القائمة الرئيسية

الصفحات

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

·      ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًاۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ٢٠ [الحـديد:20]

·      إذاً حتى يكون ذكر الموت مصلحاً للحياة لابد أن أرد عن نفسي قطاع الطريق. قطاع الطريق هم الذين يزينوا لي الحياة الدنيا مثل الهوى والنفس والشيطان فحتى تدفعين ذلك كله تعرف على الله تعرف على ما عند الله   تصور جنة عرضها السماوات والارض، تصور المنازل بين الناس عند الله إذا سئلت ماذا تتمني في الدنيا؟ تقولي اكون طبيبة أكون عالمة.... وفي الجنة تقولي أهم شيء ادخل الجنة.

·      هل تعرفين الفرق بين المنازل يوم القيامة؟ الذين في المنزلة الأدنى يرون الذين في المنزلة الأعلى منازل يعني درجات الذين في الأدنى يرون الذين في أعلى الجنة كما نرى نحن في الدنيا الكوكب الدري هل تري كيف يكون بعيدا؟ فلا تري إلا لمعانه فقط كذلك الذين في المنزلة الدنيا في الجنة يرون الذين في المنزلة العليا هكذا.

·      ولذلك لا يتحسر أهل الجنة إلا على وقت لم يقضونه في ذكر الله سبحان الله! لأنهم يعلمون أن كل تسبيحة تثقل الميزان فترفع درجة العبد فتأتي الحسرة (هم لا يتحسرون هم سعداء) الحسرة تأتيهم على لحظة لم يذكروا فيها الله عز وجل، ولهذا في سورة الفجر تجدين الله عز وجل ماذا يقول على النفس؟

·      ﴿يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ٢٤ [الفجر:24] الآن اكتشف اين هي حياته الحقيقية، هذا الكافر اكتشف أين حياته الحقيقية لكن في توقيت غير مناسب.

·      في سورة الحديد ذكر سبحانه وتعالى أن أرزاقنا مكتوبة ثم قال: ﴿لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [الحـديد:23].

·      فأنت عندما تنضجين فكرياً وعقلياً ستجدين أن الالعاب التي يلعب بها الاطفال لا تناسبك، تذوقين مثلاً شوكولاتة من الاماكن الشهيرة ماذا ستكون قيمة الجالاكسي والكادبوري التي تباع في المحلات العادية؟

·      المقصد هنا: أنك عندما تنضجين عقلياً وترتفعين وترتقين من الداخل لا تشعرين بأن هذا الذي في الأسفل أصلاً متعة، إنما يمتعك أمر أخر امر عالي فتأتيك المتعة لكن ليست بنفس الطريقة وهذا أمر واقعي فأنت تتذكرين حالك وأنت صغيرة تشاهدين افلام الكرتون وتعجبك وتصفقين فرحا وتسعدين لمشاهدتها، وبعد ذلك كبرت اصبحت تقولين ما هذه الاشياء التافهة التي كنا نشاهدها؟ إذاً هكذا الامر في الدنيا لما تصل الى الاخرة تجدين ان هذه الدنيا ما هي! ولا شيء كم كانت سفيهة، أشعرن بهذا الأمر وأحسوا به قبل فوات أعماركم أن هذه الدنيا لا تساوي شيء حتى تحزن عليها، حتى تلهثين وراءها حتى تجعلينها معيار سخطك أو رضاك عن الله عز وجل سأعطيك مثال: لو ابنتك المراهقة يعني أنت وعدتيها أنك تخرجين معها وتذهبن سويا للعشاء مثلاً في الخارج وبعد ذلك لم يتيسر أن تخرجن، فجلست تبكي وتحزن وتبكي، أنت تنظرين لها وأنت كبيرة تقولين ما هذا الذي تفعليه؟! ما لم يتيسر لك اليوم يتيسر غداً ان شاء الله.. ما لم نفعله اليوم نفعله غداً.. ولو ما حصل هذا امر غير ضروري وما في اي مشكلة لماذا تهولين المواضيع؟، هذه حاجة تافهة.. حاجة سفيهة.

·      ان الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها، فها هي أنفسنا وها هي نفس اللذة عندما نضجنا تغيرنا نحن نريد هذا النضج أنا أتكلم عن النضج لن أتكلم عن الزهد.

·      النضج يقلل من قيمة التوافه ويفهمك.. النضج يفهمك ان التوافه قليلة، قليلة القيمة يفهمك أن الدنيا لعبٌ ولهو وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد.

·      فهذه مجرد لذات ستأخذ وقتها وتنتهي فلا أجعلها معيار لسخطي، ان انا أسخط واحزن وكأني انظر للدنيا من منظار اسود واكتئب لماذا؟ فأنت ستموتين وتتركين الدنيا بجميع طيباتها وملذاتها ورائك ولذلك تأتي الحقيقة ((عش ما شئت فإنك ميت))، فما فائدة الغم هذا كله، ما ضرورة هذا الضيق كله؟ بسبب الدنيا! فهنا من هذا الحديث ذكر الموت يطيب الحياة فيجعلك أنضج ويجعل اللذائذ عندك مختلفة:

·      تتلذذين عندما تطوفين في الحرم، تتلذذين عندما تأتيك الريح اللطيفة التي تدخل في أنفاسك وانت تطوفين حول الكعبة او وانت تسعين بين الصفا والمروة فتشعرين أنك ملكت الدنيا وما فيها.

·      تتلذذين إذا جلست جلسة علم عن الله عز وجل وإذا تعلمت كلام الله ستشعرين بارتقاء في قلبك ويملؤك الأنس وأنت تذكرين الله عز وجل، مشاعر... ما تشعرين بلذة مثل لذة حضور مجالس العلم فكون منتبهة! الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأنت ستموتين لا مفر من ذلك فلا تغتم...

·      لو مثلاً ذهبت أنا وابني واسكنته في أحسن مكان في مكة وقلت له نريد أن نزيد ليلة فيقول لا.. أريد أن أذهب لبلدي لدي كذا وكذا وكذا (وكله لهو ولعب) أنت ستقولين له أين عقلك أنت تريد العودة لتفعل ماذا؟ تترك مكة وتضيع الركعة التي في الحرم التي هي بمائة ألف ركعة لتذهب تلعب بلاي ستيشن او تذهب تلهو وتتنزه مع أصحابك او تزور محلات الماركات او تمضي وقتك باللعب بالموبايل؟! وتستنكرين عليه هذه الأمور جداً بيد ان هناك صغار لكنهم ناضجون وهناك كبار لكن لم يصلوا الى درجة النضج إذاً نحن نتعامل معه معاملة الناضج، الناضج عنده يقول في نوع من الانفصال بين اسلوب تفكيره وتفكير غيره.

·      الانسان الناضج لا يتبع توافه الأمور فهو يعلم ما هي الحقيقة والأشياء عنده تأخذ أحجامها يبقى أنت إذا نظرت الى أحد انت ترين عليه علامات الاستخفاف والتفاهة، فلا تأخذين كلامه على محمل الجد، فلماذا هذه الدنيا لا تأخذ حقيقتها عندك؟ الأشياء عند الناضج تأخذ أحجامها بناءً على أنه:

·      أولاً: يعرف الله عز وجل، وكل من عرف الله استراح.

·      ثانيا: يعرف الدنيا ويحصرها في هذه الخمسة واقرأوا السياق سياق الآيات حتى تتصورن وتتدبرن المعاني افتحن كتاب التفسير وانظرن كيف أن الله كتب كل شيء ثم قال: ﴿لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [الحـديد:23].

·      فالمكتوب سيأتيك وستذوقيه فلم القلق والتوتر والحزن والنكد؟ وغير المكتوب لن يأتيك فلا تحزني نفسك هنا ولا تصلي هناك لدرجة الغرور لدرجة كونك ملكتِ شيئاً لأن كل الذي ستملكيه ستتركيه. لماذا؟ لأنك ستموت ((عش ما شئت فإنك ميت)).

·      النقطة الرابعة (من اجل ان يكون ذكر الموت يطيب الحياة):

·      اعرف الناس واعرف حدودهم عندك وثقلهم هذا الذي يجعل ذكر الموت يطيب الحياة، لأني احياناً أريد أن أشتري خاطر هذا فأضيع نفسي وأريد أن أرضي هذا فأضيع نفسي.. وما أريد أن يغضب هذا فأضيع نفسي! وأدور حول رضاهم ثم لما آتي عند الحقوق أجد نفسي لا أتعامل معها وإنما فقط أجامل هذا وأجامل هذا، فأنا لا أرضي أحد أبداً على حساب ديني لا مجاملة في الدين ابداً ليس لكي يرضى زوجي ويسعد بجمالي البس ضيق وبنطلون أو أتبرج وأنا ذاهبة معه للخارج او اختلط بمن لا يجوز لي الاختلاط بهم قال الفضيل بن عياض: "من عرف الناس استراح فلا يطرب لمدحهم ولا يجزع لذمهم فإنهم سريعوا الرضا سريعوا الغضب والهوى يحركهم".

·      تأملن الكلام الجميل للفضيل بن عياض كي لا تجاملن أحداً أبداً على حساب طاعة ربك.

·      لأن الذي يمدحك اليوم سيذمك غداً ومن يذمك اليوم سيمدحك غداً لو أنت فعلاً تقية.

·      قال الفضيل بن عياض "من عرف الناس استراح فلا يطرب لمدحهم ولا يجزع لذمهم فإنهم سريعوا الرضا سريع الغضب والهوى يحركهم" فليس من المعقول أن تضيعين نفسك لأجلهم ولن يرضوا ولو فعلت كذا سيقولون ماذا؟ أسرف ولو كذا سيقولوا بخل ولن ننتهي، إذاً ابداً ابداً ما يكون همك كله كلام الناس.

·      من عرف الناس استراح فلا يطرب ما تطربين وتفرحين جدا بمدحهم وأنت لست على الطاعة ولا يجزع لذمهم هم ليسوا معيار نجاحك أو فشلك أبداً فإنهم سريعوا الرضا سريعوا الغضب والهوى يحركهم.

·      فعندما أقول لك هم ليسوا معيار نجاحك أو فشلك لو هم يريدون أن تحيدين عن الطريق لكن لو أنت حسنة الاخلاق شكرهم فيك ليس معيار لحسن أخلاقك ولو أنت اخلاقك صعبة يكون ذمهم فيك بحق معيار لسوء خلقك.

·      ليس من المعقول أن تضيعين نفسك من أجل الناس (الناس ماذا ستقول؟) لا تضيعي أبداً علاقتك بربك وهو أولى بكِ وهو أحق بكِ من أجل الناس ولن يرضوا فلو فعلت كذا فيقولون أسرف لو فعلت كذا سيقولون بخيلة ولن ننتهي لو تبرجت وارتديت ما يريدونك أن ترتديه وهو خلاف دين الله عز وجل لن يرضوا أبداً، فأنت افهم صح أنت ارض ربك ارضي ربك وأحسني للخلق لكن ليس على حساب ربك عاملي اهل الحقوق من أجل الله.

·      ولا تهجريهم، بل اطلب رضا الله وإذا رضي الله أرضاهم لكن لا تفكرين فيهم هم يا ترى على ماذا؟ يا ترى سيرضون عني ام لا؟ يا ترى سأعجبهم ام لا؟ كل هذا لا تفكرين الا في رضا الله عز وجل.

·      لذلك ورد في الحديث: ((إن قلوب بني أدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحد يصرفه حيث يشاء)).

·      إن قلوب بني أدم كلها بين اصبعين من اصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء فإذا رأيت زوجك أصبح ضدك فتعلق أولاً بمن يملك زوجك ويملك قلبه، واسألي الله عز وجل أن يشرح صدره وأن يوفقك للوصول الى رضاه فيصبح غضبه عليك باباً من أبواب العبادات تلجئين بها الى ملك الملوك وتنكسرين بين يديه وتقول يا رب أنت مالك قلبه والقادر عليه اللهم فاهده لي، اللهم أصلحه لي اللهم قر عيني به ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعينٍ واجعلنا للمتقين إماماً.

·      هذا ربي هو الذي يُسخر لك كل شيء غضب الزوج أو سوء العلاقة باب من أبواب العبادة أنك تدعين وتسألين الله عز وجل أن يعيد قلبه اليك والله لا يعجزه سبحانه وتعالى يعيد قلب الزوج اليك فلن يصبح زوجك صاداً لك عن الطريق بل أصبح سبب ممهّد للطريق.

·      لو توجهت للزوج مباشرةً واعتمدت على حولك وقوتك، سترين نفسك وترينه وقد بدأتم الكلام عادي جداً ثم تقوم نار.. مشكلة حريقة في البيت لماذا؟ لأن قلبي لن يتعلق بالله بل تعلق بفلان فهو لن يرضى وأنا سأنشغل به عن الاخرة ويصبح فتنة لي، فتنة لي في ديني الدنيا لا تمشي مني مباشرةً إنما هي مني الى الله ومن الله الى الزوج.

·      انتبهن! لهذا المثلث ليس أنت التي تنفذي ما تريديه بحولك في اي شيء لا، منك      الله ومن السماء      تنزل تدابير الله الجميلة الى الارض.

·      اذاً افهمن صح، الذي يملك القلوب ويُسخرها ويصلحها ويصلح الأمر: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ٥٤ [الأعراف:54].

·      النقطة الخامسة (من اجل ان يكون ذكر الموت يطيب الحياة):

·      أستعمل عبادتي بالبداية الاستعاذة والاستعانة مما يجعل الموت مصلحاً للحياة استعمال عبادتي (انتبهن! فهذه أعمال قلوب).

·      الاستعاذة: معناها أنك دخلت في جوار الله عز وجل، وتحت كنفه، تطلبين منه أن يحفظك وأن يعصمك من الشيطان، أعوذ بك يعني الجأ اليك فأجرني؛ "قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه".

·      كذلك الاستعانة: وهي طلب العون، تدرّبن على طلب العون من الله في صغير أمورك قبل كبيرها أن تجعليه كافيك ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كيف أنعم؟)) أنظرن لكلام النبي صلى الله عليه وسلم. يقول: ((كيف أنعم وصاحب القرن -وهو سيدنا اسرافيل الذي سينفخ في الصور- قد التقم القرن واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ)) يؤمر بالنفخ فصعق من في السماوات ومن في الارض كلهم سيموتون.

·      فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي صلى الله وسلم فقال لهم: ((قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا)).

·      أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم للاستعانة بالله للتوكل على الله، لجعل الله عز وجل كافيهم ما أهمه الذي هو طلب العون والقوة للتوكل على الله الذي هو اعتماد القلب على الله عز وجل في دفع الضر وجلب النفع، لجعل الله عز وجل كافيهم ما أهمهم.

·      فيقول لك العلماء أن الاخرة تهمك وهي هم من همومك فاطلب من الله أن يكفيك كل ما يهمك معنى ذلك أن مبدأ الأمر ومنتهاه هو التعلق بالله.

·      أن تستعين بالله مبدأ الأمر ومنتهاه وأن تكتفي بالله مبدأ الأمر ومنتهاه، أي تسأل الله ان يرشدك الى اعمال صالحة سببا لنجاتك وقت ما تلقى الله.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك.


تعليقات