القائمة الرئيسية

الصفحات

 


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

· أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء لقاءً مباركًا مرحومًا وأن تجدوا أثره في نفوسكم وفي قلوبكم وفي دوركم، اللهم آمين.

· هذه الدورة بعنوان الاضطرابات النفسية وعلاجها من القرآن، والأخوات المتابعين معي في مجموعة نور العلم بالله يعرفون أن هذا هو المجال الذي نعمل فيه، وهو أننا ندرس أسماء الله الحسنى وهي الأصل الأول من أصول الإيمان "توحيد المعرفة" وأثرها على الصحة النفسية، لأن الصحة النفسية مطلب شرعي، وهذا شيء من المهم جدا أن تعرفيه.

· صحتك النفسية أن تكوني سوية نفسيًا لا يضايقك أي شيء، لستِ حزينة على الدوام، لستِ مكتئبة على الدوام، فنريد ان نعرف ما موقف الإسلام من الحزن، هل كل ما يأتيكِ شيء يُحزنك تحزني؟ هل الأحزان ستأتي أم لن تأتي؟ لابد أن تأتي، هل المطلوب أن أعيش حالة حزن كاملة كلما جاءت الأحزان؟ ما المطلوب مني حتى أدفع هذه الأحزان؟

· العجيب في القرآن أنه يلمس كل شيء في الحالة النفسية للمسلم كما قال الله عز وجل: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٤ [الـملك:14]، ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ [الأنعام:38].

· ونحن عندما كنا ندرس الاضطرابات النفسية وعلاجها ونأتي من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن لفظ الحزن وأسباب الأحزان، وكيف يعلمنا الله عز وجل في كلامه وفي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ألا نستسلم لهذه الأحزان قلنا هذا عجيب! كيف نحن تركنا القرآن بدون تدبر وبدون مُكث كما ينبغي وبدون استخراج ما فيه من الكنوز التي تشفي قلوبنا.

· فالشاهد أن هذا العصر يسمى عصر الاكتئاب، وكثير جدًا من الظواهر حتى في الشباب، تجدي ظاهرة كظاهرة "الإيمو" ناس دومًا حزانى ويلبسون الأسود وعندهم آلام البدن أخف من آلام الروح، ويشرطون أجسامهم نتيجة لحالة الحزن الرهيبة التي هم فيها، وتجدي أن النساء حزانى، والأطفال الصغار حزانى! ما هذا؟!

· طبعًا هذه الأحزان إذا استرسل معها العبد يتحول إلى إنسان مضطرب نفسيًا، وبعد ما يصبح إنسان مضطرب نفسيًا يصبح إنسان مريضًا نفسيًا، ما الذي سيدفع الأحزان؟

· الذي سيدفع الأحزان هي العقائد التي بداخلك التي تأخذيها من كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم كما سنعرف إن شاء الله، والذي سيدفع الأحزان هو أعظم علم من علوم القرآن وهو العلم بالله بأسمائه وصفاته، فكلما يأتيكِ الشيطان بوساوس عند بلائك أنتِ تقابليها بما معكِ من يقين وثقة في الله سبحانه وتعالى.

· على سبيل المثال كمقدمة: عندما يأتي الشيطان ليخوفِك ويؤذيكِ بالفقر، الفقر الذي أصبح حديث الناس عن الأزمة المالية والأزمة الاقتصادية والأموال لا تكفي وكيف سنعيش، والأغنياء خائفون من الفقر، والفقراء خائفون من الفقر.

· فهذه المخاوف عندما تكوني على علم من قبل بربكِ العظيم الذي في السماء، أن لكِ رزَّاقَا ووعدك وقال: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ٢٢ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ٢٣[الذاريات:22-23].

· عندما تدرسي وتعيشي وتَمْكُثي على قدر ما يأتيكِ من وساوس على قدر ما سيأتيكِ دفع بما معكِ من ثقة في الله سبحانه وتعالى.

· ومن عجيب ما كنا ندرس من مفردات القرآن كلمة "رجس" ﴿رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] ما هو الرجس؟ وهذه الكلمة لابد من فهمها؛ "الرجس" تأتي حسب سياق المعنى، لكن المعنى الأصلي للرجس: الاضطراب والزلزلة، فعندما يأتيكِ ﴿رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] الوساوس التي يلقيها الشيطان في صدرك تُحدث لكِ عملية اضطراب داخلي.

· فسيظل الشيطان مع نزول البلاء بقدر الله عز وجل كلما أتتكِ أحزان أو كلما أتتك ابتلاءات يتشمم قلبك، لماذا؟ ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الـمجادلـة:10] عندما يتشمم قلبك يبدأ يلقي عليكِ بالمخاوف والوساوس حتى يحدث في قلبك اضطراب، وتصبحي حزينة وقلقة ومتوترة وزهقانة وملَّانة وكل الحالات النفسية السيئة، حدِّث ولا حرج.

· ويعلم ما نقطة ضعفك وما تحتاجيه ويدخل لكِ منه، فالمفروض أن المؤمنة التي تقول مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا)) تكون دائمًا في مُكث على كتاب الله لتأخذ من كتاب الله ما تُثبت به فؤادها ﴿كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا [الفرقان:32] عندما يأتيكِ الشيطان ويقول لك: [مسكينة! حظك سيء، كل الناس تعيش سعيدة إلا أنتِ] فتردي عليه باسم الله السَّلام، السَّلام: المنزه عن كل نقص وكل عيب وكل بخل وكل ظلم.

· فعندما يأتيكِ الشيطان يقول لكِ مثل هذا الكلام تقولي ربي سلام أن يبخل عليَّ بشيء أنا أحتاجه حقيقة إن كان في هذا الشيء نفع لي ولكن الله هو المقدم المؤخر.

· عندما يقول لكِ الشيطان [أنتِ لست جميلة وشكلك عجيب والناس تنظر إليكِ] ويعمل بداخلك أزمة نفسية بسبب شكلك، قولي الله هو المصور ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ [آل عمران:6]، وصورتك في عين من أمامك هي التي يلقيها الله، ليس لها دخل بالبياض والعيون الخضراء والشعر الأصفر وإلا واللهِ آلاف من الجميلات يأتوني في بيتي يشتكون أنه لا أحد يحبهم! تكون المرأة في غاية الجمال وزوجها يصاحب الفاسقات، أو لا يرى لها جمالًا أصلًا، يدلك على أن الصورة الله هو الذي يصورها.

· كلما يأتي الشيطان يقول لكِ: أنتِ محرومة من كذا أو من كذا..، قولي بملء فيِكِ: في الله عوض من كل شيء ومن كل أحد. ويكون هذا الكلام بُناءً على علم بكتاب الله ومُكث مع كتاب الله سبحانه وتعالى.

· فالشاهد إن الأحزان ستأتي ستأتي، ومع مجيء الأحزان يأتي رجس الشيطان ووساوس الشيطان، لماذا؟ ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الـمجادلـة:10] ثم تجدي في كل مواطن الحزن في القرآن بتفاصيلها وأنواعها أن الله عز وجل ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحزن بل عن الضيق، ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ١٢٧ [النحل:127] حتى مع ظروف أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنتِ تقولي أنه لابد أن نحزن و إن الحزن طاعة لأن نحن نشعر بإخواننا المسلمين المستضعفين.

· فأقول لكِ إحزني حزن يدفعك للعمل لأمة محمد ليل نهار، أنك تتعلمي دين الله وتعلميه فعندما نتعلم ونُعلِّم وتعود الأمة لربها فهناك وعد والرب مؤمن يصدق عباده ما وعدهم ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ[النور: 55] كل نوع من أنواع الحزن التي تأتي بشكل طبيعي جدًا وتجدي نفسك لابد أن تحزني عليها ستجدي ما يدفعها في كتاب الله، حتى في ظلم الولاة وظلم الحكام واستئثارهم.

· البخاري عقب بباب الحوض في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال للصحابة: ((ستكون أثرة وأمور تنكرونها))، قالوا فبم تأمرنا؟ قال: ((اصبروا حتى تلقوني على الحوض)) جعل مكافأة حوض النبي صلى الله عليه وسلم الصبر على ظلم الولاة، تجدي عجبًا! كل شيء يعالجه القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم.

· أثرة: أي يستأثرون بأموركم الدنيوية.

· الأمور الدنيوية: يأخذوا أموالكم ويجوعونكم ويظلموكم.

· أمور تنكرونها: أمور في الدين قلوبكم تنكرها.

· فالظلم من الناحيتين، ظلم من الناحية الدنيوية، وظلم من الناحية الدينية.

· ثم يقول للصحابة عندما سألوه: أفلا نقاتلهم؟ قال: ((لا ما أقاموا الصلاة)) وفي رواية البخاري ((إلا أن ترون كفرًا بواحًا لكم فيه من الله برهان)) ثم يقول شراح الحديث لكم شروط.

· الشاهد إن كل نوع من أنواع الحزن ستجدي وصوف تدلك ما الذي تفعليه حتى تدفعي هذه الأحزان.

· في الأثر الذي أورده الإمام ابن تيمية في كتبه كما تكونوا يُولى عليكم، وكيف أن الشعوب تنهض بإيمانها وتنهض بنفسها حتى يولي الله عز وجل عليها خيارها. إلى آخر المعالجات لكل نوع من أنواع الحزن.

· عندما يكون هناك مكر والواحد يغتاظ جدا من المكر والكيد. لكن كيد من أمامك سبب لأن يحيق المكر السيء به ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ[فاطر:43] ويعطيكِ آيات وتأصيلات حتى تدفعي كل سبب من أسباب الحزن.

· ثم يأتيكِ بعد ذلك في القرآن الخوف، انفعال الخوف وكيف نعالجه، وأنواع الخوف وكيف نعالجه، والخوف المحمود وهو الخوف من الله عز وجل.

· الاخوات درسوا معي من قبل في اللقاءات السابقة "الفرح" في دورة ربيع القلوب وكيف أن الله أمرنا أن نفرح بكلامه وبكتابه ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ٥٨[يونس:58].

· نبدأ على بركة الله، هذه الدورة كانت للمُعلمات، وأنا أعتبر أن كل امرأة معلمة، وإن كل امرأة داعية شئتِ أم أبيتِ، أنتِ داعية في بيتك مع أولادك، مع إخوتك، في مجال عملك، مع جيرانك..، فالداعية من أولى الناس أن تفهم طبيعة المدعوين، ما طبيعة المدعوين؟

· والداعية من أولى الناس ان تكون دوما سعيدة بكلام الله وفرحة بكلام الله وممتنة بكلام الله وغير مضطربة نفسيًا حتى تُثَبِّت الخلق، فاستعينوا بالله، ونقرأ المادة التي أعددناها وأسأل الله عز وجل أن تكون تغييرا جذريًا لحالتكم النفسية ومن ثم حالة من تعاشرون، لأن أنا كررت كثيرا إن الأم قد تُجرم في حق أبنائها إن كانت دائمًا حزينة وقلقة ومضطربة، تُجْرِم! فما بالك في حق زوجها وفي حق من تعاشرهم، عندما تكوني دوما عصبية ودوما زهقانة ومتضايقة كيف سينشأ الأبناء؟ نكد.

· هذا هو لقاءنا الأول في الدورة الثانية من سلسلة دورات تعريف الداعية إلى الله عز وجل بالاضطرابات النفسية وفي عجالة نقول نحن في المرة الماضية كنا تناقشنا في مسألة الدعوة إلى الله وتناقشنا في مسألة الدعوة إلى الله وشرفها ومكانتها وانه مما يجب على الداعية إلى الله أن يدعو إلى الله على بصيرة، وأن تكون هذه البصيرة في حال المدعو كما انها تكون في نفس موضوع الدعوة.

· يعني أنتِ تأتي لتطرحي لناس حزانى ونكديين دورة ممانعة الأحزان، لكن عندما تطرحي موضوع لابد أن يكون لديكِ مادة من القرآن الكريم وكما قلنا أننا أتينا من قبل بمواضع الفرح من القرآن، واليوم سنأتي بمواضع الحزن في القرآن ثم أفهم تفسير العلماء الربانيين له. هذا أولا.

· ثاني أمر: ما هي حالة المدعوين؟ هناك حالة لكل مدعو، فالناس منهم الصحيح ومنهم المريض ومنهم السوي السليم ومنهم المعتل، ومنهم المضطرب نفسيا ومنهم المريض نفسيا، فلابد أن يكون عندنا فقه في الحال وبصر بواقع الأمور ووعي لكي نعين من نستطيع ولا نحطم بعض الناس بسبب عدم فهمنا لما يمرون به من أحوال.

· لذلك الرفق شيء في غاية الأهمية في الداعية، لا تأتي لمن أمامك وتقولي كلام يحطمها نفسيا، وهذا للأسف يحدث، وتأتينا شكاوى كثيرة جدًا حتى في دور القرآن، أن المعلمة تقول للطالبة [راسبة في التجويد، مخارجك كلها خطأ، الصفات لديكِ كلها خطأ] والطالبة تكون من خمس سنوات تدرس القرآن، ما الذي يحدث لنفسيتها؟ تحطيم.

· ما أدراكِ بحالة من أمامك، أحيانا تكون الطالبة قوية وبلغت من الصدق والإخلاص أنها ستظل تُجاهد وأهم شيء مع التجويد أن أفهم كلام الله، وأتغنى به وأتعبد به.

· ولكن واحدة أخرى تقول أنا منذ سنوات ولم أتحسن! إذن لن أتحسن. وتترك الدار وما أكثرهم! فلابد أن تكوني على علم بطبيعة الشخصية التي تتعاملي معها، هل حساسة أم غير حساسة، وعمومًا ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نُزِع من شيء إلا شانه.

· ودخلنا في المرة السابقة حول الانفعالات، الحزن؛ هذه الكلمة إذا فهمناها من القرآن ستعلم أنه في كتاب الله العظيم يذكر الداء ويذكر لكِ الدواء، ما هو الحزن يا أخوات؟

· الحزن هو ألم نفسي، يوصف أحيانا بكلمة البؤس، وأحيانا بكلمة العجز، وهو معنى عكس السعادة.

· إذاً الحزن داخليًا عبارة عن انفعال، هناك شيء يتحرك في القلب، هذا الشيء الذي يتحرك جيد أم مؤلم؟ مؤلم. من عناصره الهم الأسى اليأس الكآبة.

· هل وردت لفظة الكآبة في القرآن أو السنة؟ "اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في المال والأهل والولد، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد".

· ما هي كآبة المنظر؟ أن ترجعي تجدي منظرًا يؤلم قلبك، كل الأوصاف موجودة لكن مشكلتنا أننا لا نعيش الأدعية والأذكار معنى كلمة حزن في اللغة: لو عرفنا معناها من مادة "حَ زَ نَ" تدل على خشونة في الشيء، هل الإنسان الحزين يشعر أن في صدره شدة أم لا؟ نعم فيه شدة، لماذا؟ لأنه من البداية لم يعمل ممانعة طبيعية لنفسه. سنعرف ما هي الممانعة الطبيعية وما هي الممانعة المكتسبة وماهي الممانعة الصناعية.

· ولذا يُقال الحَزَنَ ما غَلُظَ من الأرض، ومن هذا انتزعوها، ويقول الراغب أن الحَزَن والحُزْن خشونة في الأرض وخشونة في النفس لما يحدث فيها من غم، وهذا الإنسان يشعر بهذه في صدره ويشعر بها في نفسه لما يحصل له من غم.

· وأحيانا يشعر بأن في حلقه مرارًا، والله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا [آل عمران:139] وقال تعالى أيضا في سورة الحجر ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ [الحجر:88] فهذا ليس نهيًا عن الحزن بالمرة وإنما نهي عن أسباب الحزن فلا تتعاطيها. وهذه هي النقطة التي أريدك أن تُركزي فيها: أسباب الحزن.

· أنتِ بدايةً لا تتعاطي أسباب الحزن، كمن يتعاطى مخدرات، نحن نتعاطى أسباب الحزن.

· ما هي أسباب الحزن التي نتعاطاها؟ سيوضحها سيدنا جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن سنكمل المعنى اللغوي لكلمة الحزن: هو كما قال ابن منظور: نقيض الفرح وخلاف السرور. فالحزن عبارة عما يحصل بنفس الإنسان بوقوع مكروه او فوات محبوب، إذا ما أسباب الحزن؟ وقوع مكروه أو فوات محبوب.

· الإنسان يحزن على الشيء الماضي كتجربة مؤلمة مر بها، ويحزن على فوات محبوب هو يريده ومتعلق به، ونلاحظ أن الشريعة قد عالجت المشاكل قبل أن ندخل فيها من أجل ألا يكون مردودها على الإنسان في المستقبل الحزن.

· من أين هذا الكلام؟ في الحديث العظيم الذي أتى فيه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: ((يا محمد عش ما شئت فإنك ميت)) أول شيء ينهاكِ عن الحزن هو أنك توشكي أن تموتي، فلماذا تحزني جدا على الدنيا؟! سيدنا جبريل يعلم الرسول ألا يتعاطى أسباب الحزن، ((عش ما شئت فإنك ميت)) ستنتهي.

· من تحزن على البيت الذي لم تبنيه والأرض التي لم تشتريها.


تعليقات