أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
· ﴿إِذْ
هُمَا فِي الْغَارِ﴾ أي: لما هربا من مكة، لجآ إلى غار ثور في أسفل مكة، فمكثا
فيه ليبرد عنهما الطلب.
· فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المُشقة، تخيلي
أنت الآن جالسة في كهف ممتلئِ عقارب ومطرودة فارَّة من القتل ومتهمة أنك مجنونة ﴿وَقَالُوٓاْ
أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا﴾ ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ
وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَ﴾ كل هذا أنتِ متهمة به، تحزني أم
لا تحزني؟ لا تحزني لأن الله نهاكِ عن هذا، لماذا نهاني؟ علل لكِ لماذا لا تحزني،
لو عندك اعتقاد بمعية الله.
·
فهما
في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما
ليقتلوهما، فأنزل اللّه عليهما من نصره ما لا يخطر على البال.
·
﴿إِذْ
يَقُولُ﴾ النبي -ﷺ- ﴿لِصَاحِبِهِ﴾ أبي بكر لما حزن واشتد قلقه، ﴿لَا
تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ بعونه ونصره وتأييده.
·
أبو بكر حزين على من؟ على النبي ﷺ،
خائف على الرسول وينيمه على حِجْرِه ولا يريد أن يتحرك حتى لا يستيقظ الرسول،
انظري للمشاعر! مشاعر المؤمنين مع بعضهم، عندما تجدي أي أحد من أخواتك حزينة
ومتضايقة وسعي صدرك لها ودُليها على النور وليس فقط أن تجلسوا للفضفضة وتعتقدي أن
هذا سيريح؛ هذا لن يريح، الذي يريحها أن تأخذ عقائد في الله وفي أسمائه وفي أفعاله
وفي كلامه، هذا الذي سيريح حقيقةً.
·
أكثر ما تسعدي من أمامك أن تعلقيه بالله لا
بشخصك.
·
﴿لِصَاحِبِهِ﴾
أبي بكر لما حزن واشتد قلقه، ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا﴾ بعونه
ونصره وتأييده.
·
ما هي معية الله: أي بعونه ونصره ودفعه وتأييده، لذلك
الكلام الجميل الذي قاله ابن القيم عن قلب المؤمن المتعلق بالله عز وجل وفيه عزة
ولا يهمه أحد ولا يخاف من أحد، ولا يخاف من سلطان أحد، لأنه عزيز جانبه عال مكفي
مدفوع عنه بالذات. ماذا نريد أكثر من هذا، هل هناك أفضل مما قلته الآن؟ هل هناك
أفضل من أن تكوني عزيزة مكفية عالية مدفوع عنكِ بالذات.
· إن
الله يدافع.. الله هو الذي يدافع عنك بذاته
هو، ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ
يَجۡعَل لَّهُ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ
عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ﴾
يقول ابن القيم: جعل الله نفسه
كافيه.
· الله
نفسه كافيكِ سبحانه، فماذا تريدي زيادة على ذلك؟ الناس التي تريد الدنيا لابد أن
يحضروا معي الرقاق،
كيف لو قلبك معلق بالدنيا الموضوع سيختلف تمامًا مع الرقاق نسأل الله من فضله.
·
نتيجة الإيمان بمعية الله ما الذي حصل؟
·
﴿فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾
أي: الثبات والطمأنينة.
·
وكلنا نتمناهما، أتمنى أن أكون من داخلي
ثابتة مطمئنة وليس دومًا متوترة ومتعبة.
· ﴿فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾
أي: الثبات والطمأنينة، والسكون المثبتة للفؤاد، ولهذا لما قلق صاحبه سكنه
وقال ﴿لا تحزن
إن اللّه معنا﴾
· فكانت
المكافأة نتيجة للإيمان لأنه لابد أن تعرفي أن هناك فِعل من العبد يقابله فِعل من
الرب، أنتِ ظننتِ حسنًا في ربك ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ
ٱلۡعَٰلَمِينَ ٨٧﴾
يعاملك بظنك ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء))
· ﴿فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ أولا؛
ثم..
· ﴿وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾ وهي الملائكة
الكرام، الذين جعلهم اللّه حرسا له، هل لكِ ملائكة أم لا؟ ﴿لَهُ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ
يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ﴾
ما
معنى يحفظونه من أمر الله؟
· لها معنيان:
· التفسير
الأول يحفظونه بأمر الله، أي بأمر من الله يؤيد لكِ ملائكة تحفظك وتدفع عنكِ.
· التفسير
الثاني علمته لي والدتي، يحفظونه من أمر الله: أي إذا أراد الله أن يقع بالعبد
المصيبة يتنَحُّوا بأمره حتى يقع.
· مثلًا
واحد وقع من الدور الخامس ولم يحدث له شيء، المعقبات حفظته.
· إذا
أراد الله عز وجل اختباره ببلاء المرض يَتَنحُّوا بأمر الله، حتى إذا جاء أمر الله
تَنَحَّوا، فهم مسخرين من الأول والآخر بأمر الله.
·
وهذا من اللطف، لكن
الله عز وجل يلطف بالجميع.
·
﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾ وهي الملائكة الكرام، الذين
جعلهم اللّه حرسا له، ﴿وَجَعَلَ
كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى﴾
أي: الساقطة المخذولة،
·
اللهم كل من أراد بنا كيدًا فاجعله من الأسفلين واجعله من
الأخسرين، واجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين.
·
﴿وَجَعَلَ
كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى﴾
أي: الساقطة المخذولة، فإن الذين كفروا قد كانوا على حرد قادرين، في ظنهم
على قتل الرسول -ﷺ-، وأخذه، حنقين عليه، فعملوا غاية مجهودهم في ذلك، فخذلهم اللّه
ولم يتم لهم مقصودهم، بل ولا أدركوا شيئا منه.
·
ونصر اللّه رسوله..
· وسينصرنا
الله عز وجل كما وعد ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ
رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ
ٱلۡأَشۡهَٰدُ ٥١﴾
[غافر:51]،
يفعلوا ما يفعلوه، نحن موعودون في النهاية بالنصر، هؤلاء اليهود سيختبئون منَّا
لكن نحقق الشرط، علق الوعد على النصرة بالإيمان ﴿وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ
بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٥٥﴾
[النور: 55]
· ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾
ستتبدل المشاعر.
· اشتغلوا
يا أخوات، اشتغلوا لدينكم، في بعض الآثار ورد أن الإسلام يتمثل في سورة رجل ويأتي
لمسلم مسلم فيقول يا رب هذا نصرني، يا رب هذا خذلني، ويأتي عند عمر يقول: يا رب
كنت غريبًا حتى أسلم هذا الرجل.
·
من يقولون ماذا نعمل في هذه الأوضاع التي
نحن فيها؟
·
انكبي على كتاب الله وابذلي فيه مجهود
وعلميه.
·
هل تستريحين عندما تسمعي آيات الله أم لا؟
طبعا؛ أيقظوا صُحَيبَاتِكم؛ أنقذوا أنفسكم وأنقذوا غيركم.
·
ونصر اللّه رسوله بدفعه عنه، وهذا
هو النصر المذكور في هذا الموضع، فإن النصر على قسمين: نصر المسلمين إذا طمعوا
في عدوهم بأن يتم اللّه لهم ما طلبوا، وقصدوا، ويستولوا على عدوهم ويظهروا
عليهم.
· أسأل الله أن يتم لنا نصرنا على اليهود والشيعة المجرمين والماكرين
والنصارى الذين يوالون اليهود ويعملون معهم ويوقعون بين المسلمين، وأسأل الله عز
وجل أن يصلح ذات بين لمسلمين وينجيهم مما وقعوا فيه، اللهم نجهم مما وقعوا فيه،
اللهم نجهم مما وقعوا فيه.
·
والثاني نصر المستضعف
الذي طمع فيه عدوه القادر، التي تشعر أنها تجاهد شيطان ولا تقدر عليه فقولي: اللهم أنت عضدي ونصيري بك أصول وبك أجول وبك أقاتل.
· التي
تشعر أنها مستضعفة أمام ناس غلبوها تقول: ﴿فَدَعَا رَبَّهُۥٓ
أَنِّي مَغۡلُوبٞ فَٱنتَصِرۡ ١٠﴾
[القمر:10] هناك
وعد. فعندما تشعري أنك مهزومة هذا يسبب لكِ حزن، فاستنصري بالله وأنت على يقين
وثقة أن الله ينصرك.
·
والثاني نصر المستضعف الذي طمع
فيه عدوه القادر، فنصر اللّه إياه، أن يرد عنه عدوه، ويدافع عنه، ولعل هذا النصر
أنفع النصرين، ونصر اللّه رسوله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين من هذا النوع.
· عندما
يقول الله عز وجل: ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾ ما المقصود
"بكلمة الله": هنا أتت بمعنى أي كلمته القدرية وكلماته الدينية.
