اسم الله الطبيب الشافي
الجزء الأول
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه
ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث
رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
·
طبتم وطاب
ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلًا، أسأل الله U بفضله ومنته، أن يجعل هذه المحاضرات نورًا لكم في قلوبكم، وفي
دوركم، وفي حياتكم، اللهم آمين!
·
كما نسأله
I أن يجعل لقاءنا هذا نورًا لنا في قبورنا، وعلى الصراط، اللهم
آمين!
·
اليوم نحن
مع سلسلة، بداية سلسلة أسأل الله U أن يقدر لنا الخير! سنعرض اسم الله الشافي والطبيب، يعني ورد
اسم الله الشافي، وورد اسم الله الطبيب، وسنذكر ما يدل على وروده في سنة النبي ﷺ.
·
هذه
السلسلة نتعرض فيها لبعض المحاور:
·
بعض
الأمراض النفسية.
·
السبب
الرئيسي في ظهور الأمراض النفسية.
·
السبب
الأساسي لذهاب الأمراض النفسية.
·
كيفية
الاستشفاء بالقرآن:
·
سواء في
الأمراض النفسية.
·
أو
الأمراض العضوية، على أساس أن القران هو أصل التداوي.
·
الآن نبدأ
باسم الله الشافي، ثم نتعرض خلال الشرح لبعض الأمراض التي تعرض للمسلم في حياته من
خلال كلام الإمام ابن القيم - رحمه الله-.
·
الاسم "الشافي
والطبيب":
·
لم يرد
ذكر هذين الاسمين الكريمين في القرآن الكريم.
·
طبعًا نحن
نعلم أن أسماء الله الحسنى، أُمِرَ بها المسلمون، بالتعلم عن أسماء الله الحسنى في
أكثر من ثلاثين موضعًا في كتاب الله جلّ وعلا، أكثر من ثلاثين موضعًا في كتاب الله
يأمرك بالتعلم عن الله -جلّ وعلا- بأسمائه وصفاته.
·
ومن ضمن
هذه الأفعال، أفعال الأمر، ﴿فَاعْلَمْ
أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد: 19]، ﴿اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ
لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق:
12]
·
يعني ربي
في آية الطلاق، آخر آية في سورة الطلاق، يبين لكِ أنه خلق السماوات والأرض، وينزل
الأمر من السماء إلى الأرض؛ لتتعرفي عليه I
بأسمائه وصفاته.
·
معظم
الناس مشهور عندهم آية الذاريات، لماذا خُلٍقت؟ يقول لك: ﴿وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:
56]
·
لكن ينسى
أن يجمع كيف تكون العبادة؟ على علم بالله، فتأتي آية الطلاق تبين لك أنه لابد أن
تعلمي عن الله- جل وعلا-؛ حتى تعبديه وفق مراده هو I.
·
العلم
بالأسماء والصفات اسمه عند العلماء: توحيد المعرفة، اسمه ماذا؟ توحيد المعرفة.
·
توحيد
المعرفة؛ لأن التوحيد ينقسم:
·
لتوحيد
المعرفة: الذي هو معرفة الله بأسمائه وصفاته، ومعرفة أفعال الله، الذي هو توحيد
الربوبية والأسماء والصفات.
·
وتوحيد
الألوهية: الذي هو سيترتب على معرفتك بالله أن يتجه قلبك بالكلية لمن؟ لله -جل
وعلا-
·
لما
تعرفين أن الله U هو وحده الرزاق، وهو الذي يرزق عباده، وهو الذي يعطيهم، قلبك
سيتجه لمن؟ لله -جلّ وعلا-. معرفتك أن الله هو الذي يرزق، هو الذي يعطي، هو الذي
يمنع، هو الذي يبسط، هذا اسمه توحيد الربوبية.
·
ماذا يعني؟
يعني لا يفعل هذه الأفعال إلا الله، لا يرزقني إلا الله، لا يكشف عني إلا الله، لا
يعزّ إلا الله، لا يذل إلا الله، الذي بيده I
الخلق، والرزق، والتدبير، والإسعاد، والإشقاء، والإحياء، والإماتة، والإعزاز،
والإذلال، والقبض، والبسط، هذه كلها أفعال لا يفعلها غيره.
·
من الذي
يدبر أمري؟ الله، تأتي لك أفعال في القرآن، ﴿يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [السجدة:
5] هناك أفعال لا يفعلها إلا الله.
·
كَوْنِي
مسلمة أُفْرِد الله U بهذه الأفعال، اسمه توحيد ربوبية، اسمه توحيد ماذا؟ ربوبية
·
ماذا يعني
توحيد ربوبية؟ يعني أفعال الرب عندي ثقة أنه لا يفعلها غيره، عندما أعرف الآن أن
ربي يرزق، وهو وحده الرزاق، قلبي عند أي حرمان سيتجه لمن؟ لله. ماذا ستقولين؟ يا
رزاق ارزقني.
·
إذًا
اتجاه القلب إلى الله وحده، إفراد الله -جلّ وعلا- بما يخرج من القلب، يكون هذا
اسمه: توحيد ألوهية.
·
ثم أبدأ
بالتوسل إليه بأسمائه وصفاته: يا رزاق ارزقني يا رب، يا باسط ابسط لي يا رب، يا
معطي، يا جواد، يا محسن، يا بر.
·
يكون هذا
اندماج أنواع التوحيد الثلاثة:
·
توحيد
الربوبية
·
توحيد
الألوهية
·
توحيد
الأسماء والصفات
·
فُهِم؟ أي
شيء هكذا.
·
أنا الآن
وقعت في مرض، من الذي يشفي؟ الله أم الطبيب؟ الله U؛
لأن الطبيب هو الله، وسوف يأتي كراهية العلماء لأن يطلق على الدكتور، أو المعالج
لفظ "الطبيب"؛ لأن الذي يطبب هو الله I،
علمي بأن الله U هو الذي يشفي هذا توحيد ماذا؟
·
إحدى
الحاضرات تجيب: ربوبية
·
المعلمة: ممتازة.
·
إذًا فعل
من أفعال الله، لا أحد يفعله لي غيره. فعل أنه يشفي، إذًا سيتجه قلبي، قلبي سيتوجه
لمن؟ بالدعاء؟ اتجاه القلب لله الذي في السماء وحده. هذا اسمه توحيد ماذا؟ ألوهية.
·
أني أفرده
بماذا؟ بعبادتي، بدعائي، بانتظاري الفرج منه، برجائي فيه، بسؤاله I،
حينما أقول يا شافي يا رب اشفني، يا طبيب
طببني، دائي باطنٌ ولديك طبٌّ، ومن لي بمثل طبك يا طبيبي؟ يكون هذا اسمه توحيد
ماذا؟ أسماء وصفات.
·
أتوسل
بأسماء الله الحسنى، يكون أصل التوحيد، أصل التوحيد هو: معرفة الله بأسمائه،
وصفاته، وأفعاله، وهو الذي يستلزم توحيد الألوهية: وهو اتجاه القلب بالكلية للواحد
الأحد الذي في السماء؛ ولذلك العلماء عندما يخبرونكِ عن التوحيد، ماهو التوحيد؟ أن
تكون واحدًا لواحد، في طريق واحد الذي هو الإسلام.
·
نأتي
لحديث جبريل، لما نزل على النبي ﷺ وقال: يا محمد -تعرفون الحديث
المشهور-: ((بَيْنَما نَحْنُ جُلْوسٌ عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ
عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَاِب شَديدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى
عليه أَثَرُ السَّفَرِ ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتى جَلَسَ إلى النَّبِّي ﷺ، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ووَضَعَ كَفَّيْهِ
على فَخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّدُ أَخْبرني عَن
الإسلامِ، فقالَ رسُولُ الله ﷺ:
الإسلامُ..)) كذا
وكذا وكذا ((..قال: فَأَخْبرني عن الإِيمان، أَن
تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ
بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ،..)) رواه مسلم.
·
تؤمن
بالله، كلمة "تؤمن بالله" هي الأصل الأول الذي يقام عليه الدين كله،
الإيمان بالله.
·
قال
العلماء: يشمل أربعة أشياء، ما هي؟ الإيمان بالله يشمل أربعة أشياء:
·
الإيمان
بوجوده.
·
الإيمان
بربوبيته.
·
الإيمان
بألوهيته.
·
الإيمان
بأسمائه وصفاته.
·
إذًا، نحن
الآن بصدد أي أصل من أصول الإيمان الستة؟ الأصل الأول الذي يبنى عليه الدين كله؛
ولذلك الذي ليس عنده علم بأسماء الله فَقَدَ أصلًا، فاقد أصله، أتعرفين عندما يكون
هناك أحد لا يعرف أصله؟ أتعرفين؟ أتعرفين كيف تكون مؤلمة؟ مثل ماقال الإمام ابن
تيمية: ((مساكين أهل الدنيا! خرجوا منها، وما ذاقوا أطيب ما فيها. قالوا: وما أطيب
ما فيها؟ قال: معرفة الله والأنس به والشوق إلى لقائه)). معرفة الله.
·
حسناً
حبيباتي؟ فنحن الآن بصدد أشرف العلوم؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم، وهو الله I.
·
اسم
الشافي قد ورد في القرآن بصيغة الفعل، كما في قوله تعالى في سورة الشعراء آية 80: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ
فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: 80]
·
أما في
السنة فقد ورد ذكر اسمه- سبحانه- الشافي، وذلك في حديث عائشة - رضي الله عنها- أن
رسول الله ﷺ كان إذا أتى مريضًا، أو أُتيَ به، انظري لهدي النبي ﷺ حيث قال ﷺ: ((أذهب البأس رب
الناس واشفِ أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقمًا)) صحيح
البخاري.
·
وأما اسمه
-سبحانه- الطبيب، وهذا ليس معلوماً عند كثير من المسلمين، فقد جاء في حديث "أبي
رمسة" ((قال: انطلقت مع أبي نحو النبي ﷺ قال له أبي..)) - الذي هو
من؟ أبي رمسة- ((.. أرني هذا الذي بظهرك..)) يقول للنبي ﷺ: أرني
هذا الذي بظهرك ((.. فإني رجل طبيب، قال ﷺ: الله الطبيب بل أنت
رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها)) رواه احمد وأبو داوود إذًا من الطبيب؟
·
وروى
الإمام أحمد - رحمه الله- أن أبا بكر قيل له في مرضه ألا ندعو لك الطبيب؟ فقال: قد
رآني الطبيب، قالوا: فأي شيء قال لك؟ قال- أبو بكر يرد عليهم- قال: "إني
فعّال لما أريد"، يعني مَرِض سيدنا أبو بكر الصديق؛ قالوا له: نأتي لك بطبيب؟
قال لهم: لقد رآني الطبيب. من يقصد؟ الله - جل وعلا-، الأعلم بدائه ودوائه.
·
سنعرف من
أي جزئية أتى الطبيب، سيدنا أبو بكر يقول لهم قد قال لي: "إني فعال لما
أريد" من قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ
فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود: 107]
·
المعنى
اللغوي للشافي: قال في (اللسان): الشفاء: دواء معروف وهو ما يبرئ من السقم،
والجمع: أشفيه، وأشافٍ (جمع الجمع).
·
والفعل:
شفاه الله من مرضه شفاءً، واستشفى فلان: استشفى – هذا الذي سنتكلم عنه- استشفى:
طلب الشفاء وأشفى زيد عمرًا: إذا وصف له دواء يكون شفاؤه فيه، واستشفى: طلب
الشفاء، واستشفى: نال الشفاء.
·
ثانيًا:
الطبيب، ما معنى الطبيب في اللغة؟
·
في (لسان
العرب): الطب: علاج الجسم، والنفس. ما هو الطب؟ علاج الجسم والنفس.
·
إذًا هناك
أمراض بدنية، وأمراض نفسية، سنتناول الاثنين بإذن الله.
·
ورجل طبٌّ
يعني: عالم بالطب، وقالوا تطبب له: سأل له الأطباء، وجمع القليل: أطبّة، - يعني
مجموعة من دكاترة يطلقوا عليهم ماذا؟ مجموعة قليلة يقولون: أطبة، والكثير: أطباء.
·
وقالوا: إذا
كنت، إذا كنت ذا طبٍّ، فطب لنفسك، إذا كنت ذا طبٍّ فطب لنفسك، أي: ابدأ أولًا
بإصلاح ماذا؟ نفسك. فلا طبيب يداوي المرضى، وهو عليل، إذا كنت ذا طبٍّ فطب لنفسك
يعني: أصلح نفسك أولاً.
·
والطبُّ
والطبيب: الحاذق من الرجال، الماهر بعلمه، والمتطبب: الذي يعاني الطب، ولا يعرفه
معرفة جيدة، والمطبوب: المسحور.
·
أنتم تعرفون
أن المطبوب هو المسحور من حديث النبي ﷺ لما نزل
له ملكان وهو مريض -حبيبي ﷺ- يعاني من أثر السحر الذي سحره له "لبيد الأعصم"
اليهودي. فالرسول ﷺ كان
يعاني من آلام السحر؛ فنزل ملكان: ((..ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال:
لبيد بن أعصم..)) صحيح البخاري. ماذا تعني مطبوب؟ تعني مسحور.
·
قال أبو
عبيدة إنما سمي السحر طبّا؛ على التفاؤل بالبرء، ماذا يعني؟ يعني يقولون مطبوب،
يعني ربي - I سيطببه؛ فهذا من التفاؤل بالألفاظ.
·
المعنى في
حق الله -تعالى-:
·
الله U هو الشافي الحقيقي لأمراض الأبدان، والقلوب، لا شفاء إلا
شفاؤه، لا يكشف الضر إلا هو I ما أحد يملك - كائنًا من كان، مهما وصل علمه بالطب- أن يشفي
نفسه، ولا يشفي أقرب الناس إليه، ولذلك من عجيب ما ترين في ابتلاءات الأطباء: أن
ابنه يكون مريضًا بالشيء الذي هو يعالجه في الناس! يعالج الناس ولا يعرف كيف يعالج
ابنه؛ حتى يوقن أنه لا يكشف هذا إلا الله، ولا يأتي بالخير إلا هو، كما في قوله
تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ
فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ
يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس:
107]
·
يعني أي
ضر يقع بكِ: ضرًا بدنيًا، ضرًا ماديًا، ضرًا نفسيًا، ضرًا جسديًا، أي نوع من أنواع
الحرمان البدني، أو المالي، أو النفسي، لا يعلمه إلا الله، ولا يكشفه إلا الله I
وما سوى ذلك، فإنما هي أسباب إن شاء
الله U نفع بها، وإن شاء أبطلها.
·
يقول
الحليمي: ((قد يجوز أن يقال في الدعاء: يا شافي يا كافي)) لماذا؟ لأن الله يشفي:
· الصدور من الشبه والشكوك ومن الحسد والغلول،
·
والأبدان
من الأمراض والآفات،
·
ولا يقدر
على ذلك غيره، ولا يدعى بهذا الاسم سواه.
·
هنا يفسر
لك أن الأمراض تنقسم إلى قسمين، أمراض القلوب تنقسم إلى قسمين:
·
شبهات
·
وشهوات
·
حتى هذه
من "القواعد الحسان" للشيخ عبد الرحمن السعدي، أن أمراض القلوب تنقسم في
كتاب الله إلى شبهات وشهوات.
·
الشبهات:
مثل ما يلقي الشيطان شكوكًا في ذات الرب I
تجدين بعض العباد يقول لكِ: لماذا
يفعل ربنا بي هكذا؟ تعالى الله، لماذا يعطيني ربنا هذا؟ لماذا يمنعني هذا؟ أنا ما أستحق
كذا! أنا كنت أستحق كذا! هذه شكوك في عدل الله - جلّ وعلا-، هذه اسمها شبهة، شبهة.
·
لو لم يكن
عندك علم بأسماء الله وصفاته، وأن ربي حكيم، ما يضع شيء إلا في موضعه المناسب له I؛
للعب بكِ الشيطان لعبًا، تأكدي أنه لو عبدا ما أُعطي علم أسماء الله - جلّ وعلا-
وصفاته؛ لابد أن يعمل عليه الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، في ماذا؟ في
الشبهات، الشبهات.
·
يأتي
الشيطان يقول لك: من خلق هذا؟ فتقولين الله، من خلق هذا؟ فتقولين الله، فيقول من
خلق الله؟!
·
الصحابة
كانوا يشتكون للنبي ﷺ أن أحدنا
تأتي على خاطره أشياء يستحيي أن يحكيها، فالرسول ﷺ قال: ((الحمدُ
للهِ الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسة)) صحيح أبي داوود.
·
إذاً، من
ضمن الأمراض،
من ضمن الأمراض التي تسبب المرض النفسي والقلب مرض نفسي "الوسوسة"، الوسوسة
التي من ضمنها تشكيك في عدل الرب، لماذا ربنا تارك هؤلاء على المسلمين؟ يأتيك
العلم عن الله- جلّ وعلا- بأن ربي قدوس، بأن ربي سلام، سلام أن يظلم الناس شيئًا،
ما يحتاج أن يظلمهم، قال الله U:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ
إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء:
147]
·
انظري،
انظري، يعني العلم بالأسماء والصفات وأثره على الحالة النفسية التي يوقعك الشيطان
فيها، لما يوقعك الشيطان في الشكوك في ذات الله- جلّ وعلا- نفسية المرء تكون
مُتْعبة جدًا، مدمر نفسيًا، لماذا أنا أتزوج هذا الرجل؟ وفلانة تتزوج هذا؟ أنا كنت
أستحق أكثر من كذا! يأتيك التسبيح.
·
والتسبيح
أتت من السباحة، أتعرفون ما هي السباحة؟ ما هي السباحة؟ لماذا سميت سباحة؟ السباحة بالمعنى اللغوي: البعد عن الشاطئ، هو بعيد عن الشاطئ، فسيسبح
حتى يصل إلى أين؟ الشاطئ. هذا من المعاني اللغوية،
السباحة: البعد.
·
فتأتي
كلمة "سبحان الله": يعني تبعدي عن خاطرك كل شيء ينقص من ذات الله - جلّ
وعلا-، يُقال لك سبحي: يعني نزهي ربك عن أي خاطرة سوء، فربي لا يظلم الناس شيئًا،
ربي سلام أن يبخل عليكِ بشيء أنت تحتاجينه إذا كان فيه مصلحة، ربي يقدم ويؤخر حاجتك
وفق مصلحتك.
·
فحالة
التعب النفسي، حالة التعب النفسي عادة ما تأتي للأشخاص بسبب عدم الرضا، عدم الرضا
يأتي من أي شيء؟ يأتي من أي شيء؟ من البعد عن معرفة الله بأسمائه وصفاته.
·
لو أنا
أعرف أن ربي حكيم؛ أي شيء يحدث لي سأقول: مؤكد هذا لحكمة، مؤكد هذا لمصلحة، هذا الحرمان
الذي أنا فيه، مؤكد ربي يربي قلبي؛ لأن ربي لماذا يعذبني؟! ويأتي النص يطبب القلب،
قوله تعالى: ﴿مَا يَفْعَلُ
اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء:
147]
·
هل فهمتِ
كيف يأتي المرض وكيف تدفعينه بعلمك بالله، وبكلام الله؟
·
يأتي
مثلًا وسواس، الوسواس القهري سبب رئيسي من أسباب الأمراض النفسية: تسلط الشيطان على الصدر، وتنقسم وتتعدد وساوسه - نحن شرحناه
بالضبط بالتفصيل في "سلسلة الوسوسة" لكن أَمُرُّ مرًا سريعًا لا بأس.
·
من ضمن
الأمراض النفسية التي يسببها لك الشيطان: الوسوسة شيء متكرر، يكرره، يكرره حتى
يضيق صدرك، يكاد ينفجر، من ضمن الوساوس وسواس اسمه: "وسواس الاجترار"،
وسواس الاجترار: أن كل شيء يضايقك تتذكريه، كل الذي يضايقك، شريط يمر عليك دائمًا.
·
إذا جاءتك
هذه الحالة النفسية تعرفين أنها من أين؟ من الشيطان.
ما الذي يذهب الشيطان؟
·
إحدى
الحاضرات تجيب: الاستعاذة.
·
المعلمة: ممتازة، أن أفهم معنى الاستعاذة وأقوم بعبادة الاستعاذة وأتوسل لله -
جلّ وعلا- بأن يعيذني.
·
ما سبب
الأفكار؟ سنأخذ لها سببين. الأساس في الوسوسة هو من؟ ﴿قُلْ أَعُوذُ
بِرَبِّ النَّاسِ ١ مَلِكِ النَّاسِ ٢ إِلَهِ النَّاسِ ٣ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ
الْخَنَّاسِ 4 الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ٥ مِنَ الْجِنَّةِ
وَالنَّاسِ ٦﴾ [الناس: 1-6]
·
إذًا
السبب الرئيسي للوسوسة، والتعب، والضيق الذي يحدث في الصدر، هو الشيطان، ما الذي
يحدث؟ يحدث فيما بعد خلل في كيمياء الدماغ، أو في الشحنات العقلية، يتحول من مرض
عادي، وسوسة عادية، إلى وسواس قهري يحتاج إلى العقاقير، لكن الأصل في التداوي منه
بماذا؟ بالقرآن.
·
نحن الآن نمر مع بعضنا على أنواع الوساوس، هناك وسواس مثلما اتفقنا وسواس ماذا؟ الاجترار، كل الأشياء
التي تضايقك والمؤلمة يحضرها لك. من الذي يفعل هذا؟ وسواس الاجترار.
·
هناك الذي
تتكلم عنه الأخت، وقد درسناه بالتفصيل: "وسواس الأفكار"، وسواس الأفكار:
أن تسيطر عليكِ فكرة معينة، تسيطر فكرة معينة، الفكرة هذه طبعًا لأنها من الشيطان،
لابد أن تكون بعيدة عما يحب الله-جلّ وعلا- وفي نفس الوقت مؤلمة.
·
فكرة
معينة مسيطرة، تتكرر تتكرر، تتكرر، يريد الشيطان أن يوقعك فيها، مثل ماذا؟ مثلاً
مثل واحدة هي جيدة، ومتدينة وكل شيء، والشيطان يريد أن يجعلها تخلع الحجاب، يجعلها
تخلع الحجاب، يظل يوسوس: الحجاب خانقك، الحجاب خانقك، الحجاب خانقك، أنت مخنوقة، أنت لا تستطيعين أن تأخذي نفسك، أنت كذا، كذا،
تكرار، اسمه وسواس الأفكار، حتى ماذا؟ إما أن تخلع حجابها، أو يظل دائمًا
يسبب لها خواطر رديئة.
·
هذا من
عمل من؟ الشيطان، كذلك وسواس الأفكار مثلما مثلًا تسيطر على امرأة فكرة أن زوجي
سيتزوج عليَّ، زوجي يخونني، زوجي يخونني، زوجي يتكلم مع النساء، وبعدها يوقعها
الشيطان؛ بسبب سيطرة هذه الفكرة على رأسها أنها تتجسس، هي طبعا يقنعها، ويلبس
عليها، ويغير عندها المفاهيم أنها تحافظ على ماذا؟ على بيتها وأسرتها، وطبعًا من
يبحث يجد، فيحضر لك الشيطان المعلومات توصيل منزلي "هوم دليفري" وبعدها
تتصور أنها كشفته، لا هذا كله من أوهام الشيطان.
·
افترضي
فعلًا هو يفعل شيئًا، هل تجسسك عليه، وتفكيرك الدائم، الدائم، الدائم، وحزنك،
وانهيارك، وصدمتك، وحالتك النفسية المريضة، وتقع، وتصبح شاحبة، والحياة بالنسبة
لها سوداء، هذا من التعلق! هذا من التعلق! يأتيكِ اسم الله؛ يدفع عنك هذه الأفكار.
·
من
الوسواس القهري التفكير في الموت بشكل مخيف، ذكر الموت عند المؤمن يطيّب الحياة،
ذكر الموت يعلمك أن الدنيا دار ممر، الحمد لله أن هي دار ممر، وأننا لن نعيش فيها
طويلا، ذكر الموت يقال لكِ: أن كل ما أنت فيه من ابتلاءات سينتهي، ونعود إلى ربي I
﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [العلق:
8].
· يعلمك كيف تستعدين للقاء الله، يعلمك أن كل عمل تبذلينه، أو جهد تبذلينه عند الله ستلقينه، ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
﴾ [يونس: 2]·
تأتيك
النصوص تطببك، القرآن يعالج الفكر. إذا مُتِ، ما المشكلة؟ تقول لكِ: القبر، والذي
سيحصل في القبر، والملكين، يقال لك: أن نومة القبر بالنسبة للمؤمن، وضمة القبر
كضمة الأم الحنون، وأن القبر للمؤمن كروضة من رياض الجنة، والكافر حفرة من حفر
النار. انظري كيف تشفي النصوص صدرك! حتى عندما نتعلم أن هناك مرض، نتعلم ماذا؟
الذي يشفي هذا المرض من كلام الله وكلام النبي ﷺ الرسول ﷺ عندما
يقول لك: ((لا
يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)) صحيح مسلم.
·
ربي غفور،
ربي تواب، ربي عفو، لحظة صدق تَحُتّ ذنوبك حتًا.
·
انظري
عندما تقولين: سبحان الله وبحمده، وقلب يعرف الله، يسبح الله، ربي قدوس عن أي
خاطرة سوء في صدري، أسبحه، ومهما الشيطان يلقي لي من خواطر، أسبحه، سبحان الله
وبحمده لما تقولينها مائة مرة؛ تُحت عنكِ خطاياكِ وإن كانت مثل زبد البحر، إذًا
لماذا تخافين من الموت؟ هذا وسواس خوف، خوف رهيب من الموت، خوف من القبر.
·
واحدة
يسيطر على فكرها خوف، واحدة يسيطر على فكرها الخوف من المرض، يسموه "الفوبيا"
فوبيا من المرض، خائفة لما أكبر تصيبني أمراض، حتى لو جاءك مرض، من الذي يشفي هذا؟
﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء:
80]
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق