القائمة الرئيسية

الصفحات

 


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان

الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

   إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

·      طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا..

·      أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء لقاءً مباركاً مرحوما وأن يرزقنا نور العلم عنه سبحانه وتعالى.

·      اليوم نحن مع اسم من أسماء الله جل وعلا، وأسماء الله جل وعلا كلها حسنى،

·      وهذا الاسم العظيم، اسم الله الحكيم.

·      أبداً ما تستقيم حياة المسلم إلا بمعرفة الله عز وجل باسمه الحكيم؛ ومعرفة الله باسمه الحكيم له أثر مباشر على حسن الظن بالله، وله أثر مباشر على الرضا بأقدار الله؛ وله علاقة وثيقة جداً من الناحية النفسية بقوة النفس وعدم هلعها وجذعها، فغاية اطمئنانها في الركن والملجأ الى ربها الحكيم بعلمه الرحيم بما قدر، واسم الله الحكيم له علاقة قوية جداً بثبات الموحدين، الذين يؤمنون بوحدانية الله عند ورود الشبهات التي قد تؤدي بهم إلى الالحاد وما يسمى بظاهرة الالحاد نسأل الله أن يجنبنا وأولادنا ويرد المسلمين إلى دينه مرداً جميلا، وهذه الظاهرة أول ما نرى مرسل رسائلها نعرف أن عنده خلل رئيسي في معرفة أن الله عز وجل حكيم.

·      الخلل الرئيسي في معرفة أن الله عز وجل حكيم يؤدي به "إلى الخلل النفسي" عند ورود أي وساوس مهما كانت قليلة، يشعر أن هذه الوساوس تحركه ليلاً ونهاراً، كل هذا من عدم معرفة الرب جل وعلا باسمه الحكيم.

·      فالطريقة الوحيدة للثبات؛ الأصل الأول من أصول الإيمان الذي جاء به جبريل عليه السلام لما سأل النبي ما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله....)) ثم بقية أصول الإيمان كلها معتمدة على هذا الأصل.

·      اسم الله الحكيم سيرد على تساؤلات كثيرة جداً، مثل لماذا يحدث لي هكذا؟ هذا أول تساؤل والجميع يرد عليه هذا التساؤل لماذا يحدث لي هذا؟ ما أهمية هذا؟ ما الحكمة من هذا؟ كل هذه التساؤلات شُبه يلقيها الشيطان في صدر العبد، لماذا حظي هكذا؟ لماذا أنا من دون الناس؟ ...

·      كل لماذا؟ هي عنوان إيمانك والطريقة التي يستدل بها على معرفتك ويقينك باسم الله الحكيم، اسم الله الحكيم لن ينتهي لا في حلقة ولا اثنين، فنسأل الله عز وجل أن يرزقنا الصبر على الفهم.

·      لا تنزعج عندما تمر عليك عبارات لا تفهمينها فهم يسير لأنك ان لم تفهميها هذه المرة فسوف تفهمينها في المرات القادمة فالذي يجاهد ليفهم عن ربه فإن الله هو الذي يُفهمه لأننا دائماً نستغيث بالله. "يا معلم آدم علمني، يا مفهم سليمان فهمني"، الله هو الذي يُعلّم، والله جل وعلا هو الذي يُفهّم بفضله ومنته.

·      بدايةً ماهي معلوماتك عن اسم الله الحكيم؟ ما هو المقصود بأن الله سبحانه وتعالى حكيم؟

·      نستطيع القول ان الحكيم يأتي من الحكمة، والحكمة هي إصابة الصواب في القول والعمل. أي أن الله عز وجل حكيم، في كل شيء يقدره للعبد لابد وأن يكون له مصلحة فيه، وكل شيء يشرعه هو الأفضل لعبده. هذه معلومات إجمالية.

·     الحكيم يتعالى أن يظلم الناس، لأن الحكمة تقتضي كمال العدل، لأن الذي يقدر الأمور وينزلها في منازلها لا يقول إلا حقاً، ولا يفعل إلا صواباً، وهذا هو العدل. ولذلك إذا ما مسنا طائف من الشيطان بأن الله قد ظلمك "حاشاه" سبحانه، يجب ان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ونقول: ﴿مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ[النساء:147].

·      فإذا ما أحسست بضيق صدري وأن أموري متعثرة دون سبب، ويتهيأ لي أنني دون غيري أتعذب بالدنيا ومشاكل لا لابد وأن أراجع نفسي فورا.. أؤمن وأشكر، وأبدأ بالإيمان بجميع أسمائه جل وعلا وجميع صفاته وجميع أفعاله، وكل خبر أتى عن الله جل وعلا.

·      من معاني الحكمة "أنه يعطي كل أحد ما يستحقه" -وهذا جواب لمن يقول هذا الشخص لا يستحق كذا وكذا او لما يحدث لي هذا؟ - فحكمة الله تتنزه، بمعنى يتعالى الله، ويتقدس، لا يحدث منه أبداً أنه يعطي أحد شيء لا يستحقه، أو يحرم أحد شيء يستحقه، المنع والعطاء لمصلحة. إذاً عندما يؤتى شخص شيء وأنت ترى أن هذا الشيء كثير عليه فهذا لمصلحة -كشخص لا يستحق مركزه الهام أو شهرته وعلو شأنه الذي هو فيه-، "سيأتي في آخر الزمان قوم يتولون الأمر وهم ليسوا من أهله، فتسأل لماذا أعطاهم الله؟ لأن من تحتهم يستحقوا هذا -مصلحة- لأنهم لن يرجعوا إلى الله إلا عندما يولى عليهم هذا، ويتساءلوا لما يحدث لنا هذا ويبدؤوا في التصحيح، فمن يعتقد في الله جل وعلا أنه حكيم فإن الله يريه الحِكم والعِلل.

·      مثال اخر لزوجة تريد أن تلتزم، وتكون طالبة علم، ولكن زوجها لا يساعدها وتتساءل كيف أن هناك رجال ملتزمون وزوجاتهم غير ملتزمات والعكس، فهي لم تكن لتفر الى العلم لولا الخوف من الفتن التي تعرض عليها.

·      وأخرى أيضاً حالتها المادية ضعيفة وهذه ايضا يوجد حكمة لأمرها هذا كل إنسان يأخذ ما يستحقه، كل إنسان يأخذ ما فيه مصلحة له.

·      أحياناً قد تتأخر فتاة عن الزواج بالرغم من انها ممتازة في ادارة الأعمال المنزلية والميزانية ولديها علم ما تربي به الأولاد ويظهر ذلك عند تدريسها وتعليمها لغيرها لكنها حرمت الزواج وحرمت الأطفال، ومن ليس لديها فكرة عن هذه الأمور تزوجت؛ فتقول عجيب! -وكلمة عجيب فيها اعتراض- فهذا كله لحكمة.

·      أحياناً نجد أما تعليمها بسيط جدا بالكاد تطعم أولادها وتنظفهم مع ذلك يصبح أولادها من أفضل ما يكون، وأم أخرى تعلم الابناء ليل نهار لكنهم لا يستجيبون؛ فنجد أن كل شيء له حكمة، يكفيها من أمرها أن الله يعلمها ويربيها لتعلم أنه ليس بحولها ولا بقوتها -ولكن كل بحول الله وقوته، فلو أن ابنها وصل الى ما وصل اليه وهذا ما نراه على لسان حال بعض الامهات التي تقول ان ما وصل اليه ابنها لم يكن ليصل اليه الا نتيجة لسهرها وتربيتها وتعبتها عليه! أفيقي أختاه فلولا الله وعنايته وحسن تدبيره لأمرك وأمر ولدك وحوله تعالى وقوته ما كان ولا كنت، ورغم ذلك فأنت مطالبة بالعمل في هذه الجزئية، تأخذي بالأسباب ثم نترك الأمر لله، تستعيني بحول الله وقوته ثم تستسلمين لحكمته تعالى وحسن أقداره، ومن المهم أن ندفع القدر بالقدر وهذا يأتي بالدعاء وبذل الجهد وحسن التوكل، مع اليقين أنك تفرين من قدر الله الى قدر الله، فكل شيء خلقه سبحانه بقدر. وسيأتي باب واسع في الكلام عن الحكيم أن عليك ان تبذلي أقصى ما تستطيع لأن الذي يبذل أقصى ما يستطيع يدفع القدر بالقدر هذه نقطة سنتناولها بتوسع إن شاء الله.

·      هناك تساؤلات كثيرة، من ضمن الأشياء التي تثير وجدانك والتي تعرفك أننا فعلاً كأمهات وكمربيات لابد.. لابد أن نتكلم مع أولادنا في الأسماء والصفات.

·     في الحديث حول الملحدين، جاءتني رسالة من سائلة حزينة على أبو لهب! وتقول في الرسالة أما يتنزه ربنا أن يقول لأبو لهب تبت يدا أبي لهبٍ وتب؟ أما يتنزه الرب أن يهلك عبدا؟ -انا اتعجب كيف خرج هذا الكلام من لسان وقلب مؤمن بالله!! - فهي لو عرفت كمال عدل الله لقالت هذا ما يستحقه لأنه هو أراد ذلك بمحمد ﷺ، أراد بنبيه ﷺ الذي يبذل أقصى ما يستطيع لهداية الناس أن يهلك، وأعدوا له العدة لإهلاكه؛ فكان من كمال حكمة الله أن يهلك أبو لهب، وأن يبشره بالهلاك.

·      فعندما نرى رسائل الملحدين تعرف أننا إذا لم نعلم أبناءنا الأسماء والصفات، ولم نعلم المسلمين كلهم الأسماء والصفات فنحن طرف في الجريمة التي تحدث، نحن طرف من دون ما نشعر أننا طرف فيها.

·      فهذا العلم العظيم لابد أن يكون فيه يقظة، يقظة أنك تظل مع العلم عن الله ليل نهار حتى يدفع عنك الشبهات، لابد أن يكون هناك تعقل أن تدعو إليه حتى لا نحمل إثم هؤلاء الذين يسقطون في الالحاد، هناك شباب يقعون كل يوم، لماذا يقعون؟ 

·      لأنه تأتي لهم رسائل عبارة عن لخبطة فكرية، عندما نرى رسائل الملحدين نشعر أن هناك خلل رهيب في الأفكار، ليس هناك ترتيب أفكار، ويمكن أن تحدث لشخص التزم دون أن يأخذ بهذا العلم، ولذلك تجدي شخص قد يكون قد درس "فقه وتوحيد وعلوم شرعية وحافظ للقرآن دون تدبر"، وعندما يرى المجازر التي تحدث للمسلمين فيقول أين الله؟ وكم إمام وصل لدرجة أنه يصلي بالناس لكن ما عنده الفهم عن الله، وما تعلم عن ربه الذي يصلي له أن له حكمة، وأنه يصطفي من عباده شهداء، وأنه يُرجع الأمة بالسراء، والضراء والبأساء والنعماء. وقد حدث هذا للمسلمين وكان هذا الشخص مشهور جداً -الحقيقة أننا نخاف على أنفسنا من مكر الله وعدم الثبات اللهم أرزقنا الثبات ما حيينا- فعندما رأى المجازر قال أين الله؟ لماذا لا يمنع بشار عن ذبح المسلمين؟ وألحد.

·      فيتبين لك أنك مهما أخذت من علوم ما لم تأخذي بهذا العلم الشريف فنحن على شفا جرف هار.

·      هناك حرب فكرية.

·      ربي سبحانه وتعالى قالها لكننا لم نتدبرها يوماً إلى أن وصلنا لتدبر سورة البقرة: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا[البقرة:217].

·     أعرف ما يدور حولك وابدأي بعمل حصن حصين حول أولادك وحول أصدقائك ومن تحوط به شفقة قلبك ومجتمعك المسلم. فنسأل الله عز وجل أن نكون إماماً للمتقين اللهم امين.

·      نبدأ بالتعريف باسم الله [الحكيم]:

·      قال ابن القيم رحمه الله في تعريف اسمه الحكيم: الذي إذا أمر بأمر كان المأمور به حَسناً في نفسه.

·      بمعنى إذا أمر الله المرأة أن تتغطى جميعها فهذا الأمر حسناً في نفسه لماذا؟

·      لأن الذي خلقك هو أعلم بك، وأعلم بما يصلحك وما يفسدك، فعندما يأمر بأمر فبالمنطق لماذا يأمرك بهذا الأمر قبل أن يكون بالإيمان؟ إلا لأنه خيراً في نفسه، وإذا نهى عن شيء كان النهي عنه لأنه قبيحاً في نفسه، عندما ينهى الله جل وعلا عن الزنا نسأل الله السلامة والعافية بالرغم أن الزنا تحقيق لذة جنسية إلا أنه إذا لم يكن بالطريقة الحلال قبيحاً في نفسه، يأتي بالبهيمية، يأتي بسوء الحالة النفسية، يأتي بالأمراض، يأتي بانخلاع العبد من كل ما يكون حياءً من الله جل وعلا، فهو قبيح في نفسه، الربا قبيح في نفسه، فيه ظلم.

·      فالحكيم الذي إذا أمر بأمر كان المأمور به حسناً في نفسه؛ شرح عبد العزيز ابن ناصر الجليل "وإذا أخبر بخبر كان صدقاً" فكل ما أتى عن الله صدق بمعنى عندما يقول ربنا سبحانه وتعالى لك أنه ﴿لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ[الشورى:19] فلابد أن تصدق ويسيطر على مشاعرك أنه إذا وقعت مصيبة لك فإن الله عز وجل سيشملك برحمته إن صدقت في اللجوء إليه.

·      امرأة تظل تتعبد وتجاهد ثم يأتي لها الشيطان ما أهمية كل هذا؟ فعندما يكون عندها ثقة بأن الله إذا أخبر بخبر كان صدقاً تقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ٦٩[العنكبوت:69] أول ما يأتيها وساوس وخواطر رديئة، يأتي لها هذا الخبر ليثبتها. فلو جاهدت سيجعلك الله في معيته.

·      إذاً فالحكيم إذا أخبر بخبر كان صدقاً وإذا فعل فعلاً كان صواباً، تقول احداهن انا اعمل ليل نهار أو لدي العديد من الشهادات لكنني مع ذلك فقيرة وغيري يعملون ساعات قليلة أو ليس عندهم من الشهادات ما لدي لكنهم ميسور والحال اعلمي أختي أن الله عز وجل إذا قضى أمراً كان فعله صواباً، فكوني مطمئنة وآمنة داخلياً أن كل شيء فيه حكمة، وإذا أراد شيئاً كان أولى بالإرادة من غيره.

·      ففي كتاب عبد العزيز وكتاب عبد الرزاق عبد المحسن البدر، ورد اقتران الحكيم بالعزيز فقط ستة وأربعين مرة كي نعلم أن له عزة أن يُنفذ حكمته ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ٨٢[يس:82] مهما حدث.

·      كم مرة ورد اسم الله الحكيم في القرآن؟

·      واحد وتسعين مرة قرابة المئة، منهم ستة واربعين مرة اقتران العزيز بالحكيم، وهذا الوصف على الكمال لا يكون إلا لله وحده.

·      وقال من أسمائه سبحانه العدل الحكيم ما معنى الحكيم؟

·      لا يضع الشيء إلا في موضعه "فهو المحسن الجواد الحكيم العدل في خلقه، وفي كل ما وضعه في محله وهيّأه له"، وهذا كلام ابن القيم، هذا معنى آخر، فالمعنى الأول كان الذي إذا أمر بأمر كان المأمور به حَسناً في نفسه، وإذا نهى عن شيء كان النهي عنه لأنه قبيحاً في نفسه. ركزي جيدا، واحفظ هذا الكلام لأنه يثبتك عند ورود الملمات.

·      فقد يسأل البعض لماذا ينهانا الله عن إطلاق البصر؟، لماذا ينهانا الله عن التبرج؟، لماذا لا نعيش الحياة؟

·     ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[الأحزاب:33] لأن التبرج قبيح في نفسه.

·      ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا[آل عمران:130] لماذا؟ على نفس الشيء الذي نهى عنه الله سبحانه وتعالى التبرج والزنى.

·      لا يضع الشيء إلا في موضعه فهو المحسن الجواد الحكيم العدل، العدل مرتبط ارتباط قوي جداً جداً بالحكمة وطبعاً كل الصفات الفعلية لله -ركزي معي- تدور حول الحكمة والعدل والرحمة والفضل، الصفات الفعلية كلها لله تدور حول هذه الصفات الأساسية (الحكمة والعدل والرحمة والفضل) ﴿مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ[النساء:147]

·      الرحمة أول شيء يعامل به العبد وفق مصلحته، من الجائز أن نرى شيء يغلب عليه ظننا أنه ليس رحمة وهو عين الرحمة يسبقه علم الله جل وعلا وحكمته بهذا العمل. فكل أفعال الله تدور حول هذه الصفات.

·      وفي كل ما وضعه في محله وهيأه له، وقال ابن القيم: من أسمائه الحكيم، والحكمة من صفاته سبحانه تستلزم وضع كل شيء موضعه الذي لا يليق به سواه فاقتضت خلق المتضادات -سنبدأ في ألغاز في كلام ابن القيم- وتخصيص كل واحد منهما بما يليق به غيره من الأحكام والصفات والخصائص، وهذا من تمام الحكمة بذلك، فوجود هذا النوع من تمام الحكمة كما أنه من تمام القدرة.

·      "اقتضت الحكمة خلق المتضادات" المتضادات مثل ماذا؟

·     الفقر والغنى، الصحة والمرض، العطاء والمنع، السعادة والشقاء، واعظ الرحمن في قلب المؤمن ووسوسة الشيطان، لمن يقول لماذا خلق الله إبليس؟ لم نكن لنريده. هذا من حكمة الله وعدله أن يكون هناك اختبار، أنظري لنفسك إذا ما جاء موعد الاختبار تجدين ربك وقد فتح عليك ويعلمك كيف تنجحين في الاختبار ويحذرك ثم يعرض عليك مقياس لنجاحك أو رسوبك، وإلا فإنه يتنافى مع التفكير السوي أن كل الناس يدخلون الجنة مع اختلاف أعمالهم، أي أن سيدنا آدم وحواء كانوا في الجنة وجميعنا نولد في الجنة، هناك أشياء الله يعلمها ونحن لا نعلمها، لكن من البداية انتِ تعرفين أن خلق المتضادات هذا من حكمة الله، وحكمته لها إرادة، وهو قادر على إنفاذ إرادته، يريد الله جل وعلا لمن انطوت قلوبهم على حب الله والرغبة في طريقه والجهاد إليه أن يدخلهم الجنة وسييسر لهم ذلك، وإرادة الله جل وعلا اقتضت أن يعلم الناس ثم يقول لهم: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ[الكهف:29] إرادة الله وحكمته اقتضت أن العبد يكون له قدرة ومشيئة تحت قدرة الله وإرادة الله، كل هذا موجود، أن يكون هناك نداءات من الله جل وعلا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا... .

·     ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا...

·     ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا...

·      أكثر من ثمانية وتسعين موضع في القرآن، نداءات، كلام لله جل وعلا، ثم يأتيك كلام من الشيطان -فأنت التي تحددين- فخلق المتضادات له حكمة ومصلحة، وهذا من تمام الحكمة كما أنه من تمام القدرة.

·      وقال أيضاً -وهذه كلها معاني للحكمة-: "الحكيم الباهر الحكمة هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه، إذا كان طريقاً إلى ذلك المحبوب، ووجود الملزوم بدون وجود لازمه محال"، وماذا يعني هذا الكلام؟

·      -قولوا يا معلم آدم علمنا يا مفهم سليمان فهمنا- الحكيم سبحانه وتعالى "هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه".

·      ومعناه: أن الله جل وعلا يبغض الفساد، يبغض الحرام، يبغض إبليس ووساوسه؛ لكن نجاح المؤمن في غلبة إبليس هو طريقه للوصول إلى الجنة وهذا ما يحبه الله لعباده الصالحين، ما معنى الصالحين؟ -لابد أن يكون لدينا تيقظ لهذا المعنى- العبد الصالح هو من يصلح لمجاورة الرب في جنات النعيم.

·      فانظروا حكمة الله..

·      ابن القيم يقول "الحكيم الباهر الحكمة" بمعنى أن حكمة الله لابد أن تلفت نظرك "هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه إذا كان طريقاً إلى ذلك المحبوب".

·      من ضمن الأشياء التي ينطبق عليها هذا الكلام أن الله جل وعلا إذا أحب أحدا سبحانه وتعالى يصطفيه شهيداً، العبد يكره الموت والله جل وعلا يكره مساءته، ولكن الله يحب أن يصطفي هذا العبد ويصطفي من عباده الشهداء فيحدث الموت. الذي هو شيء الله جل وعلا يكره لعبده أن يُساء بهذا، حينما يقبض الله جل وعلا فلذة الأم نسأل الله أن يربط على كل قلب أم فقدت ابناً لها او بنتاً لها يا رب الذي يحدث هو أن يكون هناك ألم شديد في قلب الأم اللهم ربنا عافنا وكل مسلمة من هذه النار التي تحدث في القلب الله جل وعلا ما يحب لعبده أن يحزن هذا الحزن الشديد، والله يحب عباده ابتداءً، لكن الله يريد لهذه الأم مكانة معينة بيت يسمى بيت الحمد. "فتنال هذا المحبوب أحب الأمرين باحتمال المكروه الذي يبغضه سبحانه وتعالى"، إذا كان طريقاً إلى ذلك المحبوب ووجود الملزوم بدون وجود لازمه محال كيف سيحدث بيت الحمد غير مع فقد الابن؟ ولذلك في الحديث القدسي يقول الله جل وعلا: ((قبضتم ولد عبدي قبضتم ثمرة فؤاده... انظروا علم الله جل وعلا الذي يدل فعلاً أنه هو الخالق ويعلم حال عباده فيقولوا: نعم يا رب. فيقول -وهو أعلم ((وماذا قال عبدي؟ فيقولوا: حمدك واسترجع. فيقول: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)) أخرجه الترمذي. فالله أوصله إلى أحب شيء باحتمال مكروه فالله لا يحب لعبده أن يتألم سبحانه وتعالى ولكن يحب أن يرفعه لدرجة عالية فسبحان من يوصّل عباده إلى ما يريد بلا بلاء.

·      الله يستطيع لكنه له حكمة أي مصلحة فيما يحدث، ونجد أن من المؤكد أن المصائب العظام التي هي احتمال مكروه توصّل القلب لقوة التعلق بالله وحده؛ أي أنه من الأشياء التي تؤدي إلى التعلق بالله وحده أن يتزوج الزوج بأخرى فهذا فعلاً اختبار للتعلق، صدقاً أو أن يموت أحب الأبناء أو يسافر أو يجفوها، فكل هذه اختبارات حكمة من الله أو أن تكون بارع في أمر ما ويحدث شيء يجعلك عاجز، كالطبيب البارع في تخصص معين ويصاب أحد أبناءه بهذا المرض فيعجز عن علاجه، أولاد أئمة يتعرضون للفساد فقال لك وجود الملزوم بدون وجود لازمه محال، فانظروا لبقية حديث ابن القيم فإن يكن حصل بعدو الله إبليس -سيبدأ في الرد على الشبهات التي لدى الناس- فإن يكن حصل بعدو الله إبليس من الشرور والمعاصي ما حصل فكم حصل بسبب وجوده وجنوده من طاعة.

·      الأخت الغافلة، أو التي لديها ثقة في نفسها وتشعر أن أحدا لا يستطيع أن يؤذيها أو واثقة أن الشيطان لن يجد اليها سبيلا، ثم تبتلى بتسلط الشيطان عليها ليل نهار أو تسحر أو حتى بدون سحر تفاجأ بتسلط إبليس وجنوده عليها نتيجة ضعف ذكرها لله وتبدأ في الوقوع ثم يحدث أن تصبح عالمة فوالله أحد الحالات التي كانت مصابة بوسواس رهيب أسأل الله أن ييسر لها أمرها لدرجة أنه من شدة التسلط قالت لي أنا أسمع أصواتهم، والله جلسنا معاً السنين وآخر السنين إذا هي داعية من أصدق وأطيب الداعيات، كانت هذه المحنة سبب لمزيد من الطاعة وأن تكون في مكانة أحب وأرضى إلى الله.

·      فماذا قال ابن القيم "فكم حصل بسبب وجوده ووجود جنوده من طاعة هي أحب إلى الله وأرضى له من جهاد في سبيله، ومخالفة هوى النفس وشهواتها له وتحمل المشاق والمكاره في محبته ومرضاته" ونجد عجباً أن التي يسلط عليها شيء بعد هذه المحنة تخرج بمنح عظيمة من الله فتبدأ ماذا يحدث معي؟ وتبدأ مباشرة في الذكر وفهم كلام الله والاستشفاء بكلام الله، وتنتقل من دكتور لدكتور، لكن أطباء البشر لا يجدوا عندها شيء كل الأبواب سدت إلا باب الله، فهناك حكمة أن يحصل لك شيء مكروه ليوصلك إلى شيء أحب ما يكون، ولذلك حفت الجنة بالمكاره، -ولكن نسأل الله العفو والعافية- نسأل الله ألا يحملنا من الاختبارات إلا ما نطيق لأننا فعلاً ضعاف.

·      وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وهو الحكيم الذي له الحُكم" -معنى آخر-

·      قلنا الحكمة وضع الشيء في موضعه المناسب له.

·      ما معنى الحُكم؟ أي هو الذي يحكم، هذا يصلح أو لا يصلح؟ هذا حلال أو حرام؟ هذا تفعليه أو لا تفعليه؟ فيجب عدم الأخذ بحكم غير حكم الله.

·      هل نحن نرجع لغير حكم الله؟ يقول ابن القيم: "الحكيم الذي له الحكم فالحكم لله العلي الكبير"، الحكيم الذي له الحكم ما معنى الذي له الحكم؟

·      ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٦٥[النساء:65] فإذا اختلفنا نذهب لكتاب لله جل وعلا ونحتكم إليه، لأن الله هو الذي خلقني وخلقك، وهو الذي يعلم مصلحتي ومصلحتك.

·     وجه اقتران اسم الله الحكيم بالعليم أو العزيز: يبين ابن القيم رحمه الله تعالى وجه قرن الله اسمه الحكيم واسمه العزيز أو العليم فقال: "يقرن سبحانه في كتابه بين اسمه الحكيم واسمه العليم تارة وبين اسمه العزيز تارة اخرى، كقوله في سورة النساء ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وفي سورة البقرة اربعة وعشرين ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[البقرة:228]

·      وقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا[النساء:158]

·      وقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا[النساء:17]

·     وقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ٦[النمل:6]

·      والآن ملخص معاني اسم الله الحكيم:

·      "هي إصابة الصواب في القول والعمل".

·      "أنه يعطي كل أحد ما يستحقه".

·      "الذي إذا أمر بأمر كان المأمور به حَسناً في نفسه".

·      لا يضع الشيء إلا في موضعه.

·      "فهو المحسن الجواد الحكيم العدل في خلقه، وفي كل ما وضعه في محله وهيّأه له"

·      "الحكيم الباهر الحكمة" بمعنى أن حكمة الله لابد أن تلفت نظرك "هو الذي يحصل أحب الأمرين إليه باحتمال المكروه الذي يبغضه ويسخطه إذا كان طريقاً إلى ذلك المحبوب".

·      نتوقف هنا ونستكمل حديثنا مع معاني اسم الله الحكيم اللهم فهمنا عنك ما تحب وترضي.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله الا أنت، نستغفرك ونتوب اليك.

🌹الأستاذة أمنية بنت محمد🌹


تعليقات