· جعل
الله عز وجل سُنَّة قدرية وهي أن الله تعالى ينصر الحق وأهله ولو بعد حين فاهدأي..
إهدأي، ما في داعي لحالات الاحتراق التي تُقعدك، قومي إشتغلي للإسلام والمسلمين
حتى تكوني من جند الله، يا رب نكون من جند الله، ما هم جند الله؟
·
وقوله ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾ أي كلماته القدرية
وكلماته الدينية، هي العالية على كلمة غيره، التي من جملتها قوله: ﴿وَكَانَ
حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿إِنَّا
لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ
يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ ﴿وَإِنَّ
جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ فدين اللّه هو الظاهر..
·
من حضروا معي اسم الله النصير، شرحنا بالتفصيل هذه
الآيات.
· هذا
وعد والرب مؤمن يصدق عباده ما وعدهم بالرغم من أنه قال: ﴿وَمَا أَكْثَرُ
النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ١٠٣﴾
[يوسف: 103]، لكن أنتِ لكِ الغلبة لأنك على
الحق والحق أبلج، وضحي الحق والحق يمج الباطل ويغلبه، أسأل الله أن يعطينا الحُجة الصادقة لوجهه لا سمعة ولا رياءً ولا
غرورًا، اللهم آمين.
·
﴿وَإِنَّ
جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ فدين
اللّه هو الظاهر العالي على سائر الأديان، بالحجج الواضحة، والآيات الباهرة
والسلطان الناصر.
· ﴿وَاللَّهُ
عَزِيزٌ﴾
لا يغالبه مغالب، عندما تجدي ناس تُحَرِّق المسلمين
في سورة البروج ﴿وَمَا
نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ﴾ يعني بعد ما رأيت المحرقة لابد
أن تعرفي أن الله عزيز، لو أراد أن ينجي هؤلاء من هؤلاء لنجاهم، لا تشعري
بالانهزام النفسي، نسأل الله السلامة
والعافية.
· من
ليس عندهم العقيدة السوية والأدب مع الله يقولون أين الله؟
· ما
جرى للسوريين من بشار، هناك من ارتد في الاعتقالات التي كانوا فيها، وسُحِلوا،
ارتدوا، قالوا نحن كنا نقف لله ولكن أين الله!
·
هل أنت كنت واقف لله على شرع الله وعلى
سُنة الرسول ﷺ؟ لو كنت تبتغي سُنَّة ووقفت وِفق السُنة أو انتُهِكَ
عِرْضُك دون أن تخطيء أو حُرِّقت دون أن تُخطيء هذه شهادتك إلى جنتك، والله عز وجل
إذا أراد أن يمنع هؤلاء لمنعهم لأنه عزيز لا مُغالب له، لكن الله يصطفي من عباده
الشهداء، ويجتبي من عباده أشخاصًا، لكن أنت لابد أن تكون ثابتًا.
·
﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ لا يغالبه مغالب، ولا يفوته
هارب، ﴿حَكِيمٌ﴾ يضع الأشياء مواضعها، وقد يؤخر
نصر حزبه إلى وقت آخر، اقتضته الحكمة الإلهية.
·
لأن الله عز وجل عليم حكيم هو المقدم هو
المؤخر.
·
يسترسل الشيخ السعدي في كلامه، سنأتي بأجزاء منه، نحن
قرأناها من قبل، والتسجيلات موجودة: وفيها فضيلة السكينة، وأنها من
تمام نعمة اللّه على العبد في أوقات الشدائد والمخاوف التي تطيش بها الأفئدة، وأنها
تكون على حسب معرفة العبد بربه، وثقته بوعده الصادق، وبحسب إيمانه وشجاعته.
·
حالة الهدوء النفسي كيف ستأتي؟ كيف ستهدأي
وما في أحد يقدر يهزك، وانفعالاتك مضبوطة؟ كيف؟
·
وأنها
تكون على حسب معرفة العبد بربه، وثقته بوعده الصادق، وبحسب إيمانه وشجاعته.
·
وفيها:
أن الحزن قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين، مع أن الأولى ـ إذا نزل بالعبد أن
يسعى في ذهابه عنه، فإنه مُضْعِف للقلب، موهن للعزيمة.
·
آية الحجر: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا
مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخۡفِضۡ
جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ٨٨﴾ [الحجر: 88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ﴾
لا تعجب إعجابًا يحملك على إشغال فكرك بشهوات
الدنيا التي تمتع بها المترفون، واغتر بها الجاهلون واستغني بما آتاك الله من
المثاني والقرآن العظيم.
· استغنوا
يا أخوات بما أتاكم الله من القرآن العظيم، تعرفين حديث: ((ليس منا من لم يتغنى
بالقرآن)) أهل التجويد يفسروه
بأنه الترتيل.
· الحافظ
ابن حجر العسقلاني قال: هذا المعنى الذي ظننتموه، وقال أن المعنى الأصلي ((ليس منا من لم يتغنى
بالقرآن)) أي يستغني بكلام
الله عن أي شيء.
· لذلك
من يجمع القرآن في قلبه ويظن أن أحد من أهل الدنيا قد فاقه فما قدر الله حق قدره،
وما قدر قيمة كلام الله لأن أنتِ بكلام الله أغنى الخلق وما أحد أغنى منكِ.
· المثاني:
يعني القرآن مثاني يذكر حالة أهل الجنة ويذكر حالة أهل النار، يذكر حالة المنافقين
ويذكر حالة المؤمنين، يذكر حالة من شرح الله صدره للإسلام والقاسية قلوبهم من ذكر
الله، يذكر الحال وضده.
· ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾: يعني
حتى أهل الكفر لا تحزني عليهم، لماذا؟
· ﴿ولا تذهب نفسك عليهم
حسرات﴾
لماذا؟
·
لأنهم
لا خير فيهم يرجى، ولا نفع يُرتقب، فلك في المؤمنين عنهم أحسن البدل وأفضل العوض.
·
﴿وَٱخۡفِضۡ
جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ﴾: أي ألن لهم جانبك، وحسِّن لهم خلقك، محبة وإكرامًا
وتوددًا.
·
آية النحل: ﴿وَٱصۡبِرۡ وَمَا
صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ
مِمَّا يَمْكُرُونَ١٢٧﴾
· ﴿وَٱصۡبِرۡ﴾:
هو
الذي يعينك عليهم ويثبتك. ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾: إذا
دعوتهم فلم تر منهم قبولا لدعوتك، فإن الحزن لا يجدي عليك شيئًا ﴿وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ﴾: أي شدة وحرج. ﴿مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾: فإن مكرهم عائد إليهم
وانت من المتقين المحسنين.
· تأملي
قصة سيدنا موسى التي ذكرناها وشرحناها، والوعود التي جاءت لأمه حتى لا تحزن، وكيف
أن الله ثبتها وأيقنت فيما آتاها الله عز وجل من إلهامات، وكيف دبر الله عز وجل
لها أمر موسى، ولذلك أنتِ عندما تأتيكِ الأحزان ألقي همومك على الله عز وجل
وانتظري الخير من الله سبحانه وتعالى.
· تجدي
عجبًا في قصة مريم عندما حملت من غير زوج والله عز وجل ما ستلاقيه هذه العفيفة،
أعظم ما كان في مريم أنها عفيفة تقية نقية، تأملي الحالة التي ستتعرض لها انهم
يقولوا لها: ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ
ٱمۡرَأَ سَوۡءٖ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيّٗا ٢٨﴾
اتهموها إنها باتت مع رجل! ثم يأتيها كلمات من الله عز وجل من قبل أن يقال لها هذا
الكلام يقول لها الله عز وجل وهي في ساعة المخاض وألام الطلق: ﴿فَكُلِي وَٱشۡرَبِي
وَقَرِّي عَيۡنٗاۖ﴾
وقال لها من قبل: ﴿أَلَّا تَحۡزَنِي﴾ في نهي عن الحزن في
أدق وأصعب البلاءات التي تتعرض لها النفوس.
· الآيات
كثيرة جدًا جدًا بعد ما تتبعنا من قبل كلمة "لا تحزن" أتينا بتتبع
"لا تحزنوا" في آل عمران 139: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا
تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾
· وفي
آل عمران 153: ﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا
أَصَابَكُمْ﴾
· وفُصِّلت
آية 30: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا
وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾.
· يعني
طول ما أنت تقرأي في كتاب الله ستجدي النهي عن الاسترسال مع الأحزان ومدافعتها بما
معك من اعتقادات في ربك، وهذا معنى الدورة ومعنى عنوانها "ممانعة
الأحزان".
· الحقيقة
أنا استمتعت جدًا معكم، وأسأل الله عز وجل أنكم تكونوا استمتعتم بكلام الله وكلام
رسول الله ﷺ وكلام أهل العلم عن
دفع هذه الأحزان.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ
أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق