صاحب البصيرة إذا أذنب
إن صاحب البصيرة إذا صدرت منه الخطيئة فله نظرة إلى خمسة أمور:
1. ينظر إلى الوعد والوعيد، فيُحدث له ذلك خوفًا وخشيةً يحمله على التوبة.
2. ينظر إلى أمر الله تعالى له ونهيه، فيُحدث له ذلك الاعتراف
بكونها خطيئة، والإقرار على نفسه بالذنب..........
3. النظر إلى محل الجناية ومصدرها، وهو النَّفس الأمارة بالسوء، ويفيده نظره إليها أمورا منها: أنْ يعرف أنَّها جاهلة ظالمة، وأنَّ الجهل والظلم يصدر عنهما
كلُّ قول وعمل قبيح، ومَن صِفَتُه الجهل والظلمُ ....
4. نظره إلى الأمر له بالمعصية ( الشيطان )، المُزيّن له فعلها، الحاضّ له
عليها، وهو شيطانه المُوَكَّل به.
واتخاذه عدوا، وكمال الاحتراز منه، والتحفظَ واليقظة، والانتباه ما يريده منه عدوُّه وهو لا يشعر، فإنَّه يريد أن يظفر به
في عقبة من سبع عقبات:
العقبة الأولى : عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه، وصفاتِ كماله، وما أخبَرَتْ
به رسله عنه، فإنَّه إن ظَفِرَ به في هذه العقبة بَرَدَتْ نارُ عداوته، واستراح معه،
فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان؛
العقبة الثانية: وهي عقبة البدعة،
إما باعتقادِ خلافِ الحقِّ الذي أرسل الله
به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأْذَنْ به من الأوضاع والرسوم
المُحْدَثة في الدِّين، التي لا يَقبَلُ الله منها شيئًا.
العقبة الثالثة: وهي عَقَبةُ الكبائر، فإنْ ظَفِر به فيها زَيَّنَها له، وحَسَّنها في
عينه، وسَوَّف به وفتح له باب الإرجاء.
فإِنْ قَطَعَ هذه العقبةَ بعِصْمةٍ مِن الله، أو بتوبةٍ نَصُوحٍ تُنْجِيه...
العقبة الرابعة: وهي عقبة الصَّغائر، ولا يزال الشيطان يُهوّن عليه أمرها حتى يُصرَّ عليها، فيكون
مرتكب الكبيرة الخائفُ الوَجِلُ النادمُ أحسن حالا منه؛ فإنَّ الإصرار على
الذَّنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار،
وقد قال : «إِيَّاكُمْ ومُحَقَراتِ الذُّنُوبِ»، ثُمَّ ضَرَبَ لذلكَ مَثَلًا بقَوْمٍ نَزَلُوا»
بفَلاةٍ مِنَ الأرضِ ، فأَعْوَزَهُمُ الخَطَبُ، فجَعَلَ يَجِيءُ هذا بِعُودٍ، وهذا بعُودٍ،
حتَّى جَمَعُوا حَطَبًا كثيرًا، فأَوْقَدُوهُ نارًا، وأنضَجوا خُبْزَتَهُمْ، فكذلكَ شَأْنُ ذو
مُحَقَّراتِ الذُّنُوبِ؛ تَجَتَمِعُ على العَبدِ وَيَستَهِينُ بشأنها حتَّى تُهْلِكَهُ».
العقبة الخامسة: وهي عقبة المباحات التي لا حَرَجَ على فاعِلِها، فشَغَلَه
بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لعادِة، ثُمَّ طمع
فيه أن يستدرجه منها إلى تَرْكِ السنن،
ثم مِن تَرْك السُّنَن إلى تَرْك الواجبات،
وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة، والمنازل العالية،
ولو عَرَفَ السِّعْر لما فوت على نفسه شيئًا من القُربات، ولكنَّه جاهل بالسعر.
فإِنْ نَجَا من هذه العقبة ببصيرة تامة،
ونور هادٍ، ومعرفة بقدر الطاعات
والاستكثار منها، وقلَّةِ المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرم المشتري،
وقدر ما يُعَوَّض به التَّجَّار، فبخل بأوقاته ، وضَنَّ بأنفاسه أن تذهب في غير ربح طَلَبَه العدو .
العقبة السادسة وهي عقبة الأعمال المرجوحة
فأمَرَه بها، وحسنها في عينه، وزيَّنها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح؛ ليشغله بها عما هو أفضل منها، وأعظم كسبا وربحًا؛ لأنَّه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طَمِعَ في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية، فشَغَلَه بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الرَّاجح ، وبالمحبوب الله عن الأحب إليه، وبالمَرْضِيّ عن الأرْضَى له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأُول.
فإِنَّ في الأعمال والأقوال سيّدًا ومَسُودًا، ورئيسًا ومرؤوسًا، وذِرْوَةً وما دونها،؛
العقبة السابعة وهي عقبةُ تسليط جُنْدِه عليه بأنواع الأذى، باليد واللسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما عَلَتْ مرتبتُه أجلب عليه بخيله ورجله، وظاهَرَ عليه بِجُنده، وسلَّط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط، وهذه العقبة لا حِيلَة له في التخلص منها ، فإنَّه كلَّما جد في الاستقامة والدعوة والتوبة إلى الله تعالى، والقيام بأمْرِه جَدَّ العدو في إغراء السُّفهاء به، فهو في هذه العَقَبة قد لبس لأمَةَ الحرب، وأخذ في محاربة العدو لله وبالله، فعبودِيَّتُه فيها عبوديَّةُ خَوَاصٌ العارفين، وهي تُسمَّى عبوديَّةَ المُراغَمة، ولا ينتبه لها إلا أُولُو البصائر التَّامَّة، ولا شيء أحَبُّ إلى الله من مُراغَمةِ وَلِيّه لعدوه، وإغاظته له..
(من كتاب الإكسير)
الدرس السابع
🌹محاضرة الأستاذة أمنية بنت محمد 🌹
1. ينظر إلى الوعد والوعيد، فيُحدث له ذلك خوفًا وخشيةً يحمله على التوبة.
2. ينظر إلى أمر الله تعالى له ونهيه، فيُحدث له ذلك الاعتراف
بكونها خطيئة، والإقرار على نفسه بالذنب..........
3. النظر إلى محل الجناية ومصدرها، وهو النَّفس الأمارة بالسوء، ويفيده نظره إليها أمورا منها: أنْ يعرف أنَّها جاهلة ظالمة، وأنَّ الجهل والظلم يصدر عنهما
كلُّ قول وعمل قبيح، ومَن صِفَتُه الجهل والظلمُ ....
4. نظره إلى الأمر له بالمعصية ( الشيطان )، المُزيّن له فعلها، الحاضّ له
عليها، وهو شيطانه المُوَكَّل به.
واتخاذه عدوا، وكمال الاحتراز منه، والتحفظَ واليقظة، والانتباه ما يريده منه عدوُّه وهو لا يشعر، فإنَّه يريد أن يظفر به
في عقبة من سبع عقبات:
العقبة الأولى : عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه، وصفاتِ كماله، وما أخبَرَتْ
به رسله عنه، فإنَّه إن ظَفِرَ به في هذه العقبة بَرَدَتْ نارُ عداوته، واستراح معه،
فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان؛
العقبة الثانية: وهي عقبة البدعة،
إما باعتقادِ خلافِ الحقِّ الذي أرسل الله
به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأْذَنْ به من الأوضاع والرسوم
المُحْدَثة في الدِّين، التي لا يَقبَلُ الله منها شيئًا.
العقبة الثالثة: وهي عَقَبةُ الكبائر، فإنْ ظَفِر به فيها زَيَّنَها له، وحَسَّنها في
عينه، وسَوَّف به وفتح له باب الإرجاء.
فإِنْ قَطَعَ هذه العقبةَ بعِصْمةٍ مِن الله، أو بتوبةٍ نَصُوحٍ تُنْجِيه...
العقبة الرابعة: وهي عقبة الصَّغائر، ولا يزال الشيطان يُهوّن عليه أمرها حتى يُصرَّ عليها، فيكون
مرتكب الكبيرة الخائفُ الوَجِلُ النادمُ أحسن حالا منه؛ فإنَّ الإصرار على
الذَّنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار،
وقد قال : «إِيَّاكُمْ ومُحَقَراتِ الذُّنُوبِ»، ثُمَّ ضَرَبَ لذلكَ مَثَلًا بقَوْمٍ نَزَلُوا»
بفَلاةٍ مِنَ الأرضِ ، فأَعْوَزَهُمُ الخَطَبُ، فجَعَلَ يَجِيءُ هذا بِعُودٍ، وهذا بعُودٍ،
حتَّى جَمَعُوا حَطَبًا كثيرًا، فأَوْقَدُوهُ نارًا، وأنضَجوا خُبْزَتَهُمْ، فكذلكَ شَأْنُ ذو
مُحَقَّراتِ الذُّنُوبِ؛ تَجَتَمِعُ على العَبدِ وَيَستَهِينُ بشأنها حتَّى تُهْلِكَهُ».
العقبة الخامسة: وهي عقبة المباحات التي لا حَرَجَ على فاعِلِها، فشَغَلَه
بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لعادِة، ثُمَّ طمع
فيه أن يستدرجه منها إلى تَرْكِ السنن،
ثم مِن تَرْك السُّنَن إلى تَرْك الواجبات،
وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة، والمنازل العالية،
ولو عَرَفَ السِّعْر لما فوت على نفسه شيئًا من القُربات، ولكنَّه جاهل بالسعر.
فإِنْ نَجَا من هذه العقبة ببصيرة تامة،
ونور هادٍ، ومعرفة بقدر الطاعات
والاستكثار منها، وقلَّةِ المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرم المشتري،
وقدر ما يُعَوَّض به التَّجَّار، فبخل بأوقاته ، وضَنَّ بأنفاسه أن تذهب في غير ربح طَلَبَه العدو .
العقبة السادسة وهي عقبة الأعمال المرجوحة
فأمَرَه بها، وحسنها في عينه، وزيَّنها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح؛ ليشغله بها عما هو أفضل منها، وأعظم كسبا وربحًا؛ لأنَّه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طَمِعَ في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية، فشَغَلَه بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الرَّاجح ، وبالمحبوب الله عن الأحب إليه، وبالمَرْضِيّ عن الأرْضَى له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأُول.
فإِنَّ في الأعمال والأقوال سيّدًا ومَسُودًا، ورئيسًا ومرؤوسًا، وذِرْوَةً وما دونها،؛
العقبة السابعة وهي عقبةُ تسليط جُنْدِه عليه بأنواع الأذى، باليد واللسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما عَلَتْ مرتبتُه أجلب عليه بخيله ورجله، وظاهَرَ عليه بِجُنده، وسلَّط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط، وهذه العقبة لا حِيلَة له في التخلص منها ، فإنَّه كلَّما جد في الاستقامة والدعوة والتوبة إلى الله تعالى، والقيام بأمْرِه جَدَّ العدو في إغراء السُّفهاء به، فهو في هذه العَقَبة قد لبس لأمَةَ الحرب، وأخذ في محاربة العدو لله وبالله، فعبودِيَّتُه فيها عبوديَّةُ خَوَاصٌ العارفين، وهي تُسمَّى عبوديَّةَ المُراغَمة، ولا ينتبه لها إلا أُولُو البصائر التَّامَّة، ولا شيء أحَبُّ إلى الله من مُراغَمةِ وَلِيّه لعدوه، وإغاظته له..
(من كتاب الإكسير)
الدرس السابع
🌹محاضرة الأستاذة أمنية بنت محمد 🌹
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل وسنجيبك فور مشاهدة التعليق