابن بشر وأُسيد بن حُضير لما كانوا في ليلة ظلماء يتعبدون وخرج كل واحد منهم بعصاته فأضاءت، كان الطريق مظلم ، وهذا كله ثابت في سيرة النبي، الطريق مظلم فأضاءت له العصا أصبحت مثل المصباح، لتضيء له الطريق حتى أتوا إلى المكان الذي يفترقوا فيه فأضاءت كل عصا لصاحبها حتى أوصلته إلى البيت، الأشياء التي كانت تحدث لأعظم الخلق، وهو الرسول ﷺ لما يطلب من الصحابي الإناء الذي فيه ماء، والمسلمون عطشى فيضع يده ﷺ في الماء فتنفجر ينابيع الماء من هذا الإناء الصغير في يد النبي ﷺ، تكثيره ﷺ للطعام، عندما الرسول ﷺ يمسح على ضرع الشاة ولا يكون فيها نقطة لبن، فيمتلئ ضرعها باللبن، عندما سيدنا جابر وزوجته يقولوا للرسول ﷺ في غزوة الخندق يا رسول الله عندنا دجاجة تعال أنت وصحابي واحد معك، فيقف النبي ﷺ على باب جابر ويقول للجيش هلموا طعامنا عند جابر، المرأة طبعاً كانت ستصرخ، دجاجة.. دجاجة، ويدخل أعداد.. أعداد من جيش المسلمين تأكل، الرسول فقط نفث في العجين وفي الدجاجة، ودعا بالبركة، أكل النبي والصحابة والجيش ثم ينظر جابر وزوجته في الطعام فكأنه أُخذ منه مثل الخدش، خوارق، يصدق بها الله عز وجل رسوله ﷺ، ومن بعده صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن بعدهم الصادقين، يصدّق سبحانه وتعالى ويُشهدك أنه يجيبك، ويسمعك، ويُحيط بكِ، ويتولاكِ، ويشكر لك، هذا كله من المؤمن الذي يصدّق لنفسه، ويصدق على صدق الصادقين من عباده بما يجعل لهم من المعجزات أو الكرامات سبحانه وتعالى، شهد لهم بأنهم صادقون بالدلائل التي دل بها على صدقهم قضاءً وخُلقا، فإنه سبحانه أخبر وخبره الصدق وقوله الحق أنه لابد أن يُري العباد، انتبهي وعلمي بالفسفوري، هذا الكلام في غاية الروعة لأجل الناس المكتئبة الحزينة عندما تقرأ هذا الكلام، قال لك أنه لابد أن يُري من الآيات الأفقية التي في الكون، والآيات ماذا؟ النفسية، النفسية بداخلك أشياء تحدث، ثم يقال لكِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ٢٠١﴾ [الأعراف:201] تأتي أشياء تعرفي ان فعلاً يحدث ليس ماذا؟ من الشيطان، فتكون متضايقة جداً جداً من موقف -كما ذكرت آيات نفسية- وتقولي لو كنت قلت لها كذا وقلت لها كذا، يقول لك: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصّلت:34] هل أنا فعلاً دفعت بالتي هي أحسن، ماذا يأتي بعدها في نفسي؟ متضايقة يا ليتني كنت أجبت، يا ليتني كنت ربيتها، يا ليتني كنت أدبتها، تعرفي أن ربنا يعلم ما في صدرك عندما تسمعي الآية التي بعدها ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٠٠﴾ [الأعراف:200] ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ٢٠١﴾ [الأعراف:201] ففي أشياء في نفسك عندما تزالي مكروبة عندك كرب قبل ما تنامي وألزمي الدعاء لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم، سوف تنامين وتستيقظين واحدة غير التي نامت أمس، تقلب الأحوال يُشهدك على صدق ما قال، عندما الله عز وجل يقول لكِ: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران:140] انتِ تنظري بنفسك انتِ تداول الأيام، يوم معك مال ويوم متأزمة مادياً، أول النهار كنت نشيطة وتصلي الضحى ولا تكل ولا تمل من أداء واجباتك المنزلية، واليوم الثاني صرتي على الضهر والعصر تصلي وانتِ قاعدة ما انت عارفة تأخذي نَفَسك، أين نشاط أمس؟ أين الكد؟ أين نفسي؟ نَفْسك اهو في نَفْسك، تداول الأمور، تبقي الصبح مثل الفل يأتي لك صداع رهيب على المساء، في تداول، في تقلب، لما الله عز وجل يقول لكِ: ﴿۞يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ١٥﴾ [فاطر:15] يريكِ الله عز وجل فقر كل الناس من حولك، يكون ذو مركز عالي جداً ولا يستطيع قضاء حوائجك "إلا بمشيئة الملك"، هنا يقول لك: لابد أن يُري العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يُبيّن لهم أن الوحي الذي بلَّغت رسله حق، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصّلت:53] يتبين لهم أنه ماذا؟ الحق. يعني القرآن كلام الله هو الحق، المتقدم في قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ﴾ [فصّلت:52]
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